العلاقات الاجتماعية فى الفضاء السيبرانى التغلب على قهر الواقع الاجتماعى .. وصف الباحثين المتخصصين فى هذا الشأن هذا المجتمع الذى تستخدم فيه بكثرة وسائل الاتصال فى كل الميادين بالمجتمع الجماهيرى المتفرد أو المجتمع الانفرادى الجماهيرى LA SOCIETE INDIVIDUALISTE DE MASSE أو كما يسميه معن خليل المجتمع المتفرد الجماهيرى ، وهذا المجتمع يعرفه الكاتبان سلزنيك وبروم بأنه المجتمع الذى يتكون من ” جماهير بمعنى أنه جمهور عريض من الأفراد المنفصلين الذين يعتمدون على بعضهم البعض فى كل الوسائل المتخصصة وإن كانت تنقصهم قيمة أو هدف أساسى يوحد بينهم وقد أدى ضعف الروابط التقليدية وتنامى العقلانية وتقسيم العمل إلى خلق مجتمعات تتكون من أفراد مرتبطين ببعضهم البعض ارتباطا طفيفا “.
وقد ساهمت وسائل الاتصال وتكنولوجيات الإعلام الحديثة بشكل كبير فى استمرار هذا المجتمع وأصبحت الجماهير منعزلة بفعل الاستعمال المفرط لهذه الوسائل وتصاعدت سمة الفردانية والانعزال والاهتمام بالمشاكل الشخصية وعدم الاهتمام بالقضايا الجماعية ونقص الحس الجماعى وأصبح الاتجاه الجديد لوسائل الاتصال الحديثة هو تفتيت المجتمع والذى يتكون من جماهير منعزلة ومنفصلة عن بعضها، وتوسيع الهوة والفجوة الاجتماعية بين الأفراد وعزلهم وفصلهم عن بعضهم البعض وانعدام حميمية الجوار والتقارب وإحداث الاغتراب الثقافى بالإضافة إلى التسبب فى الإحباط النفسى والمعنوى والانحراف الأخلاقى والدينى وتأصيل العنصرية بأنواعها المتعددة وإحداث فجوة وتفكك فى النسيج الاجتماعى بل وقد تؤدى إلى زوال النسيج الاجتماعى التقليدى وفى إطار تسييد القيم الغربية الأجنبية فى المجتمعات المستهدفة.
وأيا كانت طبيعة هذه العلاقات الاجتماعية فإن ديناميات الحركة الاجتماعية فى الفضاء السيبرانى تكاد تتماهى مع الحركة الاجتماعية فى سيرورتها السيكلوجية فتتعدى حدود الذات الإنسانية فى سلوكها الذاتى لتخرج إلى الوجود وتتلاحق فى الواقع بطرقها وأشكالها المتنوعة كتعبير عن السلوك القولى الفردى ليمارس عالمه الفعلى بكل تعقيداته واختلافاته على صفحات التواصل الاجتماعى ووصولا إلى حد التماثل والتطابق والترابط والانصهار فى سائر الأحوال والمواقف والأزمات أيا كان نوعها واختلافاتها وعلى مدى انتشارها فى الواقع الاجتماعى، إن مصدر الحركة على صفحات التواصل، الإنسان والواقع فى ارتباط لا ينفصم وبما يشملهما الحدث بكونه تعبيرا عن الحركة الدائمة فى إيقاعها الاتصالى والزمانى فلا وجود ولا تصور لهذه الحركة إلا فى الزمان بما يشمله من مكان وجسد هو الإنسان سواء كان معتدلا أو متطرفا وأيا كان انتمائه واتجاهه السياسى أو حتى بلا أية انتماءات، وظروف الواقع الاجتماعى هى التى توفر قاعدة وأساس الحركة وفى كل آلياتها التقليدية والتجديدية والمتمردة وفى وضعية التغيير السريع أو البطيىء.
وتشكل الضغوط اليومية بكافة أنواعها عاملا أساسيا فى تنشيط وتحريك واستنفار العادات والقيم والاتجاهات المشتركة وبكل أشكال التفاعل الاجتماعى -السابق الإشارة إليها- وبما ينعكس فى توجيه الاستجابات الفردية والجماعية على صفحات التواصل الاجتماعى كانعكاس لإستجاباتها فى الواقع الاجتماعى وسواء كانت هذه الاستجابات متوافقة معها وهذا مايحدث فى أغلب الاستجابات، أو كانت ردود الأفعال مضادة أو انتقادية.
وبكون أن هذه العادات والقيم والاتجاهات المشتركة تشكل إزعاجا وإثارة تحت وطأة ضغوطها فى مواجهة الحركات الفردية والجماعية التى تسعى فى التغلب على قهر الواقع الاجتماعى والذى مازال يحتفظ بأشكاله المعبرة عنه بداية من الحرمان المتنوع والمركب إجتماعيا وثقافيا وإقتصاديا وعبر أساليب الإقصاء المركبة إجتماعيا وثقافيا وإقتصاديا وبإستهداف إجراءات التهميش إجتماعيا وثقافيا وإقتصاديا ومع القهر بممارسات سياسات التغييب ونشر الخرافات، ومع الممارسات السلوكية المعتمدة بقوة على عدم الخروج القيم والعادات والتقاليد والأعراف والعلاقات السيادية للقبيلة والعائلة وكبير العائلة والعمدة ومما يشكل مجتمع مقهور يمارس الجميع فيه قهر الآخرين ووصولا إلى توريث القهر والخضوع إليه .. وإستطاعت وسائل التواصل الإجتماعى أن تحرر الكثير من أفراد هذه المجتمعات المقهورة وبطرق تقنية متحررة ومختلفة لا سيطرة عليها لا تخضع لأساليب السيطرة الإجتماعية التقليدية والمعتادة.
موضوعات تهمك:
عذراً التعليقات مغلقة