أبوظبي.. وزيرة إسرائيلية في مسجد زايد : إذا ابتليتم فاستتروا؟!
لماذا هذا الشغف باستقبال وزيرة إسرائيلية تمقت المئذنة وتحقّر الأقصى؟
لماذا إهانة مؤسس الدولة ذاته في صحن مسجده وأمام محرابه وعلى مبعدة أمتار من ضريحه؟
كيف تسمح أبوظبي لوزيرة إسرائيلية وصفت الأذان بـ«صراخ كلاب محمد» بتدنيس جامع الشيخ زايد؟
* * *
فتح أبواب العواصم والمدن العربية أمام الوفود التي تمثل دولة الاحتلال الإسرائيلي هو عتبة أولى لإضفاء الشرعية الدولية على كيان غاصب يحتل أرضاً عربية ويمارس الاستيطان والتمييز العنصري ويحاصر قطاع غزة.
ويستوي في هذا أن يتألف الوفد الزائر من رئيس وزراء أو وزير أو مؤسسة أو فريق رياضي، والفارق نسبي فقط بين توظيف هذه الزيارات في تطبيع فعلي مع الكيان أو اعتبارها مجرد التزام بأعراف دولية غير سياسية وعلى أصعدة علمية أو ثقافية أو رياضية.
لكن الفارق يصبح هائلاً، وجسيماً وفاضحاً، حين يرتقي الترحيب بتلك الوفود إلى مستوى التهليل والاحتضان، فيظهر المسؤولون العرب مع «الضيوف» الإسرائيليين في حال من الفرح والغبطة لا تضيف على جراح شهداء فلسطين، وخاصة أطفال غزّة هذه الأيام، إلا الإهانة.
فماذا، سوى هذه الخلاصة، يمكن للمرء أن يقول عن جلسة المرح والبهجة التي جمعت ناصر التميمي أمين سر اتحاد الجودو في دولة الإمارات، مع وزيرة الثقافة والرياضة الإسرائيلية ميري ريغيف التي رافقت بعثة رياضية إسرائيلية وصلت إلى أبو ظبي للمشاركة في بطولة الـ«غراند سلام» للجودو؟
وكيف أمكن للسلطات الإماراتية أن تسمح للوزيرة الإسرائيلية بزيارة جامع الشيخ زايد، وهي التي سبق أن وصفت أذان صلاة المسلمين بأنه «صراخ كلاب محمد»؟
أهكذا يكرّم أبناء الشيخ زايد أباهم في هذا العام تحديداً، الذي اختاروا أن يطلقوا عليه تسمية «عام زايد»؟
وأي تناقض فاضح بين السماح للوزيرة، العنصرية والحاقدة على العرب بصفة خاصة، بالتجول في أرجاء المسجد مرتدية زياً إماراتياً تقليدياً، وهي التي أهانت المسلمين والعرب حين ظهرت في مهرجان كان السينمائي في فستان رُسمت عليه مدينة القدس، فبدا المسجد الأقصى عند قدميها؟
صحيح أن تاريخ الإمارات في الانفتاح على دولة الاحتلال حافل ومتواصل، ولا يقتصر على استقبال وفد رياضي أو آخر يشارك في مؤتمر المندوبين المفوضين للاتحاد الدولي للمواصلات..
بل يذهب أبعد إلى درجة تمويل متسابق إيطالي في سباق قاتلت دولة الاحتلال بشراسة لتنظيمه في القدس للمرة الأولى منذ انطلاق السباق في سنة 1909، كما يبلغ حدّ تمويل شراء البيوت في القدس القديمة لأغراض مشبوهة لا تخدم إلا غلاة المستوطنين.
وصحيح أخيراً أنّ ولي عهد الإمارات محمد بن زايد شخصياً، صحبة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وجاريد كوشنر مستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، منخرط بقوة في مختلف المساعي والخطوات التمهيدية والضغوط لتمرير لما يُسمى «صفقة القرن» الهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية.
ولكن ألا يقول المثل الشهير: إذا ابتليتم بالمعاصي فاستتروا؟ وإذا صحّ أن الإمارات تندفع إلى احتضان الإسرائيليين لأسباب سياسية أو أمنية قوامها إرضاء السيد الأمريكي أولاً وضمان سكوته عن جرائم الإمارات في اليمن أولاً، ثمّ التسلط أكثر على الجارات الخليجيات، فلماذا لا تستتر قليلاً؟
وهل من الضروري أن يبدي مسؤولوها كل هذا الشغف باستقبال وزيرة إسرائيلية تمقت المئذنة وتحقّر الأقصى، وبالتالي تهين مؤسس الدولة ذاته في صحن مسجده وأمام محرابه وعلى مبعدة أمتار من ضريحه؟
المصدر: القدس العربي