هل يُعزل ترامب؟

الساعة 2527 أغسطس 2018آخر تحديث :
هل يُعزل ترامب؟
  • لا يرجح اتجاه الأحداث نحو عزل ترامب لكن واشنطن ستحتاج سنوات لاستعادة عافيتها المؤسسية
  • ترامب شخصية نرجسية وانفعالية يتوقع أن تزداد تصريحاته خشونة وتقل العقلانية في قراراته
  • الرئيس الأمريكي اليوم في وضع لا يحسد عليه لكن حرب هنا أو هناك بإمكانها توفير غطاء لترامب

 

بقلم: ماجد الأنصاري

في مقابلة تلفزيونية أجريت معه بعد إدانة محاميه الخاص ومدير حملته الانتخابية السابق علق الرئيس الأمريكي بأنه لا ينبغي لشخص يقوم بعمل عظيم أن يلاحق بهذا الشكل وأنه لو عزل فستنهار الأسواق وسيصبح الكل فقيراً.

في اليوم التالي، قال محاميه وعمدة نيويورك السابق، روديو جولياني، إن عزل ترامب سيؤدي لأن يثور الشعب. هذه التصريحات تبدو وكأنها صادرة من أركان نظام شمولي على وشك أن يسقط.

وتذكرنا كعرب بشكل كبير بتصريحات القادة المخلوعين إبان الربيع العربي، وفي حقيقة الأمر فلو كان الأمر لترامب لحول واشنطن إلى عاصمة عربية، فكما قال لي باحث أمريكي بعد تولي ترامب الرئاسة بأشهر قليلة “طموح ترامب هو أن يصبح ملكاً عربياً”.

جاءت تصريحات ترامب ومحاميه تلك بعد إصدار محكمتين في الولايات المتحدة أحكامهما في قضيتين ناتجتين عن تحقيقات المحقق الخاص مولر.

بالنسبة لمحامي ترامب الخاص قرر الاعتراف بالذنب أمام المحكمة بعد إبرام صفقة مع الادعاء يقلل فيها من فترة سجنه وتضمنت الصفقة ضمان تعاونه بتقديم معلومات حول ترامب متصلة بالقضية.

بول مانفورت مدير حملة ترامب السابق لم يحالفه الحظ بإبرام صفقة مماثلة وهو يواجه الآن أحكاماً قد تصل إلى ثمانين عاماً خلف القضبان، ولكن ما تأثير كل ذلك على ترامب؟

من غير الوارد أن تتجه الأحداث سريعاً نحو عزل ترامب لسببين:

– السبب الأول هو أن مجلس الشيوخ هو من يتخذ القرار النهائي بعزل الرئيس ولا يتم ذلك إلا بموافقة ثلثي الأعضاء وهذا غير وارد في ظل التشكيلة الحالية أو المرتقبة للمجلس،

– السبب الثاني هو أن السنة بعد القادمة هي سنة انتخابات عامة وبالتالي أمام التحقيقات عام واحد وإلا فإن الكونغرس لن يشرع في إجراءات العزل في سنة انتخابية، ولكن ذلك لا يعني أن ترامب سيتجاوز هذه العاصفة بسلام.

الأضرار الأساسية المتوقعة على الإدارة الأمريكية يمكن تلخيصها في ثلاثة أمور:

أولاً، خسارة مجلس النواب لصالح الديمقراطيين بالإضافة للعديد من المواقع المنتخبة في المجالس المحلية وحكام الولايات وهو ما كان متوقعاً ولكن تطورات تحقيقات مولر ستفاقم الخسارة.

هذا الأمر سيصعب بشكل كبير على الرئيس الأمريكي تمرير أجندته الانتخابية التي ستواجه مصيراً مشابهاً لأجندة أوباما في فترته الثانية حيث عطل الكونغرس معظم القوانين القادمة من البيت الأبيض بما فيها قانون الميزانية ما تسبب في إقفال الحكومية الفيدرالية مرتين.

ثانيًا الهجرة الجماعية المتوقعة من فريقه في حال ضاق الخناق، فبين من يثبت تورطهم في التحقيقات وبين من لا يريد أن يرتبط اسمه بالإدارة مستقبلاً ستختفي الكفاءات سريعاً من حوله وإن كان ترامب يعاني نزيفاً من الكفاءات منذ مدة،

ثالثًا، انشغال الإدارة أكثر وأكثر بالتحقيقات على حساب العمل الحقيقي والمشاريع “الطموحة” لترامب، ومع شخصية ترامب النرجسية والانفعالية يتوقع أن تزداد تصريحاته خشونة وتقل العقلانية في قراراته ما سيعني فوضى شاملة في البيت الأبيض.

الكثير من المراقبين يستبعدون أن يقدم ترامب استقالته كنتيجة لتضييق الخناق عليه ويتوقعون أن يقاوم حتى نهاية فترته هذه، مما يعني أن الشرخ الذي سينتج في الحالة الأمريكية لن يكون بسيطاً.

واشنطن ستحتاج لسنوات عدة حتى تستعيد عافيتها المؤسسية بعد ترامب هذا إن تمكنت من ذلك، لكن السياسة حقل المفاجآت، لا يستبعد أن يحدث كما حدث مع بوش الابن.

فقد أتاحت له أحداث سبتمبر غطاء لتمرير مشاريع غير مدروسة ما زالت الولايات المتحدة تدفع ثمنها في أفغانستان والعراق، حرب هنا أو هناك بإمكانها توفير غطاء مشابه لترامب، ولكن ما لا شك فيه هو أن الرئيس الأمريكي اليوم في وضع لا يحسد عليه.

* د. ماجد محمد الأنصاري أستاذ الاجتماع السياسي بجامعة قطر.

المصدر: صحيفة الشرق القطرية.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة