هل ينجح الصهاينة في تشويه الموقف الأردني من قضية القدس؟
- الأردن صاحب الوصاية على المقدسات في القدس مطالب بربط اتجاهات علاقته بالكيان الصهيوني بكف جرائمه في الأقصى.
- تفاهمات اي دولة عربية مع العدو تكرس لدى الصهاينة الانطباع بأن هذه الدولة تقر بسيادتهم على الحرم الشريف.
- تعهدت أحزاب إسرائيلية ستشارك في أية حكومة قادمة بفرض السيادة الصهيونية على الأقصى وطرد دائرة الأوقاف الإسلامية منه.
بقلم: صالح النعامي
يحاول الكيان الصهيوني بكل ما أوتي من قوة أن يكرس انطباعا أن أطرافا عربية مستعدة لمساعدته في تمرير مخططاته التهويدية في القدس وتحديدا في المسجد الأقصى.
ومن الواضح أن هناك توجها صهيونيا واضحا لتشويه المواقف العربية الرسمية من خلال إطلاق التسريبات، التي زخرت بها وسائل الإعلام الصهيونية مؤخرا، والتي تحاول الزعم بأن هناك من الدول العربية من يبدي تفهما للإجراءات الصهيونية الأخيرة، لا سيما قرار إغلاق مصلى «باب الرحمة»، الذي اتخذته المحكمة المركزية الصهيونية في القدس المحتلة.
اقرأ/ي أيضا: الممارسات الإجرامية الصهيونية الوحشية (2)
ومن الواضح أنه لا يمكن تخيل أن نظام حكم عربيا يمكن أن يتساوق مع المخططات الصهيونية إزاء القدس، ليس فقط بفعل الالتزامات الدينية والقومية والتي يفترض أن يبديها إزاء هذه القضية المقدسة، بل أيضا لأن أية تساوق مع الصهاينة سيكون بمثابة انتحار لكل نظام عربي، على اعتبار أن صمود المقدسيين والتفاف الشعب الفلسطيني حولهم وإسناد شعوب الأمة لنضالهم، ستحرج هذه الأنظمة.
من هنا، يوجد ما يستدعي صدور موقف معلن وواضح من حكومات الدول العربية التي يحاول الصهاينة تشويه سمعتها عبر فبركة ادعاءات حول صفقات تتبلور للاتفاف على الموقف الفلسطيني الشعبي من قضية مصلى «باب الرحمة».
اقرأ/ي أيضا: من أجل «ربيع» أفضل
إن ما يفاقم خطورة إمكانية أن تتوصل دولة عربية لتفاهمات مع الكيان الصهيوني بشأن المسجد الأقصى حقيقة أن مثل هذه التفاهمات، تكرس لدى الصهاينة الانطباع بأن هذه الدولة العربية تقر بالسيادة الصهيونية على الحرم الشريف، مع أنه لا يمكن تخيل أن تكون هناك دولة عربية تنطلق مع موقفها من القدس على أساس أن هناك سيادة للصهاينة على الأقصى.
من نافلة القول أن سقف التوقعات من الدول العربية لا ينحصر في عدم تعاونها مع المخططات الصهيونية إزاء الأقصى، بل يتوجب أن يكون لها موقف جاد وصارم من الإجراءات العدوانية الصهيونية الأخيرة، والتي تمثلت بقرار محكمة الاحتلال المركزية في القدس المحتلة والتي أمرت بإغلاق مصلى «باب الرحمة»، إلى حملة الاعتقالات التي طالت قادة الأوقاف الإسلامية وحراس الأقصى.
اقرأ/ي أيضا: ألم يبلغ السيل الزبى بعد؟
إن الدول العربية وتحديدا الأردن التي تتولى مهمة الإشراف على المقدسات الإسلامية في القدس، مطالبة بربط اتجاهات علاقتها مع الكيان الصهيوني بما يقدم عليه من جرائم في الأقصى.
من هنا يتوجب على هذه الدول أن توضح بشكل لا يقبل التأويل أن الاتفاقات الموقعة مع الاحتلال، يجب أن تخضع لمدى التزام الكيان الصهيوني بوقف سياساته الهادفة بشكل واضح وصريح إلى تهويد الأقصى.
ويكون من المؤسف حقا، عندما تتوصل بعض الدول العربية إلى تفاهمات اقتصادية وصفقات تحديدا في الوقت الذي تتعاظم فيه الهجمة على الأقصى.
ومن المفارقة أن الدول العربية وكذلك الإعلام في العالمين العربي والإسلامي يتجاهل بشكل مستهجن المواقف التي عبرت عنها الأحزاب الصهيونية في برامجها الانتخابية، والتي تعهدت بإملائها على الحكومة التي ستتشكل بعد الانتخابات التي ستجرى في التاسع من أبريل القادم.
اقرأ/ي أيضا: السلطويات العربية حين تفرض الانتقام فولكلورا شعبيا
فقد تعهدت أحزاب ستشارك حتما في أية الحكومة القادمة بأن يتم فرض السيادة الصهيونية على الأقصى وطرد دائرة الأوقاف الإسلامية منه، كما تعهد بذلك حزب «الهوية»، الذي يرأسه نائب رئيس البرلمان الأسبق موشيه فايغلين، الذي تتنبأ استطلاعات الرأي أن يكون هذا الحزب مفاجأة الانتخابات، من حيث عدد المقاعد التي يحظى بها.
ويتبنى حزبا «اليمين الجديد» بقيادة وزير التعليم نفتالي بنيت، و«أبليت اليهودي» بقيادة الحاخام إسحاك بيريتس مواقف مماثلة.
من هنا، فإن هناك حاجة إلىى أن تبادر جامعة الدول العربية ومنظمة العالم الإسلامي والحكومات العربية ذات العلاقة بقضية القدس، ولا سيما الأردن والمغرب، إلى جانب السلطة الفلسطينية بوضع النقاط على الحروف مسبقا، لأن الانتخابات الصهيونية القادمة قد تكون نقطة تحول بالغة الخطورة في كل ما يتعلق بمخطط تهويد القدس وتحديدا الأقصى.
اقرأ/ي أيضا: تحالف الجنرالات.. سفاحون في المشهد السياسي بإسرائيل
* د. صالح النعامي كاتب وأكاديمي فلسطيني مختص بالشأن الصهيوني.
المصدر: السبيل – الأردن
عذراً التعليقات مغلقة