مواقع التواصل الاجتماعي للثورة السورية: ممنوع الدخول
- حظرت «فيسبوك» و«تويتر» نشر أي مقاطع فيديو تحتوي على مشاهد قتل ودماء بحجة أنها مقاطع حساسة.
- التحقت وسائط التواصل الاجتماعي بالاستبداد العربي وأثبتت أنها غير بريئة وتريد فرض سطوتها على المستخدمين.
- حذفت «يوتيوب» عشرات آلاف المقاطع التي وثقت الثورة السورية وتدين النظام السوري والميليشيات الطائفية ومن معهم!
* * *
بقلم | أحمد موفق زيدان
تصاعدت أهمية وقيمة «فيسبوك» و«تويتر» تحديداً، ووسائط التواصل الاجتماعي الأخرى مع بداية الربيع العربي وثوراته، وراجت النكت والنوادر التي لها وزن في الواقع العملي بأن من أسقط هذا الرئيس أو ذاك إنما هو «تويتر» أو «فيسبوك».
واستطاع الناشطون في الثورات العربية تعويض الإعلام الحكومي وسطوته لعقود بالإعلام البديل الرخيص مادياً، والبعيد عن المراقبة الحكومية، لكن هذا الواقع لم يطل.
فقد التحقت وسائط التواصل الاجتماعي خلال السنوات الأخيرة بالاستبداد العربي، وأثبتت أنها لم تكن بريئة بالحجم الذي بدأته، وظنت أن بمقدورها أن تنجح في فرض سطوتها على المستخدمين، كما نجحت في الحلول محل الإعلام التقليدي.
كانت البداية حين قام «يوتيوب» قبل سنوات بحذف عشرات الآلاف من المقاطع التي وثقت الثورة السورية، والتي تدين النظام السوري، والميليشيات الطائفية، ومن معهم!
وكانت ضربة كبيرة للثورة السورية، وتبرئة مخيفة للنظام، بحيث طمس «يوتيوب» يومها الأدلة الحسية الملموسة لنظام مجرم، وشرع لاحقاً بفرض قيود وسياسة متشددة إزاء كل من يُحمّل مشاهد عن الثورة السورية بحجج واهية لم يكن لها وجود قبل أيام من تطبيق هذه السياسات الجديدة.
بعد «يوتيوب»، حظرت «فيسبوك» و«تويتر» نشر أي مقاطع فيديو تحتوي على مشاهد قتل ودماء بحجة أنها مقاطع حساسة، وتم حظر حسابات موثقة بسرعة كبيرة، بينما كان منفذ مجزرة نيوزيلاندا يبث جريمته على «فيس بوك» لنصف ساعة تقريباً دون أي حسيب أو رقيب.
ووصل الأمر بموقع «فيسبوك» أن ينبش لحسابات موثقة قصصاً ومقاطع أو صوراً نشرت قبل سنوات ليتم حظر حسابات هؤلاء المستخدمين على هذا الأساس.
وبنفس الشكل اقتفى «تويتر» نفس السياسة، إذ لجأ إلى حظر حسابات موثقة سورية لا لشيء إلا لأنها نشرت مقاطع فيديو توثق مجازر ترتكبها طائرات الاحتلال وذيله في مناطق مدنية تستهدف أطفالاً ونساء وشيوخاً.
وهو أمر في غاية الخطورة، إذ إنه سيطلق يد الاحتلال وذيله لتنفيذ المجازر دون وسائط تنقل الجريمة، فضلاً عن توثيقها بالصوت والصورة ليوم محاسبة القتلة والمجرمين، فقتل الشاهد اليوم يسبقه قتل الوسيلة وهي حرمانه من وسيلة للنشر.
الأسوأ من هذا هو لجوء هذه الوسائط بطريقة لوغاريتمية لا يفهمها كثير من مستخدميها إلى حذف مئات، وربما آلاف المتابعين لشخصيات مؤيدة للثورات العربية والربيع العربي، وحرمان بعض الحسابات من أن تظهر تغريداتهم ومنشوراتهم لكثير من متابعيهم وأصدقائهم!
وهو ما يشكوه الكثيرون، الأمر الذي يجعل الأصدقاء والمتابعين يلغون متابعتهم هذه الحسابات، ظناً منهم أن صاحب الحساب قد توقف عن التغريد.
الكل بات يتحدث عن دبي كمركز «تويتر» للشرق الأوسط، وتأثير سياستها وقيادتها للثورات المضادة على سياسة «تويتر» وطريقة تعامله مع مستخدميه وزبائنه، وهو ما ينطبق أيضاً على «فيس بوك» وغيره..
أمرٌ يضع مثل هذه الوسائط على المحك، ويضعها في محل المساءلة، وقد لاحظ الكثيرون تراجعاً في استخدام هذه الوسائط خلال الفترة الأخيرة، لا سيما بعد أن تبين اختراقها خصوصية المستخدمين.
الإعلام البديل لم يعد بديلاً، والإعلام الشخصي لم يعد شخصياً، والوظيفة التي انطلق على أساسها قد تخلى عنها، وطلّقها!
فالاستبداد لم يعد في حيز الواقع فقط، وإنما تسلل وسيطر حتى على الحيز الافتراضي، وما على المستخدمين الآن إلا أن يبدعوا في مواجهة هذا الاستبداد، كما أبدعت الوسائل المستخدمة في حرمانهم من حقهم في حرية التعبير.
* د. أحمد موفق زيدان كاتب صحفي وإعلامي سوري
المصدر | العرب – الدوحة
موضوعات تهمك:
عذراً التعليقات مغلقة