تساؤلات كثيرة تثار حول ما أثاره ظهور رامي مخلوف الذراع الاقتصادي للنظام، أثار جدلا واسعا بعد نشره مقطعي فيديو ، كان آخرهما يوم الأحد الماضي، يشتكي فيه ابن عمته بشار الأسد رأس النظام ممارسات الأجهزة الأمنية ما تتعرض له مشاريعه وموظفيه على أيديها. فما الذي حدث في داخل الدائرة الضيقة لعائلة الأسد ؟ ولماذا “استهدف” مخلوف أحد رموز النظام؟ وقال في معرض بثه المباشر أنه “خدم الأجهزة الأمنية” في كل مراحل الحرب السورية وقدم لها الدعم من خلال شركتي الخلوي التي يمتلكها. مخلوف وهو أحد المدرجين على قائمة المعاقبين دوليا بسبب دعمه للنظام السوري.
ويظهر خازن بيت مال الأسد رامي مخلوف، البالغ من العمر 50 عاما، في بثه المباشر، بملامح يعتريها الحزن. ويتحدث بنبرة الغارق في الهموم. مظهره لا علاقة له البتة بالصورة المحفوظة في ذاكرة السوريين عن رجل الأعمال الفاحش الثراء الذي يظهر إلى جانب رأس النظام في مواكب الاحتفالات الرسمية وبدا مخلوف كرجل مغلوب على أمره، يوحي من حديثه أن السقف الذي كان يحميه منذ استولى بشار الأسد على الحكم قبل 20 سنة، قد سقط فوق رأسه اليوم. ولم يعد أمامه إلا استجداء الرئيس من خلال فيديو ينشره على مواقع التواصل الاجتماعي، ما يعني أن أبواب القصر الرئاسي أغلقت في وجهه تماما..
المحتويات
“هذا ظلم“
وقال مخلوف الأحد، في ثاني شريط فيديو بثه على صفحته بدأت الأجهزة الأمنية تعتقل موظفي رامي مخلوف الذين يعملون في شركاتي”، متسائلا “هل يتوقع أحد أن تأتي الأجهزة الأمنية على شركات رامي مخلوف وموظفيه المحسوبين على النظام والمواليين له؟”.
وأكد أنه يخضع لضغوطات للتخلي عن ممتلكاته، وأضاف مخلوف الذي يعتقد أنه مازال يقيم في سوريا، أنه “طلب من اليوم أن أنفذ التعليمات وأنا مغمض العينين وأبتعد عن الشركات… وبدأت الضغوطات باعتقال الموظفين والمدراء”، مشيرا إلى أنه هدد من من وصفهم بالآخرين “إما أن تتنازل أو نعتقل كل المحسوبين عليك “. وناشد الرئيس الأسد التدخل فورا لوقف الضغوط.
هل هناك صراع ضمن عائلة الرئيس الأسد؟
وظهر من كان يوصف حتى الأمس القريب برجل النظام الأول مذهولا لما يحصل له اليوم. وقال مخلوف في أول فيديو: “هذا ظلم يا سيادة الرئيس وتسخير سلطة في غير محلها… سبق أن طلبت من سيادتكم بالتدخل لإنصاف شركاتنا… هدف من مناشدته وضع حد لتدخلات المقربين من صاحب القرار، لأنها صارت لا تحتمل ولا تطاق ووصلت إلى درجة خطرة ومقرفة… والله هذا اسمه تعدي على الممتلكات الخاصة على حد وصفه”.
من هو رامي مخلوف؟
مخلوف رامي هو ابن محمد مخلوف شقيق أنيسة أم بشار الأسد، أحد أهم أعمدة النظام الاقتصادية منذ تولى الأسد الابن السلطة عام 2000 خلفا لوالده واسمه مدرج على قائمة العقوبات الأمريكية منذ العام 2008. ويرأس ابن خال الأسد، الذي نادرا مايظهر على الإعلام، مجموعة من أضخم الشركات في سوريا أهمها “سيريتل” التي تحتكر سوق الاتصالات في سوريا بجانب شقيقتها إم تي إن التابعة له أيضا.
وطالبت هيئة وزارة الاتصالات السورية التابعة للدولة السورية بتوجيهات من الأسد الأسبوع الماضي شركتي مخلوف التي تشغل الهاتف الخلوي في البلاد بدفع “أموال مستحقة لخزينة الدولة قدرت بنحو (334 مليون دولار)، استنادا إلى قرار صادر عن رئاسة مجلس الوزراء، وفي مهلة أقصاها الثلاثاء المقبل. وقدر مخلوف، قيمة المبلغ الذي تطلب الحكومة تسديده بين بأكثر من 125 مليار ليرة سورية أي ما يعادل (178,5 مليون دولار)، معتبرا أن هذه المطالب جائرة (غير محقة). وناشد الأسد التدخل لإنقاذ شركته من خلال “جدولة” المبلغ كي لا تنهار الشركة، التي قال أن هناك عائلات موالية تعيش من وراءها. ورغم توجه مخلوف للأسد واصفا إياه بـ”صمام الأمان”، يؤكد بما تطرق إليه في البث المباشر الثاني وجود توتر بينه وبين رأس النظام السوري فيما تحدثت تقارير إعلامية عن عدة مواضيع خلافية بينهما لم تتضح صورتها بعد، وعن إغلاق وسائل إعلامية تابعة له وجمعيات خيرية كان يديرها وعلى رأسها جمعية البستان الخيرية الخاصة بالطائفة العلوية.
وأصدرت سلطات النظام السوري إلى رجال أعمال سوريين تهما بالتهرب الضريب والحصول على أرباح غير مشروعة وعلى رأس هؤلاء مخلوف وزوجته
ويعتبر رامي مخلوف أحد رموز نظام الأسد، ويوصف بالمحتكر الأول للاقتصاد السوري وأحد أرباب الفساد وظهر في بداية الثورة السورية كداعم للأجهزة الأمنية التي عملت على قمع المحتجين منذ مارس/آذار 2011 وأستمرت في ممارسة هذا الدور على امتداد سنوات الثورة السورية العشر.
وينتمي مخلوف، كالأسد، إلى الطائفة العلوية التي لا تمثل أكثر من 5% من تعداد الشعب السوري، لكنها انفردت بالسلطة منذ استولى عليها حافظ الأسد أثر انقلاب عسكري عام 1970 . ويدين مخلوف الابن والأب في جمع ثروته للأسد. ومنذ العام الماضي كشفت تسريبات صدرت عن الدوائر المقربة من الأسد تلمح إلى خلاف حاد بين الأسد ومخلوف على خلفية وجود رجال أعمال من عائلة الأخرس زوجة الرئيس يحاولون اقتحام معمعة الاستثمار في الاقتصاد السوري بحماية قوانين تفصل على قياسهم لضمان الربح أسوة بما حظي به مخلوف و نجح في نهب مليارات الدولارات بفضل تلك القوانين.
ضغط روسي لتسديد الديون وإجراء إصلاحات:
من جهته أرجع الخبير الاقتصادي الدكتور عبد الغني حمدو في اتصال خاص مع الساعة 25 انفجار قضية الأسد /مخلوف إلى الوضع الاقتصادي المتردي الذي تعيشه البلاد، حيث قال “هناك تراكم للديون و إفلاس في الدولة ” “والتي أصبحت مطالبة بنفقات كثيرة تفوق مداخيلها إلى حد كبير”، ولم يعد هناك المزيد من الخيارات أمامها. “وأمام تصاعد سعر صرف الدول صارت الأعباء مضاعفة ولذلك لجأت إلى دوائر النهب المقربة لسد العجز وأولهم مخلوف الذي سيطر على الاقتصاد السوري بمختلف قطاعاته على مدى عشرين عاما”.
وتابع حمدو لا يخفى على أحد الدور الروسي في هذه المعمعة فهو يطالب بديون مستحقة له من جهة ويضغط على الرئيس الأسد لإجراء إصلاحات أساسية في بنية نظامه وخاصة في الجانبين الاقتصادي والحقوقي في محاولة لتسويقه عالميا استعداد لحيازة العقود الأهم في عملية إعادة إعمار سوريا من خلال تحييد أبرز رجال الأعمال السوريين من جهة عبر تقيدهم بالضرائب والمنافسين الدوليين من خلال فرض الهيمنة الروسية على الأمن في البلاد من جهة أخرى.
وهذا الوضع يوحي بأن “سوريا مقبلة على مرحلة أخرى تظهر ملامحها تباعا، قد يكون تغير بنية النظام الأسدي أحد مرتكزاتها بما فيهم رأسد النظام بشار الأسد نفسه . أما مايحكى عن صراع طائفي بين أسماء الأخرس زوجة الرئيس كممثل للسنة و رامي مخلوف كممثل للعلويين، لا يبدو مقنعا، (بالنسبة للدكتور حمدو)، باعتبار “أن روسيا ستقف ضد أي تحرك على هذا الأساس”، لأن هدفها إظهار النظام بحلة ديموقراطية علمانية بعيد عن الطائفية ولا يمارسها البتة لأنها تسعى لتسويقه عالميا كما أسلفنا”.
موضوعات تهمك:
2- “فضيلة الشيخ التقي” رامي مخلوف يهدد أجهزة بشار الاسد الأمنية