انتقد مبعوث الرئيس الأمريكي للشرق الأوسط جيسون جرينبلات، حركة المقاومة الإسلامية حماس، مطالبًا إياها بتحسين حياة الغزيين الذين تحكمهم. وقال غرينبلات متجاهلًا ما يمر به قطاع غزة من أزمات إقتصادية وإنسانية حادة لأسباب متصلة بحكم حماس قطاع غزة، لكنها أسباب مباشرة في تردي أوضاع سكان القطاع من الفلسطينيين، أن “على حماس تحسين حياة الفلسطينيين الذين تسعى لحكمهم”، كما طالب المبعوث الأمريكي حماس بالإفراج عن إسرائيليين أسرتهم في أوقات سابقة. وأضاف غرنبيلات أن على حماس إعادة رفات هدار غولدين كما طالب بإطلاق سراح الجندي الإسرائيلي اورون شاؤول كذلك دعا حماس للإفراج عن الـ3 مواطنيين الإسرائيليين لديها وهم ابراهام أبرا منغيستو وهشام السيد وجمعة إبراهيم أبو غنيمة.
الحصار وأزمات متشعبة
تفرض إسرائيل حصار على القطاع منذ أن سيطرت عليه حركة حماس في عام 2007، كما تقوم على فترات متباعدة بشن حروب تدوم أيام، تقوم خلالها بقصف القطاع من الجو.
لا يقتصر الأمر على الإجراءات الإسرائيلية ضد القطاع، حيث تغلق مصر حدودها أيضًا مع قطاع غزة بشكل دائم وتقوم بفتحها بشكل إستثنائي على مراحل لعبور الحالات الإنسانية الطارئة والذاهبون إلى السعودية لإجراء طقوس الحج أو العمرة، مما يؤدي إلى معاناة يعيشها الغزيون، جراء الحصار المفروض على البلد الصغير منذ 11 عام.
ويعاني القطاع من أوضاع إقتصادية كارثية، فقد جاء في آخر الإحصائيات أن نسبة الفقر بين سكان القطاع وصلت لـ80% كما ارتفعت نسبة البطالة لـ50%. من جهته حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غويتريتش اليوم من أن القطاع في وضع “غاية في السوء”، وقال غويتريتش أن تقديرات الأمم المتحدة تشير إلى أن القطاع بحلول 2020 سيكون غير قابل للحياة، وأكد غويتريتش أن 2 مليون إنسان يعيشون في وسط بنا تحتيه منهارة.
أمس خلال إحتجاجات تجمع المئات من أطفال القطاع إحتجاجًا على الأوضاع الإنسانية وتجمع الأطفال رافعين لافتات تطالب بفك الحصار ورددوا هتفافات منها “انقذوا غزة”.
كما يعاني قطاع غزة جراء الحصار من أزمة في الطاقة مما يتسبب في أزمات كبيرة تؤثر على كافة المجالات، ويعد قطاع الصحة أبرز المجالات التي تتأثر من استمرار أزمة الكهرباء التي تخلفها أزمة الطاقة، وتغلق المستشفيات في القطاع تباعًا بسبب الأزمة، ويبدو أن إستمرار توقف المشافي لن يتوقف قريبًا، فصباح اليوم الاثنين أعلنت وزارة الصحة في غزة توقف 3 مشافي إضافية عن العمل بسبب نفاد كمية الوقود التي تعمل كهرباء المشافي بها، وتقول وزارة الصحة في غزة أن 13 مركز صحي توقف عن العمل في وقت سابق بسبب نفاد الوقود وجاء في بيان أشرف القدرة المتحدث بإسم وزارة الصحة الفلسطينية في غزة: “إننا بتنا أكثر قلقًا على توقف المزيد منها (المستشفيات)، كل يوم جراء عدم وجود أفق لحل الأزمة القاسية”.
على صعيد متصل بقطاع الصحة، تعاني وزارة الصحة الفلسطينية من أزمة نقص حاد في الدواء بالمراكز الصحية بالقطاع، حيث وصل عجز الأدوية إلى 46%، بإرتفاع في نقص الأصناف الدوائية تخطى 230 صنف دوائي، كما زادت نسبة العجز في لوازم المختبرات وبنوك الدم إلى أكثر من 56%.
أزمة الأونروا
الأمر لا يتوقف عند حد الحصار، ولكن الولايات المتحدة لها رأي مطابق لتوجه جيش إسرائيل، فقد قرر الرئيس الأمريكي سد الشريان الأخير الذي يُبقي القطاع المنهك المشارف على الموات حيًا، ففي وقت سابق أصدر ترمب قرارًا بتجميد أكثر من نصف المساعدات التي تقدها بلاده لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، في إطار على ما يبدو سعي إسرائيل لحل الوكالة والتي طالبت مرارًا بضمها للجنة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
فماتياس شمالي مدير”الأونروا” في غزة، حذر من إنفجار يتجه إليه القطاع بسبب الأزمة المعيشية الحالية. وانتقد شمالي قرار ترامب خلال مقابلة مع وكالة الأناضول التركية، قائلًا أنه لا ينبغي الخلط بين “الأمور السياسية والأمور الإنسانية”، وطالب شمالي المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته تجاه قطاع غزة.مشيرًا إلى أن التمويل المتوفر لدى الوكالة حاليًا يكفي حتى يوليو/تموز القادم.
وأضاف شمالي أن الوكالة ستقلص عملها في العديد من المناطق حيث أن عجز موازنته بلغ الثلثين، حيث تقدم الوكالة للفلسطينيين في غزة المساعدات الأساسية للحياة من بينها مساعدات غذائية ودوائية، توقفها قد يؤدي إلى كارثة إنسانية على كافة الأصعدة.
حرب وشيكة
لا يتوقف الأمر على الأزمات الإنسانية الكارثية، على كافة منافذ الحياة بالقطاع فصحيفة الحياة اللندنية، كشفت عن أن الفصائل المسلحة في غزة تستعد لحرب وشيكة مع إسرائيل، مؤكدةً أن الفصائل تتوقع شن إسرائيل حربًا على قطاع غزة خلال الأيام القليلة المقبلة، وقالت الصحيفة أن مصدر موثوق مقرب من رئيس حركة حماس يحيى السنوار قال أن إسرائيل قد تشن حرب جوية وبرية وبحرية على القطاع خلال أيام.
صفقة القرن
تتحدث تقارير صحفية عن سعي أمريكي-عربي لفرض ما يسمى بـ”صفقة القرن”، ونقلت صحيفة الحياة في وثت سابق عن مصدر غربي قوله أنه نقل للسلطة الفلسطينية تفاصيل “صفقة القرن” التي ترغب إسرائيل وحليفتها الولايات المتحدة لفرضها على الفلسطينيين، وجاءت التفاصيل بحسب الصحيفة أن تصبح القدس عاصمة لإسرائيل حيث أكد المصدر على أن إسرائيل قامت ببناء مدينة قدس خاصة بها من خلال تطوير عدة قرى، مضيفًا أن الصفقة تتضمن إقتراح قرية من ضواحي القدس لتكون عاصمة فلسطينية إضافةً إلى بناء ممر آمن للفلسطينيين للوصول للمسجد الأقصى، كما قال أن الصفقة تتضمن حل وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل الفلسطينيين “أونروا”، وقالت الصحيفة أن الرئيس الفلسطيني عرض خطة بديلة على الأمريكيين بحيث يتم الإعتراف بدولة فلسطينية وإنشاءها تدريجيًا على حدود 67 لكن الطرف الأمريكي رفض مقترح عباس مشيرًا إلى أن “صفقة القرن” للتطبيق وليس للتفاوض مؤكدين على أن التسوية تقبل كلها أو ترفض كلها، وبذلك تكون صفقة القرن تقترح دولة فلسطينية على نصف الضفة الغربية وقطاع غزة.
السلطة الفلسطينية قد تقبل بالعرض الأمريكي، بشأن “صفقة القرن”، حيث أشارت الصحافة الأمريكية في تقارير صحفية كشفت فيها أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس يخادع شعبه بشأن التصعيد ضد الولايات المتحدة بعد قرار الإعتراف بالقدس “عاصمة لإسرائيل”، كما أن فشل مساعي تنفيذ اتفاق المصالحة بين الفصائل الفلسطينية ورفض حماس التعاون مع منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية بشأن القرار الأمريكي، ودعوتها السلطة الفلسطينية لوقف مفاوضات عملية السلام، ومطالبتها بإجراءات موسعة للعمل معًا ضد القرار الأمريكي، إضافةً إلى أن رفض الحركة ما سُمي بـ”صفقة القرن”، كل ذلك يشير إلى أن حماس لن تقبل بالصفقة الأمريكية.
ويبدو أن الولايات المتحدة وإسرائيل يسعون كلاهما في طريقين متجاورين للوصول لهدفهما الواحد بفرض صفقة القرن على الفلسطينيين، فتسعى إسرائيل إلى شن حرب موسعة على القطاع تسيطر بها على غزة لتنفيذ ما تريد، غير أن الولايات المتحدة قد تكبح ألة الحرب الإسرائيلية، لتفرض الصفقة عن طريق تركيع القطاع بعد إثقاله بالأزمات الإنسانية، لتصبح غزة مدينة صغيرة محاصرة ضعيفة ترزح في الكوارث الإنسانية ويحيطها السلاح من كل مكان.