كان هذا المقطع للممثل المصري الراحل يوسف عيد يبدو ضمن أهم الإجراءات الشخصية واجب اتباعها لمواجهة خطر انتشار فيروس كورونا في أنحاء العالم، يغني فيه واحد من أبدع مواويله التي اعتاد المصريون سماعها منه طوال تاريخه الفني، والمقطع من مسرحية “شارع محمد علي” التي أداها في تسعينيات القرن الماضي مع الفنان الراحل فريد شوقي وشريهان وآخرين.
يبدو أن العم يوسف عيد -عليه رحمة الله- لم يكن لديه رغبة في درس توعوي في عصر الاجتياحات الفيروسية، وسيكون من السطحي أيضا أن نقول أن عيد كان يسبقنا بعصور حيث وضع لنا الوصفة الصحية لتجنب أي عدوى أيا كانت، لكن بشكل دقيق يمكن القول أن عيد في مقطع مسجل من نصف دقيقة يمثل حرفيا لا مجازا، واقع المصريين اليوم في مواجهة جائحة كورونا (بالإنجليزية: Pandemic).
دعونا نكون جديين نوعا ما، الأمر لم يكن مريحا لدى العديد من المصريين، عندما نشر المؤشر الدولي للسلامة الصحية تقريره الذي يقيم فيه استعدادات 200 دولة لمواجهة الكوارث الصحية، وقد جاء ترتيب مصر فيه متأخرا بصورة كبيرة على كافة المستويات.
فالمعطيات الأولية ووفقا للمؤشر تقول أن مصر في درجة الوقاية حصلت على 36.5 بالمائة وحلت في المركز الـ79 من بين 195 دولة، وهو البعد الأول للتقييم، أما البعد الثاني فكان وسائل الكشف على الأمراض وكان ترتيبها أكثر تأخرا حيث جاءت في المركز 96 من أصل 195 دولة، بنسبة بلغت 41.5 بالمائة، بينما في ترتيب الاستجابة جاءت مصر في الترتيب 63، أما فيما يتعلق بالبعد الخاص بالنظام الصحي فكانت في الترتيب 128 بنسبة 15.7 بالمائة، ويمكن هنا إدراج ملاحظة طفيفة وهامة، هو أن مؤشر الطوارئ المندرج تحت بند الاستجابة حصلت فيه مصر على صفر بالمائة، وهو ما كان مرعبا بالنسبة لمراقبين.
تقرير صحيفة الجارديان عن كورونا في مصر
زاد الأمر سوءا عندما نشرت صحيفة الجارديان البريطانية تقريرا للصحفي ديكلان والش، يعتمد فيه على دراسة لباحثين مختصين من جامعة تورنتو الكندية.
الباحثون توقعوا أن عدد الإصابات المتوقع وجودها في عدد من الدول وكان من بينها مصر، وذلك بالمقارنة مع العدد المعلن عنه رسميا من السلطات في البلاد،.
وقال البحث غير المنشور في أي دورية علمية، أنه من المتوقع أن تكون أعداد الإصابات في مصر 19 ألف و310 حالة إصابة، وذلك في وقت مثل التقرير صدمة كبيرة للمصريين، خاصة مع إعلان إصابة 97 سائحا أوروبيا في مصر واكتشاف إصابتهم بالفيروس عند انتقالهم من مصر إلى دول أخرى، وزاد التقرير قائلا أن هناك بؤرة لتفشي للفيروس في صعيد مصر، وهو ما يتعارض مع التقارير الرسمية التي تؤكد أن عدد الإصابات في البلاد 126 حالة في الوقت الراهن.
مبدأيا وحتى هذه اللحظة لا يوجد ما يمكن انتقاد السلطات الصحية المصرية وأداءها في مكافحة انتشار فيروس كورونا في البلاد، بداية من إجراءات وزارة الصحة المصرية في المطارات والحجر الصحي للوافدين، إلى تعطيل الدراسة، والأداء الإعلامي التحذيري للمواطنين، وحتى تعليق السفر من كل المطارات في البلاد وإغلاق الباب أمام الوافدين من جميع أنحاء العالم، في وقت تناقش فيه الحكومة إمكانية تقليل عدد الموظفين العاملين بالدولة، ونقاشات حول تقليص ساعات العمل في العديد من مؤسسات القطاع العام والخاص.
مساء اليوم أيضا قررت الحكومة المصرية منح إجازة للأمهات والحوامل العاملات في البلاد، لا يوجد ما يستدعي الذعر بشأن أداء الحكومة في التعامل مع الفيروس، وهو ما نفذته حكومات كثيرة في العالم لا زيادة ولا نقصان.
مصدر طبي فضل عدم الكشف عن هويته، ذكر لـ”الساعة 25″ أن السلطات الصحية فرضت حجرا صحيا على قرية بأكملها، في محافظة الدقهلية، مشيرا إلى أن ذلك جاء بعد وفاة سيدة نتيجة للفيروس المستجد “كوفيد 19” في مستشفى حميات المنصورة.
في وقت أكد فيه مصدر آخر أن سكان قرية السماحية الكبرى التابعة لمدينة بلقاس في المحافظة، عاشوا قلقا شديدا بعد وفاة أول مواطنة مصرية بفيروس كورونا المستجد، بينما تسرب الذعر لكل المدينة.
ووفقا للمصدر ذاته فبتدخل السلطات تم وضع عشرات الأسر تحت الحجر الصحي والملاحظة الطبية، وتم إجراء كافة ما يلزم بهذا الشأن للسيطرة على الوضع في القرية.
كورونا و أداء وزارة الصحة المصرية
إلى حد ما أداء وزارة الصحة المصرية، في التعامل مع الأزمة المصرية حتى الآن مريح للكثيرين، وإن كان عليه بعض الملاحظات غير الكارثية.
إلا أنه في الحديث عن تقرير الصحيفة البريطانية، فعليه العديد من علامات الاستفهام، حيث اعتمد التقرير على بحث نشره اختصاصيين يعتمد على احتمالات رياضية، ( الدراسة تعتمد على نظرية الاحتمالات التي تقوم بإحصائية حول أعداد رحلات الطيران وعدد المسافرين خلال فترة معينة وغيرها من الأبعاد الرياضية البحتة غير الواقعي اعتبارها المقياس الوحيد، هناك عشرات العوامل الأخرى التي لم تعمل عليها الورقة البحثية وما يؤكد ذلك أن الورقة رفضت أكاديميا).
إلا أنه هناك ملاحظات شديد الأهملية يجب أن تأخذها في عين الاعتبار، حيث أن انقطاع المياه ليومين متتاليين في مناطق مختلفة بالعاصمة القاهرة ومحافظات أخرى، قد يؤدي لكارثة، كما أن إلغاء العمل بالمحاكم لمدة أسبوعين أمر جيد، لكن بالنسبة للسجون التي تضم الآلاف، وسط أوضاع صعبة بداية من طعام السجن في ظل إغلاق الزيارة، إلى أعداد القابعين في الزنازين والتهوية السيئة، ماذا عن كل ذلك؟
الأزهر ووزارة الأوقاف ودار الافتاء أبدوا مرونة كبيرة في التعامل مع الأزمة حيث قرروا تعليق نشاطات كثيرة، من بينها قرار دار الافتاء إغلاق أبوابها لمدة أسبوعين، الأمر ذاته بالنسبة لوزارة الأوقاف التي أجازت إمكانية عدم أداء صلاة الجمعة أو الصلاة في جماعة، بالنسبة للكنيسة فإن هناك حملة كبيرة من مصريين ضد الطقوس الدينية التي قد تتسبب في تفشي الفيروس، من بينها التناول والتجمعات وغيرها، وإلى حد كبير هناك استجابة كبيرة من مسيحيين مصريين قرروا المشاركة في الحملة التي من المؤكد ستؤدي إلى نتيجة.
غير أن خبر مطمئن آخر هو ما أعلنته الكويت اليوم عن إجراء فحوصات فيروس كورونا على 2500 مصري وصلوا إليها مؤخرا، ولم يتم اكتشاف سوى إصابة وحيدة بفيروس كورونا، والتي من المتوقع أن تكون قد أصيبت بالفيروس في الكويت نفسها.
فيروس كورونا في أرض الواقع
في أحد أحياء مدينة الإسكندرية شرقا، وقرب شاطئ البحر المتوسط، ستسير في شارع محمد يوسف غالي بمنطقة سيدي بشر، لتجد مصادفة أحد العقارات التي تم إغلاقها بعد أن تم إخلاءها من المواطنين، وعند سؤال أحد المتواجدين بالشارع سيبلغك أنه كان هناك زوجين وافدين من إيطاليا، مصابين بفيروس كورونا المستجد، وسيخبرك ان المواطنين في الحي اكتشفوا ذلك وأبلغوا السلطات الصحية ليتم نقلهم إلى مستشفى الحميات في المدينة، واحتجازهم في الحجر الصحي، ثم فيما بعد جرت عملية تعقيم للعقار بعد إخلاءه وإخضاع كافة المخالطين للزوجين في الحجر الصحي.
المصدر استرسل في الحديث قائلا، أن هذين الزوجين دخلا البلاد بطريقة غير نظامية بعد تفشي الفيروس في إيطاليا، إلا أن المواطنين أبلغوا عنهم.
هل أظهرت تلك القصة مدى تحلي المواطنين المصريين بالمسؤولية تجاه تلك الأزمة؟ إذا أزيدك عزيزي القارئ هناك ندرة شديدة في عبوات الكحول الإثيلي القاتل للفيروس في صيدليات البلاد، وسط زيادة شديدة في الطلب عليه، فأمام إحدى الصيدليات اللاتي توفر فيها الكحول كان هناك تزايد في الطلب لدرجة أن صيدلي أبلغنا أنه بمجرد حصول الصيدلية على الكمية نفذ أكثر من 70 بالمائة منها خلال ساعات قليلة، بينما انتهت العبوات التي يتم ملأها، فكان مطالب من كل من يحضر للشراء إحضار عبوة فارغة للحصول على كمية من الكحول.
ليس هذا فقط، هناك حالة عامة من اللا زحام ساعد بها أيضا حالة الطقس السيئ التي كانت موجودة يوم الخميس والجمعة الماضيين مع استمرار تلك الحالة بدرجة ما، وكأن هناك حالة من الإجماع على ذك دون اتفاق، نصائح يبلغها الناس لبعضهم البعض، يمزحون بالحديث عن فيروس كورونا لرفع الروح المعنوية في حالة غريبة من التفاؤل.
في المواصلات العامة هناك تعميم لارتداء القفازات الطبية للكمسري والسائق، ومع كل تذكرة يتلقى مقابلها، يضع الكحول عليها، وسط تعقيم مستمر بالكلور لكل ما يمكن أن يقع عليه يد الركاب، ليس هذا فقط، في عدد كبير من المحال التجارية يضع أصحابها على أبوابها صندوق به قفازات طبية، تعقيم مستمر في عدد كبير من الأسواق المجمعة مع حملات توعية مرفقة بالمزاح، ليس هذا فقط هو الحل إلا أن زخما ما يعيشه المصريون في التعامل مع الجائحة.
حتى الآن تم إلغاء عدد كبير من حفلات الزفاف في عدد كبير من المحافظات.
يعد كل ذلك مبشرا يدعوا للتفاؤل بشأن مكافحة العدوى المنتشرة في أرجاء العالم والتي أصابت 166 شخصا في مصر حتى الآن، مع إعلان وفاة 4 مصابين في مصر حتى اللحظة جراء فيروس كورونا المستجد من بينهم ثلاثة مواطنين مصريين وسائح ألماني، وهو ما يعني أن هناك خطرا قائما، إلا أنه يواجه وعيا شبه مطمئن من قبل المصريين.
لا ينبغي على أي شخص في أي مكان الفزع أو الخوف، فقط قليل من القلق يؤدي إلى شديد الحذر سيكون مفيدا جدا.
- تم وضع قسم خاص بمتابعة آخر اخبار فيروس كورونا
موضوعات تهمك:
أدب الكوارث.. 7 روايات تحدثنا عن كورونا
منظمات الصحة العالمية تحارب الشائعات بستة معلومات هامة
اسماء ومعلومات عن جميع الافلام العالمية التي عالجت موضوع انتشار الفيروسات والاوبئة
عذراً التعليقات مغلقة