باكستان والهند.. عنوان الصراع القادم

محرر الرأي12 مارس 2019آخر تحديث :
باكستان والهند

باكستان والهند.. عنوان الصراع القادم

  • أول مواجهة عسكرية مباشرة بين قوتين تملكان السلاح النووي منذ الحرب العالمية الثانية.
  • السبب الأبرز للأزمة قرب الانتخابات الهندية والتي يتطلع حزب رئيس الوزراء إلى تحقيق فوز كاسح فيها.
  • الولايات المتحدة تستغل الموقف للضغط على حليف صيني كبير وباكستان لتعاون أكبر في مكافحة الإرهاب.
  • يبدو أن التصعيد متوقف بين الجارتين النوويتين، ولكن لماذا حدث ذلك ولماذا الآن؟

بقلم: ماجد محمد الأنصاري

يحمل التوتر بين باكستان والهند خلال الأسابيع الماضية نذير تفجر بؤرة صراع حساسة في عالمنا اليوم، كانت هذه المواجهة العسكرية هي الأولى بشكل مباشر بين قوتين تملكان السلاح النووي منذ انتشار الأسلحة النووية بعد الحرب العالمية الثانية.

قبلها بشهور بدأ التحرش الهندي بباكستان من خلال الاعتداء على المدنيين عبر الحدود واستهداف مسلمي كشمير من قبل المتطرفين الهندوس، استمرت هذه الاستفزازات حتى وقوع العملية التي أودت بحياة 44 جندياً هندياً في كشمير.

اقرأ/ي أيضا: من أجل «ربيع» أفضل

فاستغلتها الهند لاتخاذ مجموعة إجراءات ضد جارتها وصلت إلى تنفيذ ضربة جوية داخل الأراضي الباكستانية ما اضطر باكستان إلى الرد بالمثل وانتهت المناوشات بإسقاط طائرة هندية وأسر طيارها الذي تم تسليمه إلى الهند لاحقاً في بادرة حسن نوايا.
حتى الآن يبدو أن التصعيد متوقف بين الجارتين النوويتين، ولكن لماذا حدث ذلك ولماذا الآن؟

هناك العديد من الأسباب غير المباشرة مثل المواجهة بين الصين الداعمة لباكستان والولايات المتحدة الداعمة للهند في ملفات مختلفة والتغير السياسي داخل باكستان.

لكن السبب الأبرز الذي يقف خلف الأزمة هو قرب الانتخابات البرلمانية الهندية والتي يتطلع حزب رئيس الوزراء الهندي إلى تحقيق فوز كاسح فيها.

اقرأ/ي أيضا: هل تقبل طهران الحوار الفكري العربي ــ الإيراني؟

هذه الانتخابات تمثل تحدياً كبيراً لحزب الشعب الهندي “بهارات يا جناتا” القومي الهندوسي الذي يرأسه مودي ويمثل الأغلبية البرلمانية وينفرد بتشكيل الحكومة منذ عام 2014، فالحزب عزز حضوره من خلال البناء على خطاب الخوف من الآخر سواء كان متمثلاً في باكستان أو المسلمين في الهند.

كما استفاد بشكل كبير من تصاعد وتيرة التطرف الهندوسي في الهند في تعزيز مكاسبه، اليوم تشير نتائج استطلاع سي فوتر، وهو أول استطلاعات الرأي المنشورة ترقباً لانتخابات أبريل القادم، إلى تفوق كبير لصالح حزب الشعب على غريمه حزب المؤتمر الهندي الذي أسسه غاندي إبان الاستقلال.

إذ تشير النتائج إلى إمكانية فوز حزب رئيس الوزراء ب264 مقعداً من أصل 543 مقعداً في مقابل 141 مقعداً لغريمه الأكبر حزب المؤتمر، ويذكر أن حزب الشعب الهندي يعتبر اليوم أكبر أحزاب العالم من حيث العضوية وأكبرها من حيث المقاعد البرلمانية في الهند على المستوى الوطني والإقليمي.

اقرأ/ي أيضا: عزلة اليمن.. قدر أم قرار؟

ولكن يبدو أن قيادة الحزب متمثلة في مودي تريد السيطرة على المشهد تماماً بعد هذه الانتخابات وهذا بحاجة إلى تعزيز الروح القومية الهندوسية، والقناة الأفضل لذلك دائماً هي الصراع مع باكستان.

في المقابل تواجه الحكومة الباكستانية الجديدة برئاسة عمران خان الذي يأتي من خارج المؤسسة السياسية التقليدية تحديات عدة على رأسها الحالة الاقتصادية المتردية والضغط الذي تواجهه البلاد من الولايات المتحدة وجارتها الهند.

وهذا غير واقع أن باكستان خرجت للتو من أزمة سياسية كبيرة بعد ما حدث مع نواز شريف رئيس الوزراء السابق وإزاحته بحكم قضائي عن السلطة لذلك لجأت باكستان في الرد على الاستفزاز الهندي إلى سياسة الردع والتهدئة فقامت برد مماثل. لكن توقفت عند ذلك الحد ومثلت إعادة الطيار الهندي فرصة مناسبة لنزع فتيل الأزمة.

اقرأ/ي أيضا: السلطويات العربية حين تفرض الانتقام فولكلورا شعبيا

في ظل توازن القوى الحالي ليس من مصلحة إسلام آباد التصعيد في ظل التحديات التي تمر بها البلاد، ولكن نيودلهي ترى المسألة من منظور سياسي بحت حيث قد تمثل الانتخابات ركيزة في إنهاء ثنائية النظام السياسي في الهند لصالح حزب الشعب.

وهذا يجعل قيادة حزب الشعب حريصة على تصعيد الخلاف مع باكستان والذي يغذي قواعد الحزب الشعبية، ربما يقبل الهنود بالتهدئة ولكن لن يستمر ذلك طويلاً خاصة إذا نجح الحزب في تحقيق فوز كاسح فإنه لا شك سيتبع ذلك بتصعيد جديد ضد باكستان لتثبيت انفراده وطنياً.

خارج حدود طرفي الأزمة يمثل موقف الولايات المتحدة الداعم بقوة للهند استغلالاً للموقف أولاً للضغط على حليف صيني كبير ولكن للضغط على باكستان كذلك لتعاون أكبر في مجال مكافحة الإرهاب والملف الأفغاني.

اقرأ/ي أيضا: ربع الساعة الأخير

وبوجود شخص مثل جون بولتون في الإدارة الأمريكية ستكون الإدارة أقل تعقلاً في إدارة الأزمة، فخلال السنوات الأخيرة كانت الأنظار تتجه لمنطقة الشرق الأوسط كبؤرة صراع محتملة تقودها الولايات المتحدة في ظل خطابها المتشدد تجاه إيران.

لكن الأحداث اليوم ربما تقود إلى استنتاج جديد وهو أن بؤرة الصراع الهندي الباكستاني تبدو أكثر سخونة وأقرب لمواجهة مباشرة.

* د. ماجد محمد الأنصاري أستاذ الاجتماع السياسي بجامعة قطر
المصدر: الشرق – الدوحة

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)
    الاخبار العاجلة