بقلم: هناء درويش
مما لا شك فيه أن تعيين مفتي للسوريين في المناطق الخارجة عن سيطرة نظام الأسد وفي بلاد الشتات أمر مهم وأساسي.
ويحتاج الأمر لأن يتواجد من يحل مشاكل السوريين في هذا المنصب منذ أعوام وليس الآن كنوع من استرداد مؤسسات الدولة من النظام.
لكن تعيين المفتي بهذه الطريقة (كردة فعل) على عزل مفتي نظام الأسد، يوحي بشكل أو بآخر، وكأننا كنا نعترف به كمفتي والآن وقعنا في فراغ شرعي وديني وكان لا بد من سد هذا الفراغ.
رد الفعل هذا قد يوقع من أقدم علي اتخاذ الخطوة رغم رمزيتها في متاهات التمثيل والإدارة الواقعية للقرار، وكيفية عمل هذه المؤسسة في ظل الشتات الذي يعيشه السوريون.
لو بحثنا في الإجراءات والخطوات التي اتخذتها وتتخذها المعارضة على مر السنوات العشر الماضية لوجدناها في معظمها عبارة عن ردات فعل لفعل يقوم به النظام أو بعض الأطياف الأخرى، مما يجعل النظام يسبقها دوماً بخطوات فتظهر ردود فعلها باهتة وضعيفة.
بالرغم من أن المعارضة السورية فيها الكثير من الشخصيات المفكرة والواعية والمثقفة والأكاديمية إلا أنها حتى الآن غير قادرة على الإمساك بزمام أي مبادرة، والذهاب بعيداَ في خارطة طريق حقيقية، بالرغم من إنشاء مؤسسات سياسية بديلة إلا انها لم تستطع ان تثبت فاعليتها الحقيقية على الأرض وهو ما يدفعنا للتساؤل عن خطوة تعيين مفتي عام لسوريا، دائماً يكون ما تقوم به المعارضة ردة فعل لا أكثر:
ــ النظام عزل مفتي الجمهورية نقوم بتعيين مفتي جمهورية جديد
ــ الائتلاف يقوم بسقطة كبيرة من خلال إعلان تشكيل هيئة عليا للانتخابات ثم يتراجع عنها بعد أن قُرئت على انها تحضيراً للمشاركة في انتخابات النظام، ننتفض ضده ونجتمع لمنعه.
ــ بعض الدول العربية تبدأ بإعادة علاقتها مع النظام وإعادته لمقعده في الجامعة العربية نشجب ونندد ونستنكر هذا الفعل ونبدأ حينها فقط بمخاطبة هذه الدول.
وشعارنا دائماً أن تصل متأخراً خير من ألاتصل.
ألا يحق لهذا الشعب المنكوب أن تصل هذه المعارضة التي تمثله ولو لمرة واحدة باكراً؟
أليس من حقه علينا ومن واجبنا اتجاه دماء الشهداء وعذابات المعتقلين ومعاناة المهجرين أن تبادر ولو مرة واحدة معارضتنا الموقرة وتتخذ خطوة استباقية تفاجىء بها النظام وتضطره أن يكون هو ردة الفعل؟
للأمانة وللتاريخ أقول المرة الأولى وتكاد تكون الوحيدة التي بادر بها الشعب السوري عندما قام أطفاله وشبابه والبسطاء فيه ونادوا يا حرية وأعلنوها ثورة على الظلم والطغيان وخرجوا فيها على هذه السلطة حينها كان الشعب يمسك بزمام المبادرة التي جعلت النظام مرتبكاً ومهزوزاً، ولن نعجز على أن نعيدها ونستمر بها ضد أي ظلم نتعرض له في أي بقعة على وجه الأرض.
ولعل من المفيد السؤال هنا.
هل انتظار النظام ليقوم بخطوة ما، لنقوة بالرد عليها هو فعل يأتي بجدوى؟ في ثورة دفع فيها السوريون الكثير من أبناءهم ثمناً لطلبهم الحرية.
بالعودة لقرار تعيين مفتي عام للجمهورية، هل درس القائمون عليها ردود الفعل الدولية!
هل قرؤوا تأثيرها على قرار النظام بتوسيع المجلس الفقهي، وماهي الرسالة التي أرادها من خلال ذلك، إذا كانوا قد فعلوا ذلك، فنحن بانتظار نتائج هذه الخطوة، ونأمل بأن تكون بالاتجاه الصحيح.
موضوعات تهمك: