ورشة البحرين.. جرد حساب؟
- ورشة البحرين تؤكد مجددا أن الطرف العربي لا يتعلم من أخطاء الماضي.
- كل محاولات الإدارات الأميركية لحل الصراع باءت بالفشل لأنها تجاهلت أن الاحتلال هو سبب البلاء!
- إسرائيل لم تتعهد بتقديم أي تنازل لقاء انعقاد ورشة البحرين وهي غير ملتزمة بأي صيغة يمكن التوصل إليها في البحرين.
- تراجعت مرجعيات عملية السلام التي استند إليها الجانب الفلسطيني في المطالبة بإقامة دولة مستقلة عاصمتها القدس.
- الرابح الأكبر قوى الاستيطان التي ترى أن التكتيك الصهيوني التقليدي بفرض وقائع جديدة هو الأسلوب الأمثل لانتزاع التنازلات العربية والدولية.
* * *
بقلم | حسن البراري
لو قمنا بعملية جرد حساب لمعرفة من هي الأطراف والأفكار الرابحة أو الخاسرة من انعقاد ورشة البحرين الفاشلة لتوصلنا إلى مجموعة من الملاحظات الموضوعية والقابلة للقياس.
ولعل أبرز الأفكار التي تراجعت هي مرجعيات عملية السلام التي استند إليها الجانب الفلسطيني في المطالبة بإقامة دولة مستقلة وعاصمتها القدس.
فلأول مرة منذ عقود يعقد مؤتمر دولي أو ورشة عمل ليس على أساس مرجعيات عملية السلام المعروفة (قرارات مجلس الأمن) وانما لتدمير هذه المرجعيات واستبدالها بمسار آخر يهدف إلى الاجهاز على ما تبقى من حق للفلسطينيين.
وهذا التنازل، إن جاز التعبير، تم تقديمه لإسرائيل مجانا! فإسرائيل لم تتعهد بتقديم أي تنازل لقاء انعقاد ورشة البحرين، وهي بالمناسبة غير ملتزمة بأي صيغة يمكن التوصل إليها في البحرين.
فالأمر بالنسبة للإسرائيليين ليس مهما ما دام بإمكانهم الاستمرار في قضم الأراضي وضمها تدريجيا حتى تصبح أمرا واقعا.
وما الكلام المتعاطف مع إسرائيل والذي جاء على لسان بعض المسؤولين العرب إلا ذخيرة إضافية تمنح لليمين الإسرائيلي الذي عادة ما يحاجج بأن العرب ليسوا معنيين بقضية فلسطين.
الرابح الأكبر من كل ما يجري هي قوى الاستيطان التي باتت ترى بأن التكتيك الصهيوني التقليدي المتمثل في فرض وقائع جديدة هو الأسلوب الأمثل لانتزاع التنازلات العربية والدولية، فهذه القوى استغلت جيدا عيوب النظام الانتخابي الإسرائيلي لتمويل مشاريعها التوسعية.
والآن بعد أن وافق العرب حضور ورشة البحرين بحجج واهية ستزداد ثقة اليمين الإسرائيلي وقوى الاستيطان بخصوص فعالية الاستخفاف بأي مرجعية لعملية السلام.
بالمشاركة بورشة البحرين المعروف مسبقا أنها تأتي في سياق صفقة القرن يخسر العرب ثقتهم ببعضهم البعض، فهناك ما يشير إلى أن التهافت العربي جاء بحسابات قُطرية!
إذ باتت كل دولة تفكر بمصالحها الضيقة فقط من دون اعتبار لأهمية التضامن العربي مع الفلسطينيين. وهكذا يستفيد الطرف غير العربي في استغلال هذا التنافس والتنافر والضعف العربي للمضي في سياسات تخدم فقط إسرائيل.
لم يفهم العرب لغاية الآن معادلة الربح والخسارة أو الكلفة والعائد، ولم يفهم العرب لغاية الآن بأن بأيديهم أوراق قوة كثيرة لو وظفت ورفعت الكلفة على أي طرف يتعاطف مع الاحتلال لربما تغيرت المعادلة برمتها.
وعليه فقد جاءت ورشة البحرين لتؤكد من جديد بأن الطرف العربي غير قادر على التعلم من أخطاء الماضي. فلا يعقل أنه وبعد مرور سبعة عقود على بداية الصراع العربي الإسرائيلي ما يزال الطرف العربي غير قادر على صياغة موقف قوي لو كانت فلسطين بالفعل هي قضيتهم الأولى كما يقولون.
لكن من ناحية أخرى، يمكن اعتبار الرأي العام العربي هو أكبر الفائزين، فحالة التضامن مع الموقف الفلسطيني الرافض لورشة البحرين برزت بشكل أدى إلى احراج الانظمة العربية الرسمية المشاركة ودفعها لتخفيض مستوى التمثيل.
فلأول مرة يشارك العرب في تظاهرة من هذا الشكل وبهذه الدرجة من الاستحياء، لذلك ترفع القبعة للشارع العربي الذي يثبت مرة أخرى بأن عجز الانظمة أو عدم رغبتها في الوقوف مع تطلعات الشعوب لا يثنيهم عن القيام بما يلزم من أجل فلسطين.
كما أن الفريق الأميركي خسر الجولة إذ فقدت أميركا مكانتها كوسيط نزيه وتحولت إلى جزء من المشكلة بدلا من أن تكون جزءا من الحل.
فهذا الفريق المتسرع لم يفهم بأن كل محاولات الإدارات الأميركية لحل الصراع باءت بالفشل لأنها تجاهلت حقيقة أن الاحتلال هو سبب البلاء..
فلا يمكن أن يكون هناك ازدهار من دون سلام، ولا يمكن للسلام أن يتحقق دون أن يزول الاحتلال، هذه هي الوصفة الوحيدة للازدهار والسلام ولا يوجد غيرها سوى التآمر على فلسطين.
* د. حسن البراري أستاذ العلاقات الدولية المشارك بجامعة قطر
المصدر | الغد الأردنية
موضوعات تهمك:
عذراً التعليقات مغلقة