خذلان الداخل والخارج هو السلاح الوحيد الذي لا يعدمه العدو والعتاد الأنجع في جعبته.
أزمات الكيان الصهيوني السياسية والاجتماعية وتراجع مؤسساته ونظامه السياسي تجعل الاتجاه يأتي في الصالح الفلسطيني.
مستقبل الصراع العربي الإسرائيلي وإن أحاطته إحباطات الوضع العربي حالياً إلا أن التعويل على تراجع المقاومة وأدواتها لا يستقيم مع الواقع ميدانيا.
ولو أن هناك وحدة فلسطينية بأدنى صورها ودعماً عربياً أو توقف عن دعم العدو لتحقق للفلسطينيين ما تحقق للإيرلنديين حين أسسوا جمهوريتهم على الجزء الأكبر من جزيرتهم.
* * *
بقلم: ماجد محمد الأنصاري
خلال العقدين الأخيرين وبشكل متسارع تحولت حماس من حركة مسلحة مقاومة إلى سلطة حكومية في غزة، هذا التحول رافقه الكثير من المنعطفات المهمة في مسيرة الحركة التي قادت المقاومة المسلحة لسنوات عديدة، وعلى الرغم من الحديث المتزايد حول قبول الغرب التعامل مع حماس إلا أن كل منعطف يثبت أن السبيل الوحيد للحصول على قبول غربي هو إلقاء السلاح وتمكين الاحتلال.
في لندن وفي إطار التسويق الذاتي عملت برتي باتيل، وزيرة الداخلية المحافظة، على تصنيف حماس كجماعة إرهابية، الأمر الذي طرح مراراً في مرات سابقة ولكنه كان يفشل بعد المداولات البرلمانية، هذه المرة تمكنت باتيل من تمرير التصنيف الذي سيمثل عذراً لاستهداف المؤسسات والشخصيات الفلسطينية العديدة العاملة هناك.
كما سيضع لندن في موقع الشرطي لأمن إسرائيل عبر متابعة منتسبي الحركة وذويهم والناشطين الفلسطينيين بشكل عام، هذا التحول هو نتيجة لسعي الوزيرة نفسها ذات النفس العنصري اليميني، رغم أنها من أقلية مهاجرة، ويمكن تصنيفه في إطار محاولتها تعزيز فرصها القيادية في المرحلة القادمة لدى اليمين.
في القدس قام شيخ أربعيني فلسطيني، فادي أبوشخيدم، بعد أن تنكر بزي متدين يهودي بإطلاق النار على عدد من المستوطنين في باب السلسلة ليردي أحدهم قتيلاً ويصيب ثلاثة آخرين بجروح.
هذه العملية التي تبنتها حركة حماس وباركتها الفصائل الفلسطينية تعيد إلى الأذهان العمليات التي كانت تهز أركان الكيان إبان الانتفاضة الثانية بين عامي 2000 و2005،.
في تلك العمليات كان المقاومون الفلسطينيون يتوغلون في الداخل الإسرائيلي ويثيرون الرعب في مدن الكيان وكانت مصدر القلق الأول لقادة الكيان ومقياس النجاح والفشل للحكومات الأمنية المتعاقبة.
التعنت الإسرائيلي تجاه الفلسطينيين، وحماس تحديداً، منذ الانسحاب الأحادي من غزة والحروب المستمرة على القطاع المحاصر لم يكن لها من نتيجة سوى استمرار المقاومة وتعزيز أشكالها والعودة إلا العمليات التي تستهدف المستوطنين بشكل مباشر.
مستقبل الصراع العربي الإسرائيلي وإن رسمت صورته إحباطات وإكراهات الوضع العربي حالياً إلا أن التعويل على تراجع المقاومة وأدواتها لا يستقيم مع ما نراه ميدانياً، وإذا ما أضفنا إلى ذلك أزمات الكيان الصهيوني السياسية والاجتماعية وتراجع مؤسساته ونظامه السياسي فإن الاتجاه يأتي في الصالح الفلسطيني.
ولو أن هناك وحدة فلسطينية ولو بأدنى صورها ودعماً عربياً أو على الأقل توقف عن دعم العدو في بعض الأحيان لتحقق للفلسطينيين ما تحقق للأيرلنديين حين أسسوا جمهوريتهم على الجزء الأكبر من جزيرتهم، لكن خذلان الداخل والخارج هو السلاح الوحيد الذي لا يعدمه العدو، والعتاد الأنجع في جعبته.
* د. ماجد محمد الأنصاري أستاذ الاجتماع السياسي المساعد بجامعة قطر.
المصدر| الشرق
موضوعات تهمك: