لا تزال الأحداث تواصل كشفها لما يعاني منها وسيعاني منه الاقتصاد السعودي تحت قيادة ولي العهد محمد بن سلمان جراء ازمة فيروس كورونا المستجد.
الامور جاءت متتالية وسريعة تبين حقيقة ما وصل إليه اقتصاد المملكة العربية السعودية تحت قيادة ولي العهد.
تأتي أزمة فيروس كورونا المستجد لتقلب كافة حسابات الدول وحسابات الأفراد، وتؤثر على كل كبيرة وصغيرة في الكوكب، إلا أن الفيروس المستجد والأزمات التي حققها أظهرت أزمات عدة وبينت معادن من الحقيقي والمزيف، وأبرز ما ظهر من ذلك اقتصادات الدول التي طالها الفيروس.
ارامكو
عند الحديث عن الاقتصاد السعودي يجب دوما أن تنظر بعينك إلى عملاق النفط السعودي أكبر منتج للنفط في العالم، والشركة التي تعد العمود الفقري للاقتصاد السعودي، والذي بدونها تسقط البلاد حطاما حرفيا.
طرحت اسهم شركة ارامكو السعودية للاستكتاب في الاسواق نوفمبر الماضي، وللحظ السيئ بالنسبة لولي العهد السعودي، فإن إجراءاته لم تحتج إلى مرور زمن بعيد لتميزها وتبين خبيثها من طيبها. فعلاوة على أن هذه الخطوة هي الأكثر غباءا في التاريخ الاقتصادي السعودي، وفقا لمحللين، حيث أن طرح اسهم عمود فقري الاقتصاد والمملكة كلها، للبيع هو بمثابة انتحار اقتصادي، وعلى الرغم من ما ذكره المحللون بأن بن سلمان يقوم بتحويل الحصان الأسود لحصان كسيح تخسره المملكة إلى الأبد، إلا أن أزمة فيروس كورونا جاءت بعدها بشهر واحد، تقريبا وبدأت آثارها في مارس الماضي حيث وصل سهم ارامكو إلى ما دون سهم الاستكتاب.
وقبل أيام تحدثت تقارير عن أن عملاق النفط في المملكة سيلجأ للاستدانة من 10 بنوك مليارات الدولار لدعم السيولة لديه في الاستحواذ على70 بالمائة من الشركة السعودية للصناعات الأساسية سابك، وهو ما يعد وصفا لحال الشركة التي يدريها الحاكم الفعلي للمملكة.
ازمة فيروس كورونا والنفط
الأمر الثاني يتعلق بسوق النفط وقرار حاكم المملكة الفعلي محمد بن سلمان دخول حربا نفطية مع روسية بأمر من أطراف أخرى، مختارا القرار الأغبى في أخطر فترة تمر على المملكة النفطية التي تعتمد رئيسيا على النفط بكل قوتها واقتصادها وأمورها.
الأمر الذي هوى باسعار النفط العالمية إلى أدنى مستوى لها، فبدلا من إيجاد حلول حول التوقعات بانخفاض الطلب العالمي، تغرق الأسواق لكي ينعدم الطلب تماما في حرب غير متكافأة خرجت فيها السعودية أكبر الخاسرين، ولا تستطيع إجراءات اتفاق اوبك بلس أن تعيد ما فات إلا أن تحاول ضبط المؤشرات وفقا للمنطقي حيث يكون السعر فوق الصفر.
ويكفي ان نقول ان الصين قامت بالفعل بإلغاء 10 شحنات من النفط الخام، في شهري إبريل/ نيسان ومايو/ آيار من النفط السعودي، مع توقعات بأن تسوء الأمور أكثر، في وقت تحدث فيه عن أن التوقعات تشير إلى أن متوسط اسعار النفط هذا العام لن تبارح الثلاثين دولارا للبرميل الواحد.
وتحتاج المملكة تحتاج لأن يكون سعر البرميل الواحد 91 دولارا لتحقيق نقطة التعادل في الأرباح والخسائر، والسعر لا يبارح الثلاثين كما ذكرنا، مما تسبب في عجزا كبيرا في موازنة الدولة الخليجية، وتسجلها وكالة موديز للتصنيف الائتماني كسلبية بعد أن كانت مستقرة، مشددة على توقعاتها بشأن الإيرادات الحكومية السعودية ستهبط بنحو 33 بالمائة في العام الجاري 2020، وبنحو 25 بالمائة في العام المقبل 2021، وذلك بالمقارنة بالعام الماضي 2019.
كما ذكرت في تقريرها أن التباطؤ الحاد الآن في نمو الناتج المحلي الإجمالي يقلص الإيرادات من القطاعات غير النفطية، مضيفة أنها تتوقع على المدى المتوسط ارتفاع دين الحكومة السعودية إلى نحو 45 بالمائة من الناتج المحلي الكلي.
إجراءات مؤلمة
إجراءات خفض الانفاق العام، وخفض السحب من الاحتياطي النقدي للمملكة، وإبطاء تنفيذ المشروعات الحكومية لعدم وجود الأموال التي تغطي مصاريفها، كل تلك الإجراءات التي وصفها وزير المالية السعودي، بالإجراءات المؤلمة لمواجهة ازمة فيروس كورونا لم تكن كافية ليقرر محمد بن سلمان الحاكم الفعلي للمملكة، والمتعهد بتطوير المملكة وفتجها تماما، وفقا لرؤيته للمملكة 2030 وفقا لمشروعه الذي يعتمد عليه في حكم المملكة، أن يتخذ إجراءات أشد صعوبة على الاقتصاد بدلا من قرارات تخفف الضغوطات عليه.
واتخذ بن سلمان قرارا بزيادة ضريبة القيمة المضافة لثلاثة أضعافها وخفض بدلات وعلاوات الموظفين الحكوميين، سيؤدي إلى تأثيرات سلبية على القطاع الخاص، بالإضافة لتأثير قرارات خفض بدلات وعلاوات الموظفين الحكوميين سيعمل على خفض الاستهلاك وهو ما سيؤدي إلى شبه انهيار لذلك القطاع الذي تراهن عليه المملكة كأحد مواردها غير النفطية.
ووفقا لوكالة بلومبرج الأمريكية فإن مثل تلك القرارات قد تؤدي إلى المساعدة في السيطرة على عجز الموازنة لكنه سيؤدي إلى تراجع مستوى المملكة في جذب المستثمرين الأجانب وهو ما قد يكون مساعدا لتفوق دول خليجية أخرى عليها، فيما قال جيمس ريف كبير الاقتصاديين في مجموعة “سما فاينانشيال”، أن تلك الإجراءات قد تكون إيجابية فعلا في الحد من عجز الموازنة، لكنها سيكون لها الأثر السلبي وسيكون بمثابة ضربة لقطاع البيع بالتجزئة المنكوب فعلا.
ويوجد أمام المملكة خيارات الاقتراض من الدائنين الأجانب، لكن ذلك سيدفعها إلى تعويم عملتها، ويشترط عليها شروطا مؤلمة حقا في حق الشعب السعودي قد يؤدي لغضب عارم، وهو ما تخشاه قيادة المملكة.
موضوعات تهمك:
اسعار النفط ستحطم الاقتصاد السعودي