يعتبر الجنس عند العرب من أكثر المواضيع التي كتب عنها المؤرخون والعلماء بحرية مطلقة، حيثُ كان يتم تداول الحكايا الجنسية بسرد شفوي مصحوبًا بروح الدعابة، حتى
أن أغلب الشعراء في العصرين العباسي والأموي، كانت تُروى عن ألسنتهم قصص جنسية كانت تتقبلها العامة بروح الطرفة، وعلى رأسهم الشاعر الذي اشتهر بالمجون أبو النواس.
ومع تقادم السنوات بدأ التراث الجنسي بالاختفاء تدريجيًا، حتى أصبح في عصرنا الراهن ممنوعًا، ولولا لم تلتزم له زمرة لا بأس بها من المحققين في العمل على إعادة أحياء هذا التراث، لكانت كتابات الأوليين عن الجنس قد اندثرت، ولأن هذه الكتب ما زالت تحتفظ بمكانتها الثقافية في عالمنا العربي، نقدم إليك أشهرها:
1- الوشاح في فوائد النكاح
ألفه العالم جلال الدين السيوطي المتوفى سنة 911 ميلادي، بحسب ما ذكر معظم المؤرخين. ويعتبر كتابه “الوشاح في فوائد النكاح”، من أشهر الكتب الجنسية المتداولة عبر التراث العربي.
ينقسم الباب المحقق، والمتداول بين المكتبات العربية إلى بابين، خصص الباب الأول للأحاديث والآثار الجنسية المروية عن فوائد الجماع شفهيًا بين العرب، بينما ضم الباب الثاني أربعة أقسام، الأول لأسماء الجماع المرتبة لغويًا، والمنقولة من كتاب “فقه اللغة” للثعالبي، والثاني ضم “ألف اسم، وثلاثة وثمانين اسمًا”، منقولًا من كتاب ابن القطاع، والثالث أسماء الذكر، والرابع أسماء الفرج، أما الباب الأخير فخصص للنوادر والأخبار.
2- ديوان أبي حُكيمة
يعتبر ديوان أبي حكيمة، لصاحبه أبو حكيمة راشد بن اسحق، من أكثر الدواوين جدلية، خصيصًا بعد تعرض معظم أشعاره للطمس، وهو ما يظهر في الديوان المطبوع، واختفاء معظم الأبيات من النصوص المحققة.
الديوان يحكي حروب أبي حكيمة مع عضوه الذكري، خلال العصر العباسي، وما كان يصحبه من معاناة في سهراته الحميمية، مظهرًا الجانب الآخر من حياة الشاعر، كون معظم النصوص تحمل كلامًا حزينًا مرًة، وكلامًا فيه الكثير من اللوم والإهانة تارًة، تاركًا بينهما فاصلًا للفكاهة والطرفة.
3- رشف الزلال من السحر الحلال
الكتاب لصاحبه العالم جلال الدين السيوطي، الذي اشتهر في أكثر من كتاب عن الحياة الجنسية عند العرب في القرون السابقة كان يؤرخ لها، وله في هذا المجال كتابه الشهير “نواضر الأيك في معرفة النيك”.
أما الكتاب الذي نتحدث عنه فيضم في أوراقه عشرين قصة مروية على لسان علماء، كل منهم يتحدث عن ليلته الأولى بعد الزواج، بين الهزل والضحك، يرويها السيوطي عن لسانهم بأسلوب لغوي رصين، ما يجعل لكل واحد من أصحاب القصص سيرة ذاتية تؤرخ لليلته الجنسية الأولى.
4- نزهة الألباب فيما لا يوجد في كتاب
لصاحبه شهاب الدين أحمد التيفاشي، والذي له في التراث الجنسي العربي أكثر من كتاب، إلا أن ما يميز هذا الكتاب، أنه شرع الحديث فيه عن مختلف الطبقات التي كانت تمارس الجنس في القرن السابع الهجري، إلى جانب معظم النصوص الشعرية التي كانت متداولة في ذلك الوقت.
الكتاب مقسم إلى 12 قسمًا، عمل على جمعها ضمن أربعة أقسام هي: الشفوية والمكتوبة والمشاهدة والرؤيا، ما يجعل منه عملًا موسوعيًا نادرًا، رغم قلة صفحاته، إلا أن القصص والأسماء والأشعار التي تضمنها الكتاب، جعلته يرتقي إلى مصاف الكتب الخالدة في التراث الجنسي، ومرجعًا مهمًا لأغلب الباحثين في هذا المجال.
5- رجوع الشيخ إلى صباه في القوة على الباه
لصاحبه أحمد بن سليمان، ويقال أنه ألف هذا الكتاب بأمر من السلطان سليم الأول، يقوم الكتاب على قسمين، توزعا على ستين بابًا، الأول مخصص للحديث عن الرجال، والثاني مخصص للحديث عن النساء.
ما يميز هذا الكتاب أنه يعتبر من أولى المحاولات في البحث داخل مجاميع التراث الجنسي عند العرب، كون صاحبه عمل على تجميعه من كتب تراثية أخرى، أي أنه حاول أن يقدم خلاصة التراث الجنسي عند عصور العرب السالفة، ما يجعله من الكتب التي لا تزال تحظى بشعبية كبيرة حتى عصرنا الحالي.
6- تحفة العروس ومتعة النفوس
لصاحبه أبي عبد الله التيجاني، أحد أئمة المذهب المالكي، ويقال إنه كتب “تحفة العروس ومتعة النفوس”، لأحد الأمراء الحفصيين في أوائل القرن الثامن الهجري، كما أن معظم المستشرقين اهتموا بتحفة التيجاني وقاموا بنقله إلى أكثر من لغة حية، من بينها الألمانية، والفرنسية، والإنجليزية.
يضم الكتاب الذي وصفه العلامة حسن حسني عبد الوهاب بأنه “مجموع أدبي رائق” 25 فصلًا، مخصصة للحديث عن معاشرة النساء، وصفة أعضائهن من حسن وقبح، وحقوق المرأة على الرجل، والمفاكهات والمطايبات المتعلقة بالنكاح.
واعتمد التيجاني في تأليفه لهذا الكتاب، على مصادر متنوعة من بينها، كتاب “الأغاني” لأبي الفرج الأصبهاني، و”إحياء علوم الدين” للإمام الغزالي، و”زهر الآداب” لأبي إسحاق الحصري، إضافة للأحاديث النبوية، والآيات القرآنية، والأحاديث الشفوية المتناقلة بين الأعراب.
المصدر: الترا صوت