اسعار النفط هذا اليوم؟ سؤال يتم طرحه عند أول يوم اقتصادي وعلى اساسه يتحدد أمور كثيرة تؤثر بشكل كبير في كل شئ في العالم، وأهمها البورصات التي تعاني حاليا وسط اسعار النفط المتراجعة خلال الأيام الماضية ولكن ماذا تقول عندما تعرف أن دولار عملاقة وليس شركات عملاقة تتضرر منذ ذلك الأمر، وأن الأمر عبارة عن حرب فيها فاعل ومفعول به؟
الحرب بدأت عند السعودية الخاسر الأكبر من تلك الحرب -تخيل-، ولكن هذا لم يكن وفقا لإرادتها أو أنها لا تهتم بما تقرر، وأن جهات أخرى تتلاعب في القرار السعودي خاصة فيما يتعلق بالنفط، فعملاق النفط السعودي ارامكو يتحول في الآونة الأخيرة إلى عرائس في يد جهات ما تسيطر عليه عن طريق قرار الطرح للبيع في البورصة السعودية مؤخرا، وهو ما يعني إدخال السعودية بأكملها وليس ارامكو فقط إلى مضاربات البورصة، حيث أنه من المعروف على مدار عقود أن النفط هو السعودية والسعودية هي النفط.
بدأت السعودية الحرب ضمن السوق العالمية على اسعار النفط حيث أن الأمر بدء منذ سنوات أربع بين مجموعة الدول التي تنضوي تحت مظلة أوبك والمنتجين من خارج المنظمة خاصة روسيا، وهو ما بدء عن طريق اتفاق مرضي للجميع يتم من خلاله تنسيق اسعار النفط بينهم ليكون السعر مقارب ولا يتضرر أيا من خفض الاسعار التي تؤدي لنتائج إيجابية بالنسبة لخافضيها حيث يزيد الطلب على المعروض من قبلهم ويخيم بالضرر على المنتجين الآخرين الذين يبيعون بسعر منخفض.
لكن هذه المرة جاء الطلب من قبل السعودية التي طالبت روسيا باستمرار خفض الانتاج حتى لا يتأثر السعر بالفوارق بين الطلب والعرض خاصة في وقت تعاني منه الصين التي تعد من أكبر المستوردين للنفط لأزمة بسبب فيروس كورونا لكن روسيا رفضت خفض الانتاج وفقا لرغبات السعودية ومصالحها، في تجاذب منها لأطراف الحرب، في وقت يعرف من دفع السعودية لمثل ذلك الطلب من روسيا انها لن توافق، بينما تعلن الرياض طرح انتاجها النفطي بالسوق الدولية عند سعر 33 دولارا للبرميل الواحد بانخفاض بلغ 30 بالمائة.
اسعار النفط .. السعودية تخسر وترامب يفرح
مع تلك الاسعار الجديد التي نتجت عن تجاذبات في السوق العالمية بين روسيا والسعودية، اعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حليف المملكة العربية السعودية الاستراتيجي ابتهاجه اليوم بانخفاض اسعار النفط، زاعما أن فرحه هذا يأتي في صالح المستهلكين للنفط، وعلى الرغم من أن تلك الحرب ستؤدي إلى خسائر روسية إلا أن السعودية هي الخاسر الأكبر وهو ما لا يعني ترامب في شئ حيث أنه مستفيد من انخفاض اسعار النفط وأيضا من خسارة روسيا.
ووفقا لتحليلات فإنه من المؤكد أن الولايات المتحدة الأمريكية هي صاحبة اليد الأولى في اسعار النفط بالسوق العالمية، حيث ان لديها موهبة في خلق الظروف المحيطة والتي قد تدفع الاسعار للانحدار أو الارتفاع، حيث أن مصالح واشنطن تكمن في شيئين الأول هو توازن بين اسعار النفط وتراجع مؤشرات الاقتصاد العالمي بسبب مكافحة فيروس كورونا وتأثيراته على الاقتصاد، بينما يريد أن يظل النفط عند سعر متوازن لا يضر بمصالح المستثمرين.
من يخسر أولا؟
يعرف ترامب أن المضاربون هم الرابحون ويعلم أن مصلحته من مصلحتهم، كما يان الرابحون أيضا الدول التي لديها إمكانية تخزين كبيرة للنفط وسط أسعاره المنخفضة، لذلك فإنه يظهر جليا مدى رغبته في استمرار تلك الحرب، ثم يقوم بإلقاء اللوم على روسيا في تلك الأزمة.
لابد أن الخاسر أولا في تلك الحرب الناشئة مؤخرا، هي السعودية ومثيلاتها من الدول التي تعتمد بشكل كلي على موارد النفط كمورد اساسي لدولتها، مما سيؤدي إلى عجز كبير في ميزانيتها، بالإضافة لزيادة الدين العام، مما يعني استدانتها مجددا مما سيؤدي إلى عجز في ميزان المدفوعات وتراجع الاستثمارات والصادرات، بينما لدى السعودي عجز في الميزانية بلغ 49.8 مليار دولار للعام 2020، كما أنها وضعت ميزانياتها وفقا لسعر برميل النفط عند 55 دولارا.
أما روسيا فإن لها خبرة واسعة في التعامل مع مثل تلك المواقف الاقتصادي، من تجاربها في التعايش مع العقوبات الأمريكية الاقتصادية، ولعل ما يمكن لروسيا فعله هو إبقاء الوضع على ما هو عليه، كما أن لروسيا فائض في ميزانيتها لعام 2020 بنحو 13.6 مليار دولار، والتي بنت ميزانيتها للنفط عند سعر 42.4 دولار للبرميل الواحد.
موضوعات تهمك:
عذراً التعليقات مغلقة