بدأت أزمة أوكرانيا الجديدة تأخذ خطوات ملموسة وجدية، وذلك بعد أيام من التصريحات المتبادلة بين مسؤولين غربيين وروسيين، وقمة الرئيسين الروسي والأمريكي التي لم تصل إلى نتيجة غير تقديم كل طرف لطلباته إلى الطرف الآخر.
الروس يريدون إبعاد الناتو عن حدوده من خلال اقتحام الحدود المقابلة للدولة المصطفة مؤخرا بجوار الغرب، وتريد ضمانة عدم نشر قوات أو أسلحة هجومية على حدودها، والأمريكيون يلوحون بعقوبات غير مسبوقة، لكن من مرحلة التصريحات فقد دخلت الأزمة مرحلة الفعل اليوم.
أزمة أوكرانيا تبدأ فعليا؟
واشنطن أعلنت اليوم نيتها إرسال أسلحة خفيفة إلى أوكرانيا لكنها أشارت إلى انها تستبعد حاليا نشر قوات هناك، لكن روسيا التي نفت نيتها الغزو، أفعالها لا تبدو مشابهة لأقوالها.
وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية جون كيربي أن أوكرانيا ستتلقى هذا الأسبوع أسلحة خفيفة وذخيرة أمريكية، ضمن حزمة مساعدات عسكرية كانت قد أقرت سابقا، مضيفا في مؤتمر صحفي ان الولايات المتحدة لم تبلغ بعد مرحلة نشر مزيد من القوات الأمريكية والعتاد لتعزيز حلفاء واشنطن ودعمهم في مواجهة روسيا.
القوات الروسية بالآلاف المتمركزة عند الحدود مع اوكرانيا، تبعتها تحرك قوات روسية أخرى باتجاه أوكرانيا وفقا لصور التقطت بالأقمار الصناعية، بحسب تقارير غربية.
وقالت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية اليوم الخميس، أن صور الأقمار الصناعية أظهرت تحرك قوات روسية تجاه أوكرانيا من مناطق بعيدة مثل سيبيريا، مؤكدا أن الهجوم الروسي قد يشمل ما يصل إلى 175 ألف جندي وفق تحليل استخباراتي أمريكي.
من جانبها نقلت نيويورك تايمز عن رئيس الاستخبارات الأوكرانية قوله أنه لا توجد موارد كافية لصد هجوم روسي واسع دون دعم قوات غربية، وعن مسؤولين في وزارة الدفاع الأمريكية قولهم أنه يوجد أكثر من 150 مستشار عسكري أمريكيا في أوكرانيا، مؤكدا أن 12 دولة في حلف الناتو أيضا لديهم مستشارون عسكريون في أوكرانيا.
من جانبه قال رئيس هيئة الأركان الروسي فاليري غيراسموف ان نشاط الناتو العسكري عند حدود روسيا تزايد بشكل واضح، مؤكدا أن تدهور نظام الرقابة على التسلح يؤثر على الأمن الإقليمي والعالمي، لكنه نفى في الوقت نفسه تحضير بلاده لغزو أوكرانيا عسكريا، مؤكدا ان تلك المعلومات “كاذبة”، مشيرا إلى ان قدرات قوات الإنزال الجوي تزيد من بؤر التوترات قرب الحدود.
وقال الرئيس الروسي في مؤتمر صحفي مع رئيس وزراء اليونان أمس الأربعاء، أن بلاده تأمل في أن تلقى مخاوف موسكو هذه المرة آذانا صاغية من جانب الناتو، مؤكدا انه يعتقد أن أوكرانيا قد تنشر أسلحة إضافية في حال انضمت للناتو.
من جهته قال وزير خارجية أوكرانيا دميترو كوليبا أنهم يأملون في ان بوتين لا يرغب في الحرب لأنها ستؤدي لآلاف القتلى في صفوف الجيش الروسي، مضيفا أنهم لا يريدون أن يحارب الناتو إلى جانبهم بل العمل لتعزيز قدراتهم العسكرية.
وحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية الأميركية، أجرى وزيرها أنتوني بلينكن اتصالا هاتفيا مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) ينس ستولتنبرغ، تناول معه فيه التصعيد الروسي ضد أوكرانيا.
وأوضح البيان أن المسؤولين ناقشا قمة بايدن وبوتين، وخيارات الناتو ردا على العدوان الروسي المتصاعد ضد أوكرانيا.
الخارجية الأمريكية بدورها أصدرت بيانا أكدت فيه أن أنتوني بلينكن أجرى مباحثات مع رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال حيث كرر بلينكن وميشال دعم أمريكا والاتحاد الأوروبي لسيادة أوكرانيا واستقلالها وسلامة أراضيها، كما شاركا المخاوف حول حشد روسيا العسكري على الحدود الأوكرانية مؤكدين على أنه من الأفضل لموسكو خفض التصعيد والعودة للدبلوماسية لحل صراع دونباس بما في ذلك تنفيذ اتفاقية مينسك كاملا.
وأكد البيان على أن بلينكن وميشال شددا على الثمن السريع والجاد الذي ستدفعه روسيا في حال صعدت ضد أوكرانيا.
وأصدرت الأركان الأمريكية العامة بيانا شددت فيه على أن رئيس الأركان الجنرال مارك ميلي تحدث مع نظيريه الفرنسي تييري بوركارد والبولندي راجموند أندرزيجاك، بشكل منفصل، ليناقشوا المصالح المشتركة والتقييمات للبيئة الأمنية في اوروبا الشرقية مؤكدين على أن بولندا حليف قوي ملتزم بجهود الردع والدفاع للناتو في اوروبا وفي جميع أنحاء العالم.
كما أكد البيان على التحالف طويل الأمد بين الجيش الفرنسي والأمريكي، ودورهما الحاسم في الحفاظ على الأمن ولاسلام والاستقرار في أوروبا ومناطق اخرى في العالم.
تفاصيل جديدة من قمة أوكرانيا
أعلن الكرملين في بيان له أن الرئيسين الروسي ونظيره الأمريكي وافقا على بحث مسألة الضمانات الأمنية مع دول أخرى.
وأعلن البيت الأبيض بدوره في بيان صادر أمس الأربعاء، أن بايدن سيطلع قادة 9 دول في شرق أوروبا من أعضاء الناتو على نتائج المباحثة المعلقة التي عقدها مع بوتين، موضحا أنه سيستمع لآراء زعماء دول مجموعة بوخارست حول الوضع الحالي وسيؤكد التزام أمريكي بالأمن عبر الأطلسي.
ودول مجموعة بوخارست هي بلغاريا والتشيك وإستونيا والمجر ولاتفيا وليتوانيا وبولندا ورومانيا وسلوفاكيا وكلها أعضاء في حلف الناتو.
ولا يزال الضغط الدبلوماسي الغربي مستمر مع تصريحات المستشار الألماني الجديد أولاف شولتز، حيث حذر من عواقب خط أنابيب نورد ستريم 2، وبسؤاله سؤاله عما إذا كان مستعدا لاستخدام أنبوب الغاز كورقة ضغط على موسكو في حال غزت أوكرانيا أكد شولتز أن موقف ألمانيا واضح حيث يريدون أن تكون حرمة الحدود محترمة من جانب الجميع وأن يفهم الأطراف انه إن لم يحدث ذلك فستكون هناك ردود.
وكان البيت الأبيض قد أكد سابقا بعد اللقاء مع بوتين ان وقف خط الغاز مع ألمانيا سيكون خيارا ضمن رد اقتصادي رادع ضد موسكو في حال غزت أوكرانيا.
كما أكدت الخارجية الفرنسية في بيان لها ان روسيا ستواجه عواقب وخيمة على المستوى الاستراتيجي إذا غزت الدولة الحليفة للغرب.
وحذرت وزيرة الخارجية البريطانية أمس من غزو روسيا لأوكرانيا، مؤكدة أنه سيكون بمثابة خطأ استراتيجي، مؤكدة أن لندن تقف إلى جانب كييف في مواجهة هذا العدوان.
موضوعات تهمك: