توشك الولايات المتحدة والصين على التوصل إلى اتفاق لإنهاء المواجهة التي بدأها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب العام الماضي وأثارت غضب بكين بسبب فرضه رسوما جمركية إضافية على بضائع صينية مستوردة
و ذكرت مصادر مقربة أن المفاوضات بين الجانبين شهدت تقدما ملحوظا وأن هناك اتفاقا يلوح في الأفق. فبكين مستعدة على الأرجح لخفض التعريفات الجمركية ورفع قيود أخرى مفروضة على الواردات الزراعية والكيميائية والسيارات الأمريكية كما أن واشنطن مستعدة أيضا لتقديم تنازلات.
و تضيف المصادر ان السلطات الأمريكية لا تُعارض إلغاء معظم العقوبات التي فُرضت على المنتجات الصينية العام الماضي .
أقرأ/ي أيضا : بعد طرد اثنين من موظفيها.. هولندا تستدعي سفيرها لدى إيران
غير أن المصادر أشارت إلى أن هناك عقبات لا تزال قائمة، على الرغم من أنه ليس مستبعدا أن يتم الإعلان عن اتفاق في اجتماع قد يُعقد في 27 مارس بين الرئيسين الأمريكي دونالد ترامب والصيني شي جينبينج
يشار الى ان الولايات المتحدة جعلت من سعر اليوان الصيني موضوعا جوهريا في مفاوضاتها التجارية مع الصين، خشية أن تقوم بكين بتخفيض قيمة عملتها لدعم صادراتها، غير أن ضبط سوق الصرف في الصين يعكس في الحقيقة واقعا أكثر تعقيدا
و تحدث وزير الخزانة ستيفن منوتشن عن «اتفاق تاريخي» فيما أوضح المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض لاري كادلو يوم الخميس الماضي أن واشنطن تريد بصورة خاصة إرغام بكين على لزوم الشفافية حول تدخلها في سعر العملة الوطنية.
لكن المطالبة بسعر «مستقر» لليوان تنطوي على مفارقة. فلا مصلحة للصين بالضرورة في أن تكون عملتها ضعيفة، والضغوط نحو خفض قيمة اليوان نابعة إلى حد بعيد عن الأوضاع السائدة في الولايات المتحدة وعن رفع معدلات الفائدة الأمريكية، وليس عن معلومات موثوقة.
أقرأ/ي أيضا : «هواوي» ترفع دعوى قضائية ضد واشنطن.. تعرف على السبب!
وحتى وزارة الخزانة الأمريكية نفسها أكدت مرارا ان بكين لا تتلاعب بعملتها، ولو أنها تقوم حكما بضبط تقلبات اليوان
يذكر أنه لا يمكن تحويل العملة الصينية بحرية، فلا يمكن لسعرها أن يتراوح مقابل الدولار إلا في هامش 2% حول سعر محوري يحدده يوميا البنك المركزي الذي ليس مؤسسة مستقلة، خلافا للمصارف المركزية الغربية
وهذا ما يحد من إمكانية تقلب اليوان الذي بقي سعره خلال السنوات الخمس الأخيرة بين 6,2 و6,8 يوان للدولار الواحد، وهو مستوى مرتفع تاريخيا بالمقارنة مع حوالي 8 يوان للدولار في العقد الأول من الألفية.
و ارتفع سعر اليوان بحوإلى 6% عام 2017، لكنه عاد وتراجع 5.7% في 2018 مسجلا أدنى مستوى تاريخي له منذ عقد، ما حرك المخاوف من أن تكون بكين افتعلت هذا التراجع.
غير أن المحللين يعزون تراجع قيمة اليوان إلى تباطؤ الاقتصاد الصيني والحرب التجاري الجارية مع الولايات المتحدة ، إضافة إلى رفع مجلس الاحتياطي الفدرالي معدلات الفائدة، وهو قرار يؤدي تلقائيا إلى ارتفاع سعر الدولار ويجعل الأصول المُقَوَّمة بالدولار جذابة أكثر منها بالعملات الأخرى. وكما هو معروف تحدد بكين يوميا سعرا محوريا لليوان يمكن لعملتها أن تتقلب حوله. ويفترض أن يستند تحديد هذا السعر المحوري إلى السوق، لكن البنك المركزي الصيني يقول أنه منذ أغسطس/آب يأخذ في الاعتبار عامل «تصحيح لمكافحة تقلبات الدورات الاقتصادية»، الذي يهدف إلى الحد من تأثير «العوامل الاستثنائية» والحفاظ على «سعر متوازن».
وهزت الصين الأسواق العالمية في أغسطس 2015 إذ خفضت سعر اليوان 5% خلال أسبوع واحد، وبررت بكين ذلك بعزمها على أن يعكس سعر اليوان مستواه الفعلي تمهيدا لدمج العملة الصينية في الوحدة الحسابية لـ»صندوق النقد الدولي»
وأثار ذلك القرار هلع المستثمرين وأدى إلى هروب كميات هائلة من الرساميل خارج الصين (650 مليار دولار عام 2016)، ما زاد من حدة تراجع اليوان.
وقام البنك المركزي الصيني عندها بالتدخل بشكل نشط لوقف تدهور قيمة العملة الوطنية، راصدا مبالغ طائلة من احتياطات الصرف الهائلة لديه من أجل شراء اليوان وبالتالي دعم سعره.
وفي هذا الصدد يذكر ان احتياطيات الصين من العملات الأجنبية، البالغة 3100 مليار دولار في نهاية يناير الماضي، تشكل سلاحا في غاية الأهمية بيد بكين
كذلك قام البنك المركزي الصيني في 2015 بتشديد الرقابة على حركة الرساميل سعيا لاحتواء الضغوط على اليوان
ويدعم سعر صرف متدن لليوان الصادرات الصينية، ما قد يعوض جزئيا عن مفاعيل الحرب التجارية او عن الارتفاع الشديد في سعر العمالة في الصين
عذراً التعليقات مغلقة