المحنة المنسية.. 30 قانونا ترغم المسلمين الإيغور على الردة
تتواصل حملة القمع الصينية على أقلية الإيغور المسلمة في إقليم شينغيانغ منذ نحو سبعين عاما، لكن القضية بقيت منسية، ولم تنل حظها من التغطية الإعلامية والاهتمام الدولي، شأنها شأن كثير من القضايا التي يهيمن فيها الطرف الأقوى ويفرض فيها روايته.
يعتبر إقليم شينغيانغ (تركستان الشرقية سابقا) أحد الأقاليم الصينية الخمسة التي تتمتع بحكم ذاتي، وبحسب أرقام الحكومة الصينية فإن أكثر من نصف سكان الإقليم هم من المسلمين الذين ينتمون أساسا إلى عرق الإيغور.
وقد قام السكان الإيغور بعدة ثورات في القرن العشرين للاستقلال عن الحكومة المركزية في بكين، أبرزها ثورة 1944 التي نجحوا على إثرها في إعلان دولة تركستان الشرقية المستقلة، لكن سرعان ما ضمتها الصين الشيوعية عام 1949.
اقرأ/ي أيضا: إجرام طائفي صيني و اجبار المسلمات على الزواج قهرا من وثنيين
ومنذ ذلك الحين وهم يتعرضون لحملات قمع متواصلة من حكومة بكين طالت كل مناحي الحياة، وأسفرت عن تغيرات بنيوية شملت الديموغرافيا والثقافة والدين واللغة، وجميع مناحي الحياة.
ويتمتع الإقليم بثروات طبيعية هائلة، أهمها الفحم والغاز الطبيعي والنفط الذي يسد حوالي 80% من الاحتياج الصيني، ولا يمكن أيضا إغفال مساحة الإقليم الشاسعة التي تمثل خمس مساحة الصين والتي طالما كانت تشكل هاجسا أمنيا بالنسبة للسلطات الصينية لتقاطع حدودها مع خمس دول مسلمة.
هذا التقرير يرصد أبرز مظاهر حملة القمع الصينية ضدهم:
– التهجير والترحيل والعبث بالتركيبة الديموغرافية:
حتى عام 1949 كان الإيغور يمثلون 80% من سكان إقليم تركستان الشرقية، ومارست السلطات الصينية صنوفا مختلفة من القمع والاضطهاد ضد أبناء قومية الإيغور، مما أدى إلى نزوح مئات الآلاف منهم إلى الدول والمناطق المجاورة.
اقرأ/ي أيضا: خفايا المجزرة الطائفية في نيوزيلندا هل هو حادث أم هجوم أم مجزرة؟
ومهدت هذه الهجرة الطريق أمام الحكومة الصينية لحث الصينيين من قومية الهان على الهجرة إلى الإقليم تحت شعار الانفتاح والتعايش السلمي بين القوميات، وهو ما أدى بشكل تدريجي إلى زيادة في نسبة السكان من قومية الهان الصينية الذين أصبحوا يمثلون اليوم قرابة 42% من سكان الإقليم البالغ عددهم 24 مليونا.
– التضييق على الحريات الدينية:
وباسم التصدي للإرهاب، تفرض السلطات في الإقليم تدابير أمنية متشددة على السكان، وتنفي أنها ترتكب انتهاكات ممنهجة لحقوق مسلمي الإقليم، قائلة إنها تتخذ فقط إجراءات صارمة ضد “التطرف” و”النزعة الانفصالية” في الإقليم.
اقرأ/ي أيضا: في وداع الردع.. لماذا يتجه العالم للحرب بدلا من تفاديها؟
وأفادت صحيفة تابعة للحزب الحاكم بأن الإقليم قام بتعديل تشريعات من شأنها السماح للسلطات المحلية بتعليم وتعديل سلوك الأشخاص المتأثرين بالتطرف في مراكز التدريب المهني.
ويسمح القانون الجديد بإلقاء القبض على المشتبه بهم دون توفير محاكمة قانونية لهم، كما يسمح “بتوفير التربية العقائدية ضد التطرف، والعلاج النفسي وتصحيح السلوكيات”.
ووفق تقرير نشرته الجزيرة نت فإن السلطات الصينية أغلقت خلال العقدين الماضيين أكثر من ستة آلاف مسجد، وتسريح عشرات الآلاف من الأئمة الإيغور.
ولم تقف السياسات العنصرية عند هذا الحد، ففي 28 يونيو/حزيران 2014 نشرت الإدارة المحلية لإقليم شينغيانغ بيانا على موقعها الإلكتروني حذرت فيه المسلمين الذين يعملون في المؤسسات والدوائر الحكومية من الصوم أو القيام بواجبات دينية مرهقة خلال شهر رمضان، كما طالبت أيضا الطلاب والمدرسين بعدم الصوم، والامتثال إلى القوانين المعمول بها داخل الإقليم.
اقرأ/ي أيضا: سؤال الهوية المتغيّر!
تبع ذلك قرار أصدرته السلطة المحلية يقضي بمنع النساء المحجبات والرجال الملتحين وكل من يرتدي ملابس تحمل رمز الهلال والنجمة من ركوب الحافلات بحجة تعزيز الأمن والسلم.
كما شرعت السلطات القضائية في العاصمة الإدارية أورومتشي في 11 ديسمبر/كانون الأول 2014 قانونا يقضي بحظر ارتداء النقاب في الأماكن العامة على اعتبار أن النقاب الذي يغطي كامل الوجه لا يعد من الملابس التقليدية.
وحذرت السلطات الأمنية عقب صدور القرار كافة شركات الملابس في المدينة وكذلك الخياطين من تصنيع ملابس المحجبات.
اقرأ/ي أيضا: خفايا الحملة الصليببية لترامب
ويمكن إجمال الممارسات التي تنتهجها السلطات في هذا الإطار بما يلي:
الحرمان من أداء الصلاة والشعائر الدينية إلا في إطار ضيق وتحت المراقبة.
منع تداول المصاحف والكتب الدينية.
إجبارهم على الإفطار في نهار رمضان، ومنعهم من الصيام.
منع استخدام مكبرات الصوت لرفع الأذان بحجة إزعاج السكان.
منع تطبيق الأحكام الشرعية في تنظيم الأحوال الشخصية، التي تتعلق بالزواج والطلاق والميراث.
حظر اللباس الشرعي للنساء ومنع تصنيعه، وحظر إطلاق اللحى للرجال.
طمس المعالم الإسلامية وإغلاق المساجد وتسريح الأئمة.
تحريم الطعام الحلال وإجبارهم على أكل لحم الخنزير في المدارس وأماكن العمل.
منع حمل الرموز الدينية كالهلال والنجمة.
حظر استخدام الحروف العربية.
إخضاع المؤسسات التعليمية للمناهج الصينية.
منع تعدد الزوجات.
نشر الانحلال والإباحية ومحلات بيع الخمور في مناطق المسلمين.
تحديد النسل وفقا للقوانين الصينية.
اقرأ/ي أيضا: عداء اليهود وليس معاداة السامية
– التضييق على الحريات الشخصية:
أفاد تقرير أصدره الكونغرس الأميركي بأن السلطات الصينية تقوم بحملة قمع “غير مسبوقة” لأفراد الأقليات ومن بينهم المسلمون الإيغور، كما أن أساليب الحكومة السلطوية تتسبب بتدهور وضع حقوق الإنسان في البلاد، وحذر التقرير من أن مثل هذه الإساءات “قد تشكل جرائم ضد الإنسانية”.
لكن بيانا لوزارة الخارجية الصينية قال إن “اتخاذ مثل هذه الإجراءات لمنع ومكافحة الإرهاب والتطرف قد ساهم حقا في الحفاظ على الاستقرار الاجتماعي في شينغيانغ ووفر الحماية لسبل العيش الخاصة بأبناء كل المجموعات العرقية”.
اقرأ/ي أيضا: تحالف الجنرالات.. سفاحون في المشهد السياسي بإسرائيل
وقد حصلت السلطات الصينية على تعهدات خطية مشددة من معظم الشخصيات المؤثرة في المجتمع الإيغوري تقر بالالتزام التام بتعليمات الحكومة، وتشير إلى أن كل من يخالفها سيعرض نفسه للمساءلة القانونية.
وتشمل تلك الممارسات:
منع الاتصالات الخارجية عمن يشتبه بصلاتهم مع معارضين في الخارج.
التضييق على استخدام الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي.
الحرمان من السفر لمن يشتبه بكونهم يحملون أفكارا معارضة.
منع تجديد جوازات سفر المعارضين خارج البلاد.
المراقبة المستمرة ونشر الكاميرات وأجهزة المسح الضوئي حتى في القرى النائية.
أخذ عينات من الحمض النووي لتسهيل متابعة المعارضين.
تزويد السيارات بشرائح تتيح ملاحقة تنقلها عبر الأقمار الاصطناعية.
الاعتقال والإخضاع للتحقيق في المراكز الأمنية دون تهم محددة.
التمييز ضدهم في حق الحصول على وظائف حكومية.
– معسكرات الاحتجاز:
قالت الأمم المتحدة إنها تلقت تقارير موثوقة عن وجود نحو مليوني شخص من أقلية الإيغور المسلمة في معسكرات صينية سرية في إقليم شينغيانغ، تطلق عليها السلطات “معسكرات التلقين السياسي” أو “إعادة التأهيل”، ودافعت السلطات في بكين عن البرنامج مؤكدة أنها تريد بذلك التصدي للإرهاب عبر مراكز “تدريب متخصصة”.
اقرأ/ي أيضا: لن تتعب هذه الأمة من محاولة النهوض
وتقول المنظمات الحقوقية إن عمليات الاحتجاز تتم بشكل اعتباطي، وغالبا ما تأتي نتيجة لأفعال غير مؤذية مثل الصلاة أو تلقي اتصال من قريب بالخارج، بينما دعت الأمم المتحدة إلى تحرير المحتجزين، ووصفت المعسكرات بأنها “منطقة ليس بها حقوق”.
ونقلت المنظمات شهادات قال أصحابها إن هؤلاء المحتجزين يقضون أيامهم في المعسكرات وهم ينشدون قسرا أغاني دعائية صينية مثل “من دون الحزب الشيوعي لن تكون هناك صين جديدة”.
كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن أشخاص كانوا معتقلين قولهم إنهم سُجنوا بسبب لحاهم الطويلة أو ارتداء حجاب، أو لأنهم بعثوا بتحيات على الإنترنت في الأعياد الإسلامية.
وقالت صوفي ريتشاردسون مديرة الصين في هيومن رايتس ووتش غير الحكومية للدفاع عن حقوق الإنسان، إن “السلطات الصينية وضعت بقساوة أطفال بعض المعتقلين السياسيين في شينغيانغ في مؤسسات للدولة”.
اقرأ/ي أيضا: ماذا بعد مرور 40 عاما من حكم الملالى الإيرانى؟!
ومن الممارسات التي تجري في المعسكرات ضد المحتجزين:
منع الاتصال مع الأقارب في الخارج.
فصل الأطفال عن ذويهم المحتجزين مما يجعلهم عرضة للانحلال الأخلاقي والفساد الاجتماعي.
تعريض المحتجزين لبرامج غسل الأدمغة وتعديل سلوك، بحجة مكافحة الأفكار المتشددة والتطرف.
كما يتعرض المحتجزون لصنوف مختلفة من التعذيب، من بينها الإيهام بالغرق.
وتشير إحصاءات رسمية إلى وجود 30 مليون مسلم في البلاد، 23 مليونا منهم من الإيغور، في حين تؤكد تقارير غير رسمية أن أعداد المسلمين تناهز الـ 100 مليون، أي نحو 9.5% من مجموع السكان.
اقرأ/ي أيضا: من يدفع ثمن الفشل الاستخباراتي العالمي
المصدر: الجزيرة نت
عذراً التعليقات مغلقة