مؤتمر سوتشي سوريا .. كيف تتجمع خيوط مفاوضات جدية؟
قررت روسيا عقد مؤتمر “الحوار الوطني” السوري في يومي 29 و30 يناير/ كانون الثاني، تحت رعايتها بمشاركة كل من تركيا وإيران، لبحث سبل التسوية السياسية في سوريا.
وقالت وكالة “سبوتنيك” الروسية المقربة من وزارة الدفاع الروسية، أن الدعوة وجهت لنحو 20 تكتل وحزب سياسي سوري من المعارضين والموالين للنظام، وأضافت الوكالة أنه هناك 400 شخصية معارضة من إسنطبول ستشارك بالمؤتمر، كما سيشارك من مؤيدي النظام نحو 680 شخصية.
ولم تذكر الوكالة ما إن كان الأكراد سيشاركون في المؤتمر ام لا لكن المبعوث الروسي لسوريا، ألكسندر لافرينتييف، قال في تصريحات صحفية أنه جرى إتفاق بين إيران وتركيا وسوريا، على إختيار المشاركين في المؤتمر.
ونقلت وكالة “رويترز” للأنباء عن مسؤول كردي تأكيده انه لن يكون هناك تمثيل للأكراد في المؤتمر،مؤكداً بحسب الوكالة أن الأكراد السوريين لم يتلقوا دعوة للمشاركة.
وبشأن وفود المعارضة المشاركة في المفاوضات الأممية في جنيف، قال المتحدث باسم الهيئة العليا للوفود، يحيى العريض أن الوفود قررت مقاطعة مؤتمر سوتشي للسلام.
واعتبر العريضي في حديثه لـ”الساعة 25″، أن المفاوضات المزمع عقدها في روسيا تقوم على تقويض جهود المفاوضات في جنيف برعاية الأمم المتحدة.
يأتي ذلك برغم إغراء روسي للمعارضة ووعود أطلقتها بشأن هدنة في الغوطة الشرقية المحاصرة.
من جهتها نقلت وكالة الأناضول التركية شبه الرسمية عن مصدر لم تسمه في الوفد السوري المعارض قوله أن المعارضة قررت المقاطعة بناءًا على “طلب من الدول الراعية لمفاوضات فيينا وهي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والسعودية والأردن”.
السوريون أيضا من جانبهم أنتقدوا على نطاق واسع المؤتمر، واصفين المعارضة المشاركة فيها بـ”مسوخ روسيا”، وانتشرت موجة انتقاد موسعة للمؤتمر على مواقع التواصل الإجتماعي، وتشير الإنتقادات إلى عدم أحقية أية وفود معارضة التحدث بإسم الشعب السوري.
وقال محمد عدنان الناشط السياسي لـ” الساعة 25″، أن “شعار المؤتمر لا يُعبر إلا عن النظام ومصالح داعميه”، وانتقد محمد شعار المؤتمر الذي يحمل علم النظام السوري منفردًا دون أعلام الثورة، كما يحمل شعار المؤتمر غصن الزيتون في إشارة للعملية التركية في سوريا، إضافةً إلى حمامة بيضاء وصفها عدنان بـ”حمامة الإستسلام”.
وأضاف عدنان “أما بحار الدماء التي خلفتها طائرات روسيا ومدافع النظام والمليشيات الداعمة له في سوريا وغيرها، فلم تظهر في الشعار”، واعتبر عدنان أن المؤتمر المزمع إنعقاده “ما هو إلا واجهة للإحتلال الروسي لسوريا”، مشيرا إلى أن “كافة أوراق اللعبة تقع في يد روسيا راعية المؤتمر، وانها ستفرض ما فرضته عسكريا، على الطاولة السياسية”.
بالنسبة لواشنطن فإنها مازالت تظهر موقفا ملتبسا تجاه المؤتمر، فبرغم أن الولايات المتحدة التي تقول أنها تدعم جينيف بكل قوة، وتعارض حل للأزمة السورية خارج رعاية الأمم المتحدة لم تبدي حتى الأن رفضا واضحا لمؤتمر سوتشي.
كانت المتحدثة بإسم الخارجية الأمريكية هيذر ناورت، في إفادة صحفية، الخميس، أن الولايات المتحدة ترى في أن محادثات سوتشي حل أولي، كما أكدت ناورت على أنه يجب التركيز على جينيف، لكنها أشارت إلى أن محادثات سوتشي ستكون لمرة واحدة مضيفةً أنها قد تخرج بشئ وقد لا تخرج بشئ.
من جهته قال المبعوث الروسي في سوريا خلال مقابلة مع “ار تي” عربي، أن بلاده تأمل مشاركة أممية خلال المفاوضات على أرفع مستوى، من خلال المبعوث الأممي في سوريا استيفان دي ميستورا.
وأشار لافرينتييف إلى أن روسيا تسعى لمشاركة أمريكية في المؤتمر بصفة مراقب.
المحتويات
تحولات
في الآونة الأخيرة دخلت الأزمة السورية منعطفًا مغايرًا تمامًا لمسارها التقليدي، فتشكيل الولايات المتحدة، قوة حدودية كردية من 30 ألف جندي أدار الأنظار كلها للقوة الكردية الإنفصالية التي تسعى تركيا وإيران وروسيا لتقويضها، كما أدار وجهة بعض المعارضة السورية نحو ما سموه “خطر تقسيم سورية”، الأمر الذي حول مواقف كثيرة بحسب تغيرات المصالحة.
*تركيا:
في هذه الأيام، تنتهج تركيا موقف ضبابي بشأن الأسد، فالرئيس التركي الذي صرح في وقت سابق من ديسمبر/كانون الأول الماضي، حول إمكانية العمل مع الأسد مباشرةً، قائلًا أن كل شئ “جائز في السياسة”، عاد في وقت سابق بداية الشهر الجاري واصفًا الأسد بـ”مجرم الحرب”، الذي لا يمكن العمل مع.
لكن تصريحات الرئيس التركي من أجل كسب خطوات أخرى من قبل روسيا وإيران حلفاؤه الجدد في سوريا، لكن المصالح التركية أقتضت عليها الأن التحول بشأن القضية السورية، فتركيا والفصيل المعارض التي تدعمه توقفا عن مواجهة القوات النظامية، واتجهوا لمعركة آخرى في عفرين التي يسيطر عليها الأكراد.
**الحلف الغربي-العربي
تعد الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والسعودية، من أهم داعمي المعارضة السورية ورافضي بقاء الأسد.
وكانت الدول الأربع كررت في وقت سابق رفضها لأي حل سياسي يكون لبشار الأسد أي دور فيه، لكن في مفاوضات فيينا المنتهية أمس الجمعة، عرضت الدول الأربع إضافة إلى الأردن، وثيقة تهدف لحل سياسي في سوريا تتضمن ما أسمته “نهجًا عمليًا لسير عملية سياسية بطيئة”.
ولم تتضمن الوثيقة إقتراح إزاحة بشار الأسد عن السلطة، لكنها تضمنت إقتراح “دستور جديد يحد من صلاحية الأسد، ويعطي سلطات أوسع للبرلمان” كما يتضمن إقتراح برحيل كل المقاتلين الأجانب من سوريا.
مؤتمر سوتشي سوريا
تسعى دول تركيا وروسيا وإيران للتوافق بشأن القضايا الإستراتيجية والعملية السياسية في سوريا مابعد التسوية، لكن الولايات المتحدة التي وسعت من نفوذ القوات الكردية التي تدعمها، فرضت نفسها كفاعل أول في أي مفاوضات بشأن الوضع في سوريا.
لذلك فإن مفاوضات سوتشي تسعى لبلورة فكر روسي وإيراني وتركي متطابق تمامًا للدخول في محادثات مع الحلف الخماسي الغربي لتسوية نهائية للوضع السوري، لذلك فإنه ليس من المنتظر أن تثمر “سوتشي” عن حل نهائي في سوريا، لكنها قد تساهم في التوصل لصيغة مفاوضات.
اقرأ أيضاً : مؤتمر سوتشي مهدد بالفشل.. مشاركون يهددون بالمغادرة