يسعى موقع “الساعة 25” لنشر ما كان يدور إبان الثورة السورية من نقاشات وحواراتنا مع اههم المفكرين والساسة بالإضافة لأهم ما كان ينشر في الصحف ووسائل الإعلام وقتها، لأهمية فهم ما كان يدور في ذلك الوقت.
في لقاء لقناة فرانس 24 مع “معاون وزير النفط سابقاً عبدو حسام الدين”، المنشق عن النظام السوري مؤخراً، وهو أرفع شخصية سياسية تنشق عن نظام الأسد حتى الآن، كان هذا الحوار:
-
السيد عبده حسام الدين، بعد ثلاثة وثلاثين عاماً من خدمة هذا النظام، وعام على الثورة، وما يقارب عشرة آلاق قتيل في سوريا، لماذا قررتم الانشقاق الآن عن نظام الأسد؟
– في الحقيقة ليس من السهل الانشقاق مباشرة لأسباب كثيرة، فكما قلت: خدمة ثلاثة وثلاثين عاماً في الدولة، ليس من السهل أن يرميها الإنسان خلفه؛ لأن هذا يعني أن يتخلى عن كل شيء، إضافة إلى أن العائلة سوف تتأثر ومصالحه وراتبه، وكل القضايا المتعلقة بالمعيشة. وأمر آخر أن الحراك كان سلمياً والثورة في بدايتها، ثم اشتدت وتصاعدت إلى أن أصبحت ثورة عارمة، ولكن بطش النظام ازداد كثيراً، وخاصة بعد الفيتو الروسي الصيني، وأصبح المعدل اليومي للشهداء بعد أن كان ثلاثين إلى أربعين، ارتفع إلى ما فوق المائة، إضافة إلى تدمير مدن بكاملها، ولا أخفيك أنني مثل جميع المسؤولين السوريين السابقين والحاليين ممنوعون من السفر، وبالتالي فأي انشقاق يجب أن يؤمن المسؤول عائلته قبله، وإلا فسيكون المصير سيئاً جداً. -
بحكم عملك كمعاون سابق لوزير النفط، وعلى ضوء العقوبات التي صدرت عن الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة الأمريكية ضد نظام الأسد، إلى أي حد أثرت هذه العقوبات على النظام في سوريا؟
– من المؤكد أن الاقتصاد السوري قد تأثر بالعقوبات كثيراً، وخاصة العقوبات الأوربية، أكثر من العقوبات الأمريكية، لسبب مباشر وهو أن أول عقوبات فرضت على عوائد النفط، وبالتالي لم يعد هناك موارد تأتي للدولة من النفظ مباشرة، إضافة إلى تأثر البنوك، إذ أصبح من المتعذر فتح الاعتمادات المستندية المتعلقة بجميع أنواع الشراء أو المبيعات أو غيرها، وذلك أثر كثيراً، أيضاً تأثرت العملة السورية، فقد أصبح سعر الليرة مقابل الدولار 100 ليرة، بعد أن كانت 47 ليرة، ما يعني انخفاضاً كبيراً في سعر الليرة، وهو ما أثر على المواطن مباشرة، وأثر على دخل الدولة، لا يوجد حالياً أية موارد في الدولة، السياحة معطلة بالكامل، الاقتصاد معطل بالكامل، الصناعة معطلة، والزراعة معطلة، والنفط أيضاً ليس له أي مردود، ولا يوجد ضرائب في الدولة، وبالتالي الاقتصاد منهار بشكل كبير، بل بإمكاني أن أقول بأن هناك قضايا رئيسية تحتاج إليها الدولة ليس لديها تمويل كافٍ. -
كيف كانت تتم إدارة النفط في سوريا، وخاصة الدخل المالي لوزارة النفط في سوريا، من كان يديرها فعلياً؟
– الوزارة مسؤولة عن أعمالها، ولكن الدخل يذهب إلى وزارة المالية ضمن الموازنة العامة، كي يستثمر في مجالات متنوعة، ولكن في الآونة الأخيرة، ومنذ شهر أيلول الماضي مع العقوبات الأوربية، لم يعد هناك أي دخل من وزارة النفط، مما أدى إلى تردي الوضع الاقتصادي كثيراً، وحتى وزارة النفط لم تعد تستطيع شراء المشتقات النفطية التي تحتاجها لصالح الدولة. -
هل هذا بالرغم من الدعم الإيراني المعلن للنظام السوري؟
– نعم بالرغم من ذلك؛ لأن الدعم الإيراني ربما يذهب إلى قضايا أخرى مثل السلاح والدعم العسكري أكثر من الدعم الاقتصادي. -
كيف يمكن تأكيد الدعم الإيراني للنظام السوري؟
– كان هناك لجنة على أعلى المستويات، ويتابعها رأس النظام، ويشارك فيها مجموعة من رجال الدولة للتنسيق المباشر مع إيران في هذه القضايا. -
النظام السوري متهم بجرائم ضد الإنسانية، وهذا توجه دولي بدأنا نسمعه من كبار المسؤولين من دول العالم. هل هناك أدلة على هذه الجرائم؟
– الأدلة كثيرة جداً وأكثر من تحصى، وما يظهر على القنوات الحقيقة هو واحد في المائة مما يحصل على الأرض، يعني البارحة رأيت أحد الأشخاص أصيبت ساقاه بكسور وحروق جراء القصف، وقد وضعوا في أرجله المسامير لتثبيت الكسور، ووضعوا علب البيبسي ليمنعوا النزيف، وهذه حالة من الحالة الموثقة وقد رأيتها بعيني، وهناك للأسف انتهكت حرمات في الآونة الأخيرة، وخاصة في بابا عمرو، أحد الأشخاص سرد لي عن 24 امرأة اغتصبت وهو شاهد، وهناك عشرات المجازر يعجز اللسان عن وصفها. -
الرئيس الأسد يقول في إحدى حواراته على الفضائيات، بأنه لا يوجد رئيس يعطي أوامر بقتل شعبه، من يصدر الأوامر في سوريا؟
– الرئيس هو الذي يصدر الأوامر. لدي صديق وهو مستشار للقصر ومستشار للرئيس، قال لي في إحدى المرات بأن الرئيس يأتي يومياً منذ الصباح ويتابع كل صغيرة وكبيرة بنفسه، وهو الذي يعطي الأوامر وهو المسؤول تجاه الشعب وتجاه ما يحصل من جرائم في هذا البلد. -
ولكن النظام يقول إن هناك مجموعات للقاعدة هي التي تقوم بأعمال إرهابية داخل سوريا، ومجموعات سوريا داخل حمص وإدلب وغيرها، ما حقيقة وجود تنظيم القاعدة في سوريا بعد قيام الثورة السورية؟
– لا يوجد تنظيم للقاعدة في سوريا، وأنا خلال الفترة السابقة اختلطت بكثير من عناصر الجيش الحر، ورأيت كيف يعيشون وماذا يفعلون، ولم ألاحظ أبداً بينهم أشخاصاً من القاعدة، وإنما هم أشخاص انشقوا عن الجيش السوري، وأصبحوا يدافعون عن المواطنين، ولم أر أي أحد على الإطلاق له ارتباط بالقاعدة، هذا الحديث ليس صحيحاً؟ -
كيف تنظرون -كمسؤول رفيع في النظام السوري سابقاً- إلى الجيش الحر، وإلى المعارضة السورية عموماً؟
– أولاً الجيش الحر هو عماد الثورة بالتأكيد، ولكن أرى أن العالم متخاذل حتى الآن في دعم هذا الجهاز العسكري الذي ما يزال صغيراً، ويحتاج إلى كثير من السلاح لحماية المواطنين، ويحتاج أيضاً إلى كثير من التنسيق فيما بينه كجهاز تراتبي يستطيع أن يعمل كجيش نظامي، وبكل أسف حتى الآن لا يوجد أسلحة، كلها أسلحة فردية بسيطة يدافع بها، ومع ذلك هو متواجد على الأرض في كثير من المناطق، ولا يستطيع النظام دخول هذه المناطق. أما عن المعارضة السورية وخصوصاً المجلس الوطني في الخارج، فبالتأكيد هو المرآة الخارجية والوجه السياسي للثورة ونعول عليه كثيراً، والشارع السوري لا يزال ينتظر الكثير من هذا المجلس، ونعتقد أنه في الأيام القليلة القادمة سوف نستطيع إيصال رؤية الداخل للمجلس الوطني كي يكون أكثر فاعلية فيما يتعلق بالثورة. -
هل تتخوفون من صفقات سياسية بين النظام والدول الكبرى، لأننا نلاحظ أحياناً مواقف في غاية الصرامة، وأحياناً غير ذلك، يعني لا يوجد أي دعم حقيقي حتى الآن للمعارضة وللشعب السوري، والمعارضة السورية؟
– نعم هذا صحيح، نحن نلاحظ تخاذل المجتمع الدولي، وعدم وجود رؤية واضحة لحل المشاكل في سوريا، والحقيقة كلها على حساب الشعب السوري بالتأكيد، وأنتم سمعتم ورأيتم على القنوات الفضائية كيف أن رئيس الوزراء الإسرائيلي طلب من الرئيس الأمريكي أن يخفف الضغط عن رأس النظام في سوريا، وهذا أحد الأسباب التي أدت إلى تراجع المواقف الدولية، وهناك أسباب أخرى بالتأكيد، وهي أن جميع الدول لها مصالح، وأخشى أن يتم تصفية هذه المصالح على الأرض السورية وعلى حساب الشعب السوري. -
كيف ترون مستقبل سوريا القريب.. انهيار للنظام السوري، حرب أهلية، تدخل عسكري خارجي؟
– أقول بأن الشعب السوري لديه إرادة كبيرة جداً بالرغم من أعمال القتل والعنف الذي يسود، والدبابات التي تجوب الشوارع، والأمن الذي يقتل الناس في كل اتجاه، إلا أن إرادة الشعب السوري قوية جداً، والجيش الحر أيضاً يقوم بواجبه، ولكن -كما أسلفت- الجيش الحر يحتاج إلى سلاح، والنظام منهار سياسياً ومنهار اقتصادياً ومنهار عسكرياً.