منذ فترة طويلة والقادة السياسيون لليمين المتطرف حول العالم يُبدون تأييدهم لرئيس النظام السوري بشّار الأسد، ويُروّجون إلى أنّ بقاءه هو الحل. لكن ما بات ظاهرةً تستحق الرصد، خلال الشهور الأخيرة، هو الانبهار بالأسد بين الصفوف الشعبية لليمين المتطرف في الدول الغربية، وهو ما رصدته بالفعل صحيفة واشنطن بوست في تقريرها الذي نترجمه لكم بتصرف.من بين ما نُشر عبر الصفحة الشخصية على فيسبوك لجيمس أليكس فيلدز، سائق السيارة التي قتلت متظاهرة معارضة لليمين المتطرف في “شارلوتسفيل” بولاية فيرجينيا في الولايات المتحدة الأمريكية، يوم السبت الماضي؛ كانت صورة الشخصية الكارتونية المفضلة لليمين المتطرف “بيبي ضفدع”، وكذلك صورة للصليب المعقوف، علامة النازية الشهيرة بالإضافة إلى صورة أدولف هتلر وهو رضيع، وذلك وفقًا لما ذكره موقع “بازفيد”. ولا يُستغرب أن تكون هناك أيضًا صورة لرئيس النظام السوري بشار الأسد، بزي عسكري كامل، وكتب عليها: “لا يُقهر”.أُخذت هذه الصور من الحساب الشخصي لأليكس فيلدز الابن، والذي لم يعد متاحًا الوصول إليه الآن بعد أن أُغلق، قبل أن ينتشر على نطاق واسع على مواقع التواصل الاجنماعي. ورغم أنّ عدم إمكانية التأكد من صحة الحساب الإلكتروني، إلا أنّ الانبهار الواضح بالأسد، نما بشكل متزايد في الأشهر الأخيرة في أوساط اليمين المتطرف، ولعب دورًا خلال التجمع الوطني للقوميين البيض في فرجينيا.
وجدير بالذكر هنا أن سياسات الأسد، ومن قبله والده حافظ الأسد، ترتبط تاريخيًا باليسار أكثر من اليمين، فقد كان والده أقرب حلفاء الشرق الأوسط للاتحاد السوفيتي طوال الحرب الباردة، كما أن بشار الأسد تمتع بالدعم المستمر من كثير من اليساريين خلال محاولته القضاء على الثورة السورية، على مدار ست سنوات.
إذن، من المفترض أن يكون غريبًا أن يُصبح الأسد في الأشهر الأخيرة، رمزًا لليمين المتطرف، الذي انهال قادته بالثناء على الشراسة والقسوة التي أدار بها الحرب في سوريا، وعلى موقفه المتصور المعادي للمسلمين واليهود. ويرى البعض أن أساليب الأسد القاسية التي أدت إلى سقوط عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين في سوريا، يبدو أنها عززت مكانته لدى اليمنيين، وهو ما يشير لهُ مقطع فيديو مُسجل نشر على تويتر، حيث أشاد ثلاثة رجال شاركوا في احتجاجات شارلوتسفيل باستخدام الأسد للبراميل المتفجرة، لإخضاع المجتمعات التي انقلبت عليه. كان أحدهم يرتدي “قميصًا” كتب عليه: “شركة توصيل براميل بشار”.
والبراميل المتفجرة هي متفجرات بدائية الصنع، وزهيدة الثمن تقذف من الطائرات، بدون أي شكل من أشكال الاستهداف، وقد أدى استخدامها إلى مقتل آلاف المدنيين في سوريا.
لم يتوقف الأمر على ذلك فقد أعرب زعماء اليمين الآخرون منذ فترة طويلة، عن تأييدهم للرئيس السوري، وأعربوا عن أملهم في أن يقوم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإقامة تحالف معه. هذا وكان ترامب قد عبّر عن استحسانه لما يفعله الأسد خلال حملته الانتخابية.
واستندت هذه الآمال أيضًا إلى الدعم الذي تلقاه الأسد من بعض السياسيين اليمنيين المتطرفين في أوروبا، فلا يُنسى تصريح مارين لوبان، مرشحة اليمين المتطرف في الانتخابات الرئاسية الفرنسية السابقة، إذ قالت إن “إبقاء الأسد في السلطة هو الحل الأكثر طمأنة”.
وبعد أن أمر ترامب الجيش الأمريكي بقصف قاعدة الشعيرات الجوية التابعة للنظام السوري، ردًا على هجوم كيميائي نفذته مقاتلات سورية على خان شيخون شمال سوريا؛ أعرب العديد من المعلقين اليمنيين عن قلقهم بتغريدات على تويتر.
وبعد الهجوم بوقت قصير، عارض المتظاهرون اليمنيون الهجوم، وذلك بقيادة القومي الأبيض “ريتشارد سبنسر”، ضد مجموعة من المتظاهرين المناهضين للفاشية خارج البيت الأبيض. وعلى الرغم من أن ترامب لا يزال يرفض دعم الأسد بشكل مباشر، حتى أنه سبق أن وصفه بأنه “شخص شرير حقًا” في مقابلة تلفزيونية في أبريل/نيسان، إلا أن انبهار اليمين المتطرف مستمر بتمسك الأسد بالسلطة.
وربما يمكن تفسير علاقة الحب بين اليمين المتطرف والأسد في حزبه “حزب البعث” القومي المتشدد، والذي يركز على تعزيز الهوية القومية. كما أن أحد الأحزاب السياسية القليلة المسموح بها من قبل نظامه، وأحد أشد المؤيدين له في الحرب هو الحزب “السوري القومي الاجتماعي”، الذي استلهم شعاره من الصليب المعقوف.
المصدر: الترا صوت