يحكى أن …
خلال المحادثات الثلاثية التي جرت بين الزعماء ستالين وتشرشل وروزفلت التي كانت قائمة في يالطا، كتب روزفلت كلاماً على قصاصة ورق صغيرة، وسلّمها إلى تشرشل. قرأ تشرشل ما كتبه روزفلت ثم أحرق الورقة في منفضة سجائر أمامه، بعدها خربش الإجابة وسلمها إلى روزفلت. الذي قرأها ثم جعدها ورماها في المنفضة التي بجانبه. بقيت الورقة سليمة كما هي لأن روزفلت لم يكن يدخِّن. رغم انه يظهر في الصورة وبيده سيكارة مما يؤكد أنه ترك الورقة سليمة في منفضة الأمن الشيوعي عن سابق عزم وتصميم.
حالما غادر الزعماء طاولة المفاوضات، سارع أفراد جهاز الأمن السوفياتي إلى التقاط تلك الأوراق. كان مكتوباً بخط تشرشل: ” النسر العجوز لن يطير من العش على أية حال”!
بالطبع، فسّر الأمن السوفياتي تلك الكلمات على أنه محاولة لاغتيال شخصية كبيرة وعجوز.. وقدروا أن ستالين هو المقصود.
قاموا بالتحري والتدقيق عن مثل هكذا اقتباس في الكتاب المقدس، وعند شكسبير، وديكنز، وحتى “أليس في بلاد العجائب”. لكنهم لم يعثروا على اي تفسير مقنع. لكنهم قدروا أن . ثمة محاولة اغتيال! وفسروا الأمر النسر العجوز هو ستالين. والعش هو قصر المحادثات في ليفاديا. قاموا بتغيير الحرس. وعززوا المراقبة. وجلبوا كل ما يلزم من عتاد وذخيرة يمكن أن تلزمهم في أية معركة. ومع ذلك ، لم تحدث مفاجآت غير سارة. غادر الزعماء الكبار بهدوء إلى بلدانهم…
بعد سنوات عديدة، صادف أن وجد مترجم سوفييتي نفسه، كان في ذلك الحين في يالطا، بجانب تشرشل فسأله عما كان يقصده بعبارته تلك الغامضة والخطيرة.
سحاب بنطالك مفتوح
فأجاب تشرشل: في الحقيقة كتب روزفلت لي: “سيد تشرشل، سحاب بنطلونك مفتوح”. فطمأنته بتلك العبارة “النسر صار عجوز ولن يستطع الطيران من عشه”.
تغريدة روزفلت الورقية التي تلقاها من تشرشل تلك الأيام كادت تشعل حربا مرده لسوء تقدير الأمن السوفيتي عن المقصود بالنسر العجوز .. تشرشل رد على تساؤل الرئيس الأمريكي وملاحظته على قصاصة ورقية دفع بها ربما عن عمد إلى منفضة الأمن الروسي الذي أنشغل بالنسر العجوز واندفع إلى حمايته وجند كل قواته لهذه الغاية … نسر تشرشل الانكليزي حماه صاحبة بحركة خفية بعد ملاحظة الأمريكي مرت بعيدا عن الأعين لكنها أثارت جدلا واسعا عن مصير النسر السوفيتي المقدس الذي بقي لغزا ردحا طويلا من الزمن إلى أن كشفه مترجم روسي سأل سؤالا مباشرا وأجاب عنه تشرشل ببساطة. تغريدات ترامب هذه الأيام تشبه إلى حد بعيد هذه الحادثة مع فارق بسيط فتغيريدة سلفه روزفلت كانت تتحدث عن نسر من ورق وعلى ورق أما ترامب فتغريداته تُرَكَبْ على نسر تويتر وتحلق في فضاء العالم الافتراضي ليتلقفها رجال السياسة والأمن في العالم أجمع وعلى رأسهم الروس ويبدأ التحليل والتمحيص ووضع الخطط والتدابير اللازمة لجمح النسور القادمة من الفضاء الأمريكي والحد من أخطارها. لن يمر زمنا طويلا قبل أن يكتشف من يهمه الأمر ان نسر الماضي لا يختلف كثيرا عن نسور اليوم ذاك نسر عجوز اختفى وراء سحاب بنطلون تشرشل وهؤلاء نسور من أوهام تحلق في فضاء افتراضي سرعان ما تخفيها سحابة عابرة تمطر بسخاء لتسد فراغ العقول.
عذراً التعليقات مغلقة