بعد وفاة الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك ظهر على السطح حديثا مربكا عن الرئيس المنتخب محمد مرسي ومقارنات طويلة بينه في حياته ومماته وبين حياة وممات حسني مبارك، وكيف أن الأمور أصبحت غريبة بعض الشئ في حساباتها وقوتها ونوازلها وأيضا سخريتها.
الآلاف سخروا من رحيل مبارك وترحم قشرة طبقية على وفاته بأشكال مختلفة، وآخرين تمنوا له الرحمة من باب العادة المصرية في الترحم على من مات حتى لو كان فعل بهم الأفاعيل، أما البعض الآخر وقفوا أمام وفاته مرتبكين للغاية، ينظرون إلى السنين التي مرت منذ عام 2011 وحتى ما قبل ذلك وحتى لحظة وفاة من كانوا يظنون أنه لن يموت ليس فقط في أقوى سنوات بطشه وقوته وتفرعنه ولكن حتى بعد أن أسقطوه من عليه.
حضر اسم الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي طيب الذكر في كثير من الأحيان وسيئا في أحيان أخرى كأي بشر عادي، إلا أنه اليوم حضر طيبا فقط، وهو ما أدهش من كانوا يسبونه بأفظع الألفاظ يوما ما بعد سنة يتيمة من حكمه، التي ما لبث أن أطيح به خارج جنبات الدولة التي لا تعترف سوى المستبدين، ولا تأمن غيرهم.
اسم الرئيس الأسبق الراحل بدى كبقعة في كفة أمام أعين من شهدوا هذا اليوم الذي يموت فيه الفرعون سابقا والمرحوم لاحقا على حد قولهم، مقابل اسم الرئيس المنتخب الراحل أيضا والذي بدا كبقعة أخرى في كفتين قد لا تكونان دقيقتان في حكمهما، لكنها قد تكون رمزية يجب أن يتم استيحاءها من الأساطير القديمة التي تتعلق بالخيرية والشر (الخيرية تعبير عن إمكانية الخير والشر الإنساني هذا ما نعنيه، أما الشر المطلق فلا معنى له سوى الشر).
حسني مبارك أمام محمد مرسي
وقف حسني مبارك أمام محمد مرسي مرة واحدة في حياته بينما كان الأول سجينا في عهد الثاني والثاني سجينا في عهد الأول إلا أن الأمور آلت بكل أسف، إلى أن يكون السجان شاهدا على الراحل الذي كان رمزا لثورة تقضي بالعدل وتضع المتهم الحقيقي في قفص الاتهام.
علاقة غريبة كانت من وصفوفه بيوسف العصر الذي خرج من السجن ليوضع على عرش مصر، لكنه كان تشبيها غير دقيق حيث لم يخرج من السجن إلا للسجن ليموت وحيدا من المرض والجوع والبرد والوحدة، ولا ينال من عرش مصر إلا رائحة التعب والاتهامات وغيرها.
لعل عهد محمد مرسي بالسياسة كانت بناءا على قيادته للمعارضة ضد نظام مبارك وقد كان أحد قيادات الإخوان المسلمين الذين وصلوا إلى قيادة الكتلة البرلمانية للإخوان كما كان عضوا في مكتب الإرشاد وأيضا فيما بعد رئيسا لحزبها السياسي.
عرف عنه انتقادات كبيرة عندما كان برلمانيا للأحداث المؤسفة التي تنتج عن الفساد، ولعل أبرز ما يتعلق بمعارضته للرئيس مبارك وقتها هو حادث قطار الصعيد، عام 2002 من منحى إنساني وهو ما يبدو أنه ليس من باب المكايدة السياسية، ولعل مبارك أصبح يسمع عنه لأول مرة بعد تلك المواقف.
ولعل أهم تصريحاته بشأن حادثة قطار الصعيد عندما انتقد تصريحات رئيس مجلس الوزراء واتهمه بتضليل الرأي العام، واتهمه بالاستفزاز للرأي العام لقوله “الحمدلله مفيش اجانب” داعيا إلى محاسبة الجميع على أخطائهم من أول رئيس الوزراء ووزراء النقل ورؤساء هيئة السكك الحديدة في مصر أثناء الحادث وقبلها على حد قوله.
اللحظة الثانية التي سمع فيها محمد حسني مبارك عن محمد مرسي ربما عندما تم اعتقاله في سجن وادي النطرون وربما سمع عنه عندما قاد حزب الحرية والعدالة جناح الإخوان المسلمين، لكن اللقاء الأبرز كان عندما أعلن عن ترشحه للرئاسة كمرشح احتياطي بديلا لخيرت الشاطر الذي أطيح به بعيدا ليتولى هو الانتخابات ويفوز فيها أمام أحمد شفيق آخر رؤساء وزرائه.
أما عن اللقاء الحقيقي عندما استدعي مبارك للشهادة ضد محمد مرسي في جلسة المحاكمة التي اتهم فيها بالتخابر وتدبير عملية اقتحام الحدود والتي كانت الجلسة يوم 26 ديسمبر 2018، وقد أدلى مبارك بشهادته مدينا مرسي بالتهمة التي وجهت إليه بعد أن أخرجوه من قفص الاتهام، والتي بدا فيها ملقنا ما يقول من جهات ما.
اللقاء بدا مرتبكا وفقا لما نقلت مصادر حقوقية حضرت الجلسة، فقد أكدوا أن مبارك عندما دخل إلى نفس القاعة تجنب النظر إلى الرئيس المنتخب محمد مرسي وبدا مرتبكا وغير هادئ، وكان يتحرك متكئًا على عصا، بينما يساندانه ابناه علاء وجمال، وجلس في المقعد المخصص للإدلاء بالشهادة، بينما تواجد مرسي وسط رفاقه في القضية وبدا غير مهتما بوجود مبارك في القاعة للشهادة.
إلا أن اللقاء الحقيقي المرتقب غيبي ولا يمكننا التكهن بملابساته ولا يمكننا تخيل ما سيكون.
موضوعات تهمك:
عذراً التعليقات مغلقة