التغريب والإختراق الثقافى الغربى
بقلم: مستشار التحرير … أحمد عزت سليم
أنه على الرغم من العدوان الثقافى الذى الواقع العالمى ورغم الهيمنة الثقافية الأجنبية على وسائلنا الإعلامية ومحتواها ، والتبادل الثقافى غيرالمتكافىْ حيث أن الثقافة أصبحت مجرد سلعة ينطبق عليها من الأحكام ما ينطبق على سواها من السلع المادية وأن مجال المنافسة فى تسويق هذه السلعة بات ضيقا للغاية ولايتسع إلا للقوى التى تمتلك قدرة أدواتية ثقافية أكبر ، والغرب هو الذى يمتلك ذلك الآن ومعها الأنظمة التابعة والعميلة والمجندة لخدمة سياساته وتسويق وترويج أفكاره فى بلدانها ويفند ناصر سليمان السابعى أهداف عولمة الثقافة المتمثلة فيما يلي : ـــ
خدمة السيادة المركزية، والمهنية العالمية، وتوطيد معاني العولمة الاقتصادية والسياسية ، ونقل الحضارة العالمية إلى الشعوب الدنيا …. توحيد الثقافة العالمية، وصهرها في ثقافة واحدة، وإلغاء التعددية الثقافية وحق التنوع الثقافي … نزع الخصوصية الفردية ومحو الهوية الذاتية، ولذلك نرى أن أنصار العولمة لا يعترفون بالهوية الشخصية سواء هوية الفرد الواحد أو المجتمع الواحد أو الدولة الواحدة،تحطيم كل الثوابت الدينية والفكرية والأخلاقية للوصول إلى بناء إنسان هامشي يذوب في بحر المادية ، وما صاحب ذلك من فيض النظام الاقتصادى والتقنى عن حدود الأمة السياسية ونظام الدولة الوطنية والقومية وعلى الحقيقة لاتنطبق هذه الأهداف إلا على الدول المستهدف استعمارها وغزوها فكريا واقتصاديا وجغرافيا وفيما يحقق مسميات الليبرالية الاستعمارية فالفرد الغربى أصولى لا يزال محافظا على وحدة عنصره وهويته وثوابته العقائدية و استتبع هذه السياسات الاستعمارية نتائج من أهمها : ــــ
1 ـ تغريب المواطن عن مجتمعه بدلا من تسهيل مشاركته فى أمورهذا المجتمع .
2 ـ ثقافة الاختراق ونتائجها من حصول ازدواجية وانشطار داخل الهوية الثقافية العربية وانشطار بين الأصالة والمعاصرة والانحلال الثقافى والتلاشى الثقافى والتلوث الثقافى وحدوث على نحو ما يعتقد البعض حالة من الانهيار نتيجة تلك الضغوط الثقافية والقيمية الكثيفة من الخارج .
2 ـ 1 ـ وماكان يمكن أن يحدث هذا لولا تدعيم وسائل الأعلام فى هذه الأنظمة التابعة والعميلة منها .
على الرغم من كل ذلك فإن حقائق الغزو أمدت الثقافة الوطنية بروح المقاومة وبقوة دافعية تجاه ما رأته من جرائم ضد البشرية ارتكبتها جيوش تلك الثقافة الأمريكية والغربية وما سببته للإنسان فى هذه البلدان الواقعة تحت رايات جيوش العولمة الغازية ، وكما يقول المفكر محمد عابد الحابرى : ـــ أن الثقافات تسعى بصورة عفوية أو بتدخل إرادى من أهلها للحفاظ على كيانها ومقوماتها الخاصة .
ــــ إن ثمار زيادة الإنتاجية فى ثورة التقنية المعاصرة تقاسمها عدد ضئيل من الأفراد يتمثل تحديدا فى رجال الإدارة العليا وحملة الأسهم وعمال المعرفة وفى ظل سيادة الاتجاه إلى السوق الخارجى بديلا عن السوق المحلى العاجز ومع سيطرة أنظمة حاكمة مستبدة على الأوضاع العربية وقوية فى مواجهة شعوبها ، رافعة راية التبعية للغرب وتتبنى سياسات رأسمالية لاتتماشى مع أوضاع بلدانها مع تقليص دور الدولة بناء على تعليمات غربية لصالح الاستثمارت والامتيازات الأجنبية واختفاء دورها لصالح الشركات المتعددة الجنسيات وإحلال السوق محل الدولة ، مع عدم تبنى منظومة وطنية حقيقية للتقدم التقنى على المستوى القومى ، أو ملاحقة هذا التقدم وهذا الفيض التقنى والاعتمادعلى التعاقد على تسليم المشاريع المكتملة التجهيز ( TURN – KEY ) من دون نقل التقانة وقد أفرز ذلك نتيجتين هامتين هما : ــــ
1 ـ استقطاب شديد فى الثراء والفقر ترتب عليه انقسام العالم والمجتمع إلى أغنياء يملكون ويعرفون ويتحكمون فى مسارالتقانة وجنى أرباحها ، وفقراء لا يملكون ولايعرفون ونتج عن ذلك زيادة أعداد المهمشين والمتعطلين وسقوط الطبقة المتوسطة إلى الحضيض وتعاظم الفوارق الطبقية اجتماعيا وثقافيا …. يقول عبد الهادي بوطالب : ــــ ” وإذا عرفنا أن أكثر من خمس سكان العالم أميون أي لا يحسنون القراءة والكتابة وأن الأغلبية الساحقة من سكان العالم أميون حضاريون أي لا يعلمون شيئا عن تطورات الحضارة التكنولوجية والمعلوماتية ، إما لأنهم لا يستعملونها بالمرة ، وإما لأنهم يكتفون باستعمالها في الحدود الدنيا ، علمنا أن عولمة العالم في مجال الإعلام لا يستفيد منها إلا القادرون على اكتسابها أي أقلية نادرة بين البشر وهو ما لا يزعج العولمة التي تقوم على حرية التنافس وتمكن الأفضل والأقوى من ربح رهانها، ومما دفع بعضهم إلى أن يطلق عليها اسم الداروينية الاجتماعية ” .
2 ـ حدوث فجوة رقمية كبيرة بين العالم الغربى الاستعمارى المتقدم وبين العالم العربى وبالتالى بين من يحكمون ويملكون وبين المحكومين المعدمين وزيادة حجم التخلف فى هذه المجتمعات ، وفى ظل عدم إعطاء أهمية حقيقية للبحث العلمى إلا للتشدق الشكلانى به فى وسائل الإعلام أمام المواطنين .
موضوعات تهمك:
الجانب المظلم في تكنولوجيا المعلومات