لو كان النظام العالمي (جدلا) بريء من كورونا رغم أنها لا تجتاح العالم بغير سبب أو سوء فعل فكورونا تُعتبر تاج خزي على رأس النظام العالمي.
أسباب كورونا واضحة تماما لكننا ندفن رؤوسنا بالرمال فالمدنية الحديثة بماديتها وإلحادها جلبت فيروسات فناء لكل ما تعتمد عليه الحياة في الدنيا ابتداء من الدين.
أول خطوات مواجهة كورونا الانسلاخ من ربقة النظام العالمي فظروفها تتيح الفرصة للانسلاخ بدعوى المقاومة الذاتية التي تأتي بقيادة التوجه إلى الله سبحانه.
* * *
بقلم: محمد سعيد عبدالمؤمن
عندما تقوم منظمة باغتيال أو مذبحة تعلن عن نفسها، وعندما يتنكر النظام العالمي لكورونا، نسير وراءه في مواجهة كورونا. إن اعتراف المنظمة بما ارتكبته دليل على إعلانها عن حقها في ارتكاب هذا العمل وقدرتها على تحمل تداعياته.
في حين أن كورونا التي أصابت العالم كله لم يكن لدى نظامه العالمي الجرأة على الاعتراف بأنه سببها، ولا بقدرته على مواجهتها، بل يؤكد في بياناته بعدد الضحايا أنه عاجز عن مقاومتها.
لو سلمنا جدلا، وهذا غير صحيح، بأن النظام العالمي بريء من كورونا، رغم أن كورونا لم تسيطر على العالم بغير سبب أو محرض أو سوء فعل، فإن كورونا تُعتبر تاج خزي على رأس النظام العالمي.
إن أسباب كورونا واضحة تماما، ولكننا نضع رؤوسنا في الرمال كالنعام، فالمدنية الحديثة بفكرها المادي الإلحادي قد حملت معها كل الفيروسات القاتلة لكل ما تعتمد عليه الحياة في الدنيا، ابتداء من الدين!
ثم التوجه الصحيح، فالفكر الصحيح، فالمشرب الصحيح، فالتعليم الصحيح، فالعمل الصحيح، فالعلاج الصحيح، فالهواء النقي، فالمسكن الصحيح، فالغذاء الصحيح، أي كل ما يضمن للإنسان الحياة الصحيحة.
عبثت المدنية الحديثة في ما فوق طاقتها، فطمحت في ما لا تقدر على استيعابه، رفضت القناعة وسارت وراء الخيال، رفضت السكينة والطمأنينة وسارت وراء المال، رفضت الأمن والأمان وسارت وراء الإمعان في نشر السلاح المدمر.
نشرت مقولة: لا تعلموا أبناء السفلة! وأنشأت المدارس والجامعات التي لا تعي مغزى التعليم الصحيح، واحتضنت فكر النظام العالمي، حرصا على استمراره وجبروته، ثم وصمت التعليم والثقافة بالانحطاط نتيجة لتعليم السفلة!
والعجيب هو تعريف النظام العالمي للسفلة! السفلة عند النظام العالمي تعني الطبقة الدنيا من المجتمع، أو أبناء الأميين والجهلة، أو من ليست لهم أخلاقيات النظام!
ولكن الحق أن هذه التعريفات تتناقض مع مبادئ حقوق الإنسان التي يتشدق بها النظام العالمي دون أن يراعيها في سياساته، كما أنها تتناقض مع رسالة الأنبياء.
……
المفروض أن التعليم يهذب الأخلاق، ومن ثم فالسفلة بأي تعريف هم الأولى بالتعليم! وإهمال الدين إهمال للتعليم، فالمفروض أن العبادة تعليم، ومن لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فلا صلاة له! من حق من ساءت أخلاقه أن يتعلم حتى يبرأ، بل هو الأولى بالتعليم.
من قصده الله سبحانه تعالى بالخطاب أصحاب الخلق أم السفلة في قوله: {واتقوا الله ويعلمكم الله}؟! لا تفرقة في التعليم بين علية القوم والسفلة، لكن المعلم (بتعريف النظام العالمي) هو الذي لا ينبغي أن لا يكون من السفلة.
إن أولى الناس بالتصدي ومواجهة كورونا هو المعلم الذي نشأ فقيرا، ولم يتاجر بالعلم ليثري، هو من يقدم السهل الممتنع بتيسير ما درس من علوم لتلامذته، الذين يشعر بمعاناتهم، فهو وحده الذي يستطيع أن يوجه تلامذته والمجتمع من خلالهم إلى كيفية القضاء على كورونا.
كورونا في نظر أصحّاء التوجه والفكر امتحان يجب النجاح فيه، وإن أول خطوات النجاح هو الانسلاخ من توجيه النظام العالمي، فظروف كورونا تعطي الفرصة لهذا الانسلاخ بدعوى المقاومة الذاتية، هذه المقاومة الذاتية تأتي بقيادة التوجه إلى الله.
والسير في طريقه الصحيح في التقوى والعلم والعمل، وتعليمه مفتوح للجميع، وفي كل التخصصات التي يمكن أن توجد في الدنيا، فهو من خلقها، وهو من يعرف كيفية الحصول عليها، ومعنى التقدم والنجاح فيها.
ألا هل بلغت اللهم فاشهد.
* د. محمد السعيد عبد المؤمن أستاذ الدراسات الإيرانية بجامعة عين شمس.
المصدر| محمد سعيد عبدالمؤمن
موضوعات تهمك: