هل تؤثر الروح على الجسد والعقل والفكر؟ تنوع وتعدد تعريف الروح بداية من كونها كيان خارق للطبيعة، غالبا ما يكون ذو طبيعة غير ملموسة على غرار كيانات مماثلة أخرى كالأشباح والجنيات والملائكة ، وأنّها شيئا معنويا وغير ملموس، وهناك من يفرّق بين الروح والنّفس، فيقولون أنّ النفس هي الجسد والروح مجتمعان، أمّا الروح فهي ذلك الشيء المعنوي غير الملموس، والروّح في جميع الديانات والفلسفات تقريبًا، تكون خالدة وذلك على عكس النفس , وبأنها الروح كامنة داخل وعاء يعرف بالجسم وتتحكم بأفعاله وتصرفاته، وكثيرا ما تستخدم كلمة الروح فى المجتمعات كمصطلح للدلالة على الجوهر وقلب وصلة وعلاقة الماهية كما هو الحال في عبارة “الصلاة هي روح الدين” أو يصف الشخص ألآخر بأنه روح أهله أو أبوه أو أمه. وكما يرى سيلزر فى عام 2005 أنه تثار عدة أسئلة عند التفكير في الروح، وهنا بعض الأمثلة متى تدخل الروح جسم الإنسان، حيث يدخل الحيوان المنوي في البويضة أو أثناء اندماجها في خلية واحدة أو في مرحلة لاحقة ؟ فهل تؤثر على الجسد والعقل والفكر؟ هل الروح متطابقة مع ما نسميه الضمير؟ نظرًا لأنه ينعش الشخص الحي ، هل يحكم وظائف الجسم الخارجة عن سيطرة العقل، والوظائف التي يطلق عليها علماء الأحياء “حيوية”؟ ماذا يحدث للروح أثناء الأحلام، التخدير، حالات تشبه الغيبوبة؟ ماذا يحدث لها بعد أن تغادر الجسد؟ أين وكيف يتم تخزين الشخصيات المكتسبة في روح غامضة؟ أين، في الجسم، تقيم؟
وقد عبر الإبداع العربى عن جماليات الروح الإنسانية وأهميتها الإنسانية فقال المتنبى:
إن غـــــاب عنى فالروح مسكنــــه من يسكن الروح كيف القلب ينساه
وقال إبراهيم ناجى:
يا حبيبَ الروح يا روحَ الأماني لستَ تدري عطش الروح إليكا
وحنينـي في أنيـن غيـر فـاني للــرَّدى أشربــه مـن مـقـلتيـك
ويرى جبران خليل جبران فى الروح خلودا ومن يؤمن بزوال الروح وتلاشيها فهو أحمق جاهل :ــ
يا نفس إن قال الجهول الروح كالجسم تزول وما يزول لا يعود
قولى له إن الزهور تمضى ولكن البذور تبقى وذا كنه الوجود
وأن خلودها هو رجوعها الى الله حتى إذا إلتقت بنسمات الموت ترجع إلى حيث كانت إلى بحر المحبة والجمال، إلى الله.
وقال الشاعر محمد رجب البيومى :
أبى أين تصير الروح حين يضيق بى عمرى
اتفنى الروح كالجسم إذا غيبت فى قبرى ؟
سالت العقل إيضاحا، فقال العقل لا يدرى
ويتسائل جميل الزهاوى عن بقاء الروح وخلودها:
هل الأرواح بعد الموت منا لها فى جوك السامى بقاء؟
أم الأرواح تابعة جسوما لنا تبلى فيلحقها الفناء؟
وغنت الجماهير العربية كلمات الشاعر حسن السيد مع الفنان محمد عبد الوهاب: “وعشق الروح مالوش آخر ..لكن عشق الجسد فاني “، وتغنت أم كلثوم مع كلمات الشاعر محمد اقبال حديـــث الروح:
حديث الروح للأرواح يسرى وتدركه القلوب بلا عناء
هتفت به فطار بلا جناح وشق أنينه صدر الفضاء
ومعدنه ترابى ولكن جرت فى لفظه لغة السماء
وتنوعت التعريفات بداية من التعريفات ذات الطابع الديني وذات الطابع الفلسفي وطبقا لتنوع وإختلاف الأديان وإختلاف الفلسفات المتنوعة ، ومع إجماع على أن الروح عبارة عن ذات قائمة بنفسها، ذات طبيعة معنوية غير ملموسة وأنها مخلوقة من جنس لا نظير له في عالم الموجودات وهو أساس الإدراك والوعي والشعور.
ويرى البعض أن الروح خالدة حتى بعد موت الجسد ، ووصولا كمعتقد إنسانى شامل بأن للروح استقلالية تامة عن الجسد وليس لها ظهور جسدي أو حسي، ولا يمكن مشاهدة رحيلها، إن هذا الرحيل يعنى الموت وانتهاء الجسد.
ويعتمد المفهوم في اليونانية على أن الروح هي، من ناحية، شيء يخاطر به الإنسان في المعركة ويفقد الموت، من ناحية أخرى، هذا هو ما يغادر وقت وفاته من أطرافه ويسافر إلى العالم الآخر، حيث يكون لديه حياة أوفر يرثى لها بشكل أو بآخر كظل أو صورة للشخص المتوفى وأن وجود الروح يميز الجسم البشري الحي عن الجثة، وأنها هي التي تميز ما هو حي عن تلك التي ليست كذلك، وعرفها أفلاطون بأنها أساس لكينونة الإنسان والمحرك له وأنها تتكون من ثلاث مكونات متناغمة للكينونة الإنسانية والمحرك الأساسى له وهى: النفس والعقل والرغبة، واعتقد بأن النفس هي المتطلبات الشعوريّة أو العاطفيّة ، أما الرغبة فهي متطلبات الجسد، وضرب مثال العربة التي يقودها حصانان لتوضيح هذا المقصد، فالذي يُحرّك الحصانين من وجهة نظره هما قوتا النفس والرغبة ، ووظيفة العقل هنا حفظ التوازن للعربة، وكان أفلاطون أول من وصف الروح بأنها جوهر غير ملموس وغير مألوف، وتطورت التعريفات والماهية اليونانية للروح وصولا إلى أنه لا يقتصر الأمر على أن الروح وجودة في كل كائن حي، إنها أيضًا الحالة التي تُعزى فيها مجموعة واسعة من طرق التصرف والتحرك إليها.
موضوعات تهمك: