مساعى الرأسمالية العالمية لحفاظ على النظام العالمي الليبرالي
بقلم .. أحمد عزت سليم … مستشار التحرير
كورونا لم تصب فحسب أجساد البشر بل أصابت الأيديولوجيات المسيطرة على النظام العالمي وأدخلته بخطورتها المتفشية للعناية المركزة كما أدخل آلاف المواطنين حول العالم ، فقد كشفت الجائحة الوبائية للكرونا عن خلل في الأيديولوجية العالمية لليبرالية الجديدة التي يتبعها النظام العالمي منذ نهاية الحرب الباردة والتى تمثل في عجز النظم الاقتصادية المتقدمة عن مواجهة واحتواء تفشي فايروس الكورنا من خلال ضعف الإجراءات التي اتبعتها وأستمرارية هذا الضعف ، وكذلك ضعف البنية التحتية الصحية فيها وبكافة مستوياتها المحلية والقومية رأسيا وأفقيا وسوء استجابتها لمخاطر الأزمة النتشرة والمتفشية بقوة ، و الذى أثر نمط التفكير بالمنفعة الاقتصادية الراسمالية فحسب ، ومما أدى إلى غياب التعاون الدولي وخاصة التعاون الأوربى بمؤسساته حيث بمجرد تعرض هذه الدول لازمة هددت وجودها فقد حلت محل التعاون الأمنى القرصنة وغلق الحدود والامتناع عن تقديم المساعدات الانسانية ، كما عززت الازمة من تصاعد تأثير الاحزاب الغربية التى تدعو إلى قوميتها الخاصة فقط وعدم الإعتراف بالأوربية والتي أصبحت تطالب بمزيد من السيادة الوطنية لبلدانها بوجه سياسات التكامل الأوربية السائدة وتعزيز الإجراءات التي تحد من حرية الحركة والتنقل بين الحدود الوطنية .
وقد أظهرت هذه الكارثة سوء سياسات الليبرالية الغربية بالقيادة الأمريكية فبدلا من قيام كبرى الدول الرأسمالية بانقاذ إيطاليا واسبانيا في وقت تفشي الوباء فيهما فأنها قامت بمهاجمة الصين وروسيا وانتقادهما على عمليات الإنقاذ والمساعدات الطبية التي يقدمانها الى كل من إيطاليا واسبانيا مدعية ان هذه المساعدات هي لتدعيم القوة الناعمة الصينية ومتهمة الصين بنشر الوباء . ولذا فستحاول اللبرالية الغربية الخروج بقوة من هذا الفشل والتردى بالسيناريو التالى : ـــ
فبموجب السيناريو أيضًا ، ستستمر الإجراءات الوقائية ضد تفشي الاكليل الوبائى في جميع أنحاء العالم ، بدرجات مختلفة ، على الأقل حتى مع نهاية عام 2020 ، ومع ذلك ، فمن المتوقع في يونيو ويوليو 2020 القادمين ستبدأ التقارير في الظهور : ـــ فتظهر أن الصين قد أخفت بالفعل مدى هائل للعدوى والوفيات ( على سبيل المثال ، مليوني حالة إصابة وأكثر من 100،000 حالة وفاة ) ، حيث ستؤدي مثل هذه التقارير إلى أزمة في القيادة الصينية واستقالة الرئيس الصيني شي جين بينغ ورفاقه كما يتوقع هذا السناريو ، و في الوقت نفسه ، ستقرر العديد من البلدان التحرر من سلسلة التوريد التي تعتمد على الصين كمركز للتصنيع العالمي .
ومع ذلك ، فإن مركز الثقل لهذا السيناريو هو الولايات المتحدة الأمريكية ، حيث يفترض أن تجري الانتخابات الرئاسية في نوفمبر 2020 ، وأن المرشح الديمقراطي يفوز بانتصار واضح لا لبس فيه ، وكما يتوقع الخبراء فى هذا السيناريو أنه بعد شهر ستوافق إدارة الغذاء والدواء الأمريكية على لقاح تم تطويره في معهد أبحاث أمريكي ، وعليه ستستعيد الولايات المتحدة مبادرتها ، و أنه من يناير 2021 القادم ستقود جهدًا مشتركًا من قبل الديمقراطيات الليبرالية الغربية لمساعدة العالم على التعامل مع تفشي الهالة الكارونية ، والتغلب على الكساد الاقتصادي ، والحفاظ على سيادة النظام الليبرالي عالميا ، وحل الصراعات الإقليمية الملتهبة ، كما يسلط هذا السيناريو الضوء على الأهمية الهائلة لموقف قيادة الولايات المتحدة ، التي تنازلت عنها فعليًا في عهد ترامب ، وبالتالي ، فإن انتخابات 2020 هي أيضًا فرصة لنمو قيادة أمريكية جديدة للمفهوم الديمقراطي الليبرالي كما يرى الخبراء ، وأنه ستعمل هذه القيادة مع القادة الآخرين الذين برزوا في الدول الغربية خلال الأزمة الحالية .
وكما أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد ألتقي سابقا بالرئيس الصيني شي جين بينغ في بداية اجتماعهما الثنائي في قمة قادة مجموعة العشرين في أوساكا ، اليابان ، 29 يونيو ، 2019 ‘ ففي هذا السيناريو ، سيستقيل الرئيس الصيني وسيفوز المرشح الديمقراطي بالرئاسة الأمريكية . في هذا السيناريو ، يتم أيضًا تقديم المساعدة لدول الشرق الأوسط ، وكما تُعقد المحادثات حول اتفاقية نووية محسنة مع إيران ، ويمكن أن تؤدي أيضًا إلى مؤتمر دولي وعملية ترتيبات ، على غرار العملية التي قادتها القيادة الأمريكية في التسعينيات ، قد يكون هناك طلب متجدد على الأنظمة في الشرق الأوسط ومناطق أخرى لاتخاذ خطوات نحو الديمقراطية .
موضوعات تهمك:
سيناريوهات مستقبل البشرية الانقراض والانهيار المتكرر والهضبة وما بعد الإنسانية