هل تجاوز عدد الدول الفاشلة عربياً عدد الدول الفعالة؟

الساعة 251 أكتوبر 2018آخر تحديث :
لم يكن
  • إلى متى ستتحمل المنطقة بكياناتها السياسية هذا التنامي في حالة الفشل؟ 
  • ماذا يحدث إذا استمر هذا التصاعد في فشل الدول العربية؟
  • الخليج اليوم مهدد في ظل اقتراب حالات الفشل السياسي من حدوده.
  •  الملايين التي لا تتوفر لها حياة إنسانية طبيعية هي سلاح نووي فتاك لمستقبل المنطقة.
  •  حكومات المنطقة غير قادرة على التعامل مع الأزمات السياسية والاقتصادية بشكل ناجع.

محيط من الفشل

بقلم: ماجد الأنصاري

يستخدم السياسيون والمختصون في مجالات العلوم السياسية والاقتصاد والتنمية بشكل متنام مصطلح “الدول الفاشلة”، وهو مصطلح يختلف بشكل كبير في تعريفه، فبين من يستخدمه لوصف حالة الانهيار الكاملة والحرب الأهلية ومن يربطه بالقرب أو البعد عن المقاييس الديموقراطية للحوكمة.

وبكل حال فإن الجميع يتفق على أمر بسيط، الدول يمكن أن توصف بأنها فاشلة إذا لم ينطبق عليها مقياس ابتدعه ماكس ويبر في تعريفه للدولة وهو “احتكار الاستخدام المشروع للقوة”، وبالتالي حين تفقد الدولة قدرتها على تنظيم “استخدام القوم” بشكل شامل تفشل في أداء مهمتها الأساسية.

هناك مقاييس عديدة تم تطويرها عالمياً لقياس “فشل” الدولة، على رأسها تصنيف وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية لانعدام الاستقرار السياسي، هذا المقياس يعتبر ناجحاً في تحديد الدول الفاشلة.

لكنه لا يمثل أداة جيدة في تحديد الدول التي تتجه للفشل أو الفاشلة جزئياً، حيث يعتمد على مقاييس لقدرة الدولة على ممارسة أدوارها بشكل كامل، هناك كذلك مقياس الدول الهشة الذي يصدره صندوق السلام الأمريكي، والذي يوظف عددا كبيرا من المعايير التي تشمل النخب المتشظية والقدرات الأمنية للدولة والأداء الاقتصادي وشرعية الدولة واحترام حقوق الإنسان وغيرها.

مشكلة هذا التصنيف أنه متحيز لما يسمى “الشمال العالمي” أو الغرب بمعنى آخر؛ لأنه يلتزم بمقاييس الليبرالية الديموقراطية في تحديد فشل الدولة أو نجاحها، وكل المقاييس الموجودة تتفق على معيار أساسي وهو قدرة الحكومة المركزية على فرض الأمن وتطبيق القانون وتقديم الخدمات الرئيسية للمواطنين، وفي كل هذه المقاييس، فإن ذيل القائمة يتمتع خلال السنوات الأخيرة بعضوية عربية كبيرة.

في عالمنا العربي ومحيطه، هناك عدد كبير من الدول التي تصنف على أنها فاشلة، على رأسها سوريا والصومال اليمن والعراق وليبيا، ولكن هناك دول أخرى مرشحة للفشل حسب ذات المعايير مثل لبنان والسودان، وبالتالي ربما نجد خلال سنوات قليلة أن عدد الدول الفاشلة عربياً يساوي أو يزيد على الدول الفعالة!

والسؤال هنا هو، ماذا يحدث إذا استمر هذا التصاعد في فشل الدول العربية؟

المشكلة الرئيسية تكمن في التضخم الكبير في عدد اللاجئين والكتلة البشرية الضخمة من البشر الذين لا تتوفر لهم الخدمات الرئيسية، بالإضافة إلى انتشار السلاح مع فقدان الدول الفاشلة القدرة على ضبط استخدام القوة، هذه الملايين التي تفقد حقوقها الرئيسية ولا تتوفر لها حياة إنسانية طبيعية هي عبارة عن سلاح نووي فتاك لمستقبل المنطقة.

لذلك لا بد أن نسأل اليوم، إلى متى ستتحمل المنطقة بكياناتها السياسية هذا التنامي في حالة الفشل؟

بدأ الفشل يشق طريقه اليوم إلى واحات الاستقرار في منطقتنا، فحتى الخليج اليوم مهدد في ظل اقتراب حالات الفشل السياسي من حدوده وعدم مقدرة حكوماته على التعامل مع الأزمات السياسية أو الاقتصادية بشكل ناجع، وبالتالي لن يكون أحد محصناً من عدوى الفشل التي تجتاح عالمنا.

وليس من حل لهذا الفشل سوى التنمية عبر البرامج الدولية والإقليمية التي تضمن تحسن حالة الدول الفاشلة تدريجياً وتقديم الخدمات الأساسية وخاصة التعليم والصحة لأبناء هذه المجتمعات التي مزقتها الحروب.

ليس هذا سهلاً في ظل تنامي الحروب الأهلية والنزاعات بين الداعمين والراعين الدوليين، ولكن لو كان هناك من يهمه مستقبل المنطقة، فلا بد من وقفة جادة، يجب أن يضع قادة المنطقة نصب أعينهم هدفاً واضحاً، وهو أن نصل إلى مرحلة لا يكون فيها في ذيل مقاييس فشل الدول دولة عربية واحدة، وإلا سنكون جميعاً نزلاء في أسفل القائمة.

* د. ماجد محمد الأنصاري أستاذ الأجتماع السياسي بجامعة قطر.

المصدر: صحيفة «الشرق» القطرية

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة