الثور بن الحمار
كتب: مصطفى حاج بكري
يحكى أن:
حمار عاش في قرية لا يوجد فيها إلا الذكور من صنف الحمير قضى عمره بين اسطبل صاحبه وحقله تارة ينقل المحصول وتارة يحمل اليهم الماء ومرات عديدة يجلبون الحطب على ظهره من الجبل المجاور.. ذكر الحمار هذا لم يشاهد أتان (أنثى الحمار) في حياته ولم يقضِ وطره يوما ما عرف الوصال إلا في خياله الحُمَيَّرِي في احدى جولاته في القرية شاهد بقرة أبا حامد ترعى على البيدر وبالفطرة عرف أنها أنثى وقرر أن يوطأها اقتحم مرعاها وحاول لكنها لم تمكنه من نفسها حاول مرارا وتكرارا كلما سنحت له فرصة مواتية لكنه كان يواجه بالضرب من صاحبه تارة وبتمنع البقرة تارة أخرى وبمواجهة عنيفة من أبا حامد صاحب البقرة عندما يقترب من زريبتها. مرت الأيام وفوجئ القوم في القرية بأن بقرة أبو حامد قد جف حليبها وعرف لاحقا أن بقرته اعشارة (حامل) واستبد القلق بأبي حامد لاثور في القرية كيف عشرت بقرته لاشك أن حمار أبا فاخر قد فعل فعلته في غفلة منهم، ودارت أسئلة عديدة على ألسنة أهل القرية كيف لبقرة أن تحمل من حمار؟ وماهي طبيعة المولود المنتظر؟ وكيف تمكن الحمار من الوصول للبقرة ووطأها؟ عاش أبو حامد فترة حمل بقرته في قلق دائم مضطر لا طعامها رغم أنه لا يستفيد من حليبها ولم يستطع بيعها بعد أن انتشر خبر حملها من حمار ومرت الأيام وولدت البقرة وكانت المفاجئة السارة فقد ولدت عجلا قوي البنية صحيح الجسد رباه أبو حامد في زريبته، ورغم شكله الذي يؤكد أنه من فصيلة البقر لكنه لم يسلم من تنمر أهل القرية الذين كانوا ينعتونه “بابن الحمار” وعندما صار ثورا ضخما باعه أبو حامد لجزار في المدينة فذبحه وبدأ في بيع لحمه لزبائن ملحمته الكثر. لم يمض ساعات قليلة على المباشرة في بيع لحم الثور لزبائن ملحمة المدينة الكبيرة حتى اقتحمت الشرطة وموظفو الصحة المكان واقتادوا صاحب الملحمة بتهمة الغش وبيع لحم الحمير للناس. فوجئ سكان المدينة بإغلاق الملحمة بالشمع الأحمر وتحويل صاحبها إلى المحكمة، الرجل ذو سمعة طيبة ومتجره عريق يقدم أفضل اللحوم الذكية. دافع الرجل عن نفسه أمام القاضي وطلب محاموه إعادة التحاليل التي استند عليه الادعاء في توجيه التهمة لصاحب الملحمة النزيه وسرعان ما استجاب القضاء للطلب وجاءت النتائج عكس ما اشتهى محامي الدفاع “عينة اللحوم التي وصلت إلى المختبر لحم حمير لاشك في ذلك” هكذا قال التقرير المخبري. احتار المحامي المتأكد من براءة موكله وأن التهمة الموجهة له ظالمة .. درس القضية وعرف ملابساتها جاء بصاحب الثور وأدلى بشهادته في المحكمة أتى ببعض زبائن الملحمة وأتت شهادة الكل لصالح صاحب الملحمة وتؤكد أن اللحم المباع هو لحم بقر طري طازج ذكي .. انتقلت الحيرة من المحامي إلى القاضي فشهادة الشهود تخالف التحاليل وتقارير الخبرة التي بين يديه هذه تقول “اللحم لحم حمير” والشهود يقولون “اللحم لحم بقر” ولأنه يريد تقصي الحقيقة كاملة توجه القاضي إلى القرية التي اشترى اللحام الثور منها وتاكد بنفسه من حقيقة ما جرى لقد زار المتهم القرية واشترى ثور أبا حامد وزار القاضي أيضا مسلخ المدينة وتأكد أن اللحم المصادر ذلك اليوم هو لحم الثور ذاته و ممهور بختم المسلخ عرف يقينا أن المتهم برئ وظلت الشكوك تساوره في أمرين مصداقية التقرير المخبري من جهة والأقاويل التي ترددت إلى مسامعه في القرية ” الثور ابن الحمار” من جهة أخرى. ليقطع الشك باليقين أجرى اتصالين مع مختار القرية وطبيب المختبر ووضع يده على الحقيقة كاملة فالثور أتى من علاقة غير طبيعية بين بقرة وحمار وهذا هو السر الذي استعصى على المختبر كشفه ولأنه قاضي عادل فقد كتب في تقريره الأخير الذي يلخص القضية التي أطلق عليها اسم ” الثور ابن الحمار” .. ان صاحب الملحمة بريء من التهمة المنسوبة إلية وثبت بالدليل القاطع أن اللحم عائد لفصيلة الأبقار أما تقرير المختبر فقد كشف حقيقة لها علاقة بالطفرات الوراثية ولا يتضمن تقريرهم تجني على المتهم ولاتزوير للحقائق وأشاد بنزاهة تقريرهم، وكذلك أثنى على المسلخ، وشرطة المدينة، والضابطة الصحية فيها، ولم يوجه لهم أي اتهام، ولم يلقِ على صاحب الثور أية ملامة وختم تقريره بالقول أنها قضية غريبة. جناية لا جاني فيها، ولامجني عليه، أوصي بمعاقبة الناس في المدينة التي لم تعد تفرق بين لحم البقر ولحم الحمير.موضوعات تهمك: