اتُهم رئيس أوبر المستقيل بتشجيع ممارسات إداريّة عنيفة مشكوك بها، على خلفية تمييز على أساس الجنس وحوادث تحرش أثناء العمل.
“لقد خرقت الشركة القانون، وخدعت الشرطة والمُنظّمين، واستغلّت العنف ضدّ السائقين، وضغطت سرًا على الحكومات في كلّ أنحاء العالم”.
يُسلّط تقرير “لوموند” الضوء على مساعدة قدّمتها وزارة الاقتصاد التي كان يرأسها ماكرون لشركة “أوبر” بهدف تعزيز موقع هذه الشركة في فرنسا.
في دول أوروبية مختلفة حشدت أوبر سائقيها لتقديم شكاوى للشرطة عند تعرّضهم لاعتداءات، لأجل الاستفادة من التغطية الإعلاميّة والحصول على تنازلات من السلطات.
“أوبر” غارقة في ماضيها بسبب تحقيق صحافي يتّهم الشركة بـ”خرق القانون” واستخدام أساليب عنيفة لفرض نفسها رغم تحفّظات السياسات وشركات سيارات الأجرة.
أمس الأحد، نشر عدد كبير من المؤسّسات الإعلاميّة، بما في ذلك “واشنطن بوست” و”لوموند” و”الغارديان” وهيئة الإذاعة البريطانيّة، أول تقاريرها حول ما أُطلِقت عليه تسمية “وثائق أوبر”.
* * *
وجدت منصّة “أوبر” نفسها غارقة في ماضيها بسبب تحقيق أجراه صحافيّون يتّهم الشركة بـ”خرق القانون” وباستخدام أساليب عنيفة لفرض نفسها، رغم تحفّظات السياسات وشركات سيارات الأجرة.
وقالت جيل هازلبيكر، نائبة الرئيس المكلّفة بالشؤون العامّة في “أوبر”، في بيان نُشر عبر الإنترنت، “لم نُبرّر ولا نبحث عن أعذار لسلوكيّات سابقة لا تتوافق مع قيَمنا الحاليّة”.
وأضافت “نطلب من الجمهور أن يحكم علينا بناءً على ما فعلناه في السنوات الخمس الماضية وما سنفعله في السنوات المقبلة”.
وحصلت صحيفة “ذي غارديان” البريطانيّة على نحو 124 ألف وثيقة مؤرّخة من 2013 إلى 2017، وتَشاركتها مع الاتحاد الدولي للصحافيّين الاستقصائيّين، بما فيها رسائل بريد إلكتروني ورسائل تعود إلى مديرين في “أوبر” في ذلك الوقت، بالإضافة إلى مذكّرات وفواتير.
ويوم الأحد، نشر عدد كبير من المؤسّسات الإعلاميّة، بما في ذلك صحيفتا “واشنطن بوست” الأميركيّة و”لوموند” الفرنسيّة وهيئة الإذاعة البريطانيّة، أول تقاريرها حول ما أُطلِقت عليه تسمية “وثائق أوبر”.
وقد سلّطت هذه الوسائل الإعلاميّة الضوء على بعض ممارسات “أوبر” خلال سنوات توسّعها السريع.
وكتبت صحيفة “ذي غارديان”، “لقد خرقت الشركة القانون، وخدعت الشرطة والمُنظّمين، واستغلّت العنف ضدّ السائقين، وضغطت سرًا على الحكومات في كلّ أنحاء العالم”.
زرّ الإيقاف
تُشير التقارير الإعلاميّة تلك خصوصًا إلى رسائل من ترافيس كالانيك الذي كان حينها رئيسًا للشركة التي تتّخذ سان فرانسيسكو مقرًا، عندما عبّر عدد من كوادر الشركة عن القلق بشأن المخاطر التي قد يتعرّض لها السائقون الذين كانت “أوبر” تشجّعهم على المشاركة في تظاهرة في باريس.
وبحسب التقارير، فقد أجاب كالانيك وقتذاك على تلك المخاوف بالقول “أعتقد أنّ الأمر يستحقّ ذلك. العنف يضمن النجاح”.
ووفقًا لصحيفة “ذي غارديان”، تبنّت “أوبر” تكتيكات متشابهة في دول أوروبية مختلفة (بلجيكا وهولندا وإسبانيا وإيطاليا وغيرها)، حيث عمدت إلى حشد سائقيها وتشجيعهم على تقديم شكاوى إلى الشرطة عندما كانوا يتعرّضون لاعتداءات، وذلك من أجل الاستفادة من التغطية الإعلاميّة للحصول على تنازلات من السلطات.
لكنّ ديفون سبورجن، المتحدّث باسم المسؤول السابق المثير للجدل ترافيس كالانيك، قال في بيان أرسله إلى الاتحاد الدولي للصحافيّين الاستقصائيّين، إنّ “كالانيك لم يقترح قط أن تستغلّ أوبر العنف على حساب سلامة السائقين”.
وقد اتُهم كالانيك بتشجيع ممارسات إداريّة عنيفة ومشكوك فيها، على خلفية تمييز على أساس الجنس وحوادث تحرش أثناء العمل، واضطرّ إلى التخلّي عن دور المدير العام للمجموعة في حزيران/يونيو 2017.
وعندما أعلن استقالته من مجلس الإدارة في نهاية 2019، قال إنّه “فخور بكلّ ما أنجزته أوبر”.
ونفى المتحدّث باسمه، الأحد، كلّ الاتّهامات التي وردت في الصحف، بما في ذلك الاتّهامات بعرقلة العدالة.
وبحسب الصحف، فإن “أوبر” وضعت استراتيجيات مختلفة لإحباط محاولات تدخل قوات الأمن، بينها استراتيجية “مفتاح الإيقاف” التي ترتكز على قطع وصول مكتب المجموعة بشكل سريع إلى قواعد البيانات الإلكترونية الرئيسية، في حال حصول مداهمة.
خارج القانون
وتذكر “ذي غارديان” مقتطفات مختلفة من محادثات بين مسؤولين يتحدثون خلالها عن غياب الإطار القانوني لأنشطتهم.
وكتبت المديرة العالمية للاتصالات في “أوبر” نايري هورداجيان متوجّهة لزملائها عام 2014، “أحيانًا لدينا مشاكل، لأننا بصراحة خارج القانون”، في حين كان وجود المنصة مهدّدًا في تايلاند والهند.
وقبل أن تصبح الشركة تقدم خدمة حجز سيارات سياحية مع سائق، كافحت كي تصبح مقبولةً.
تودّدت المجموعة للمستهلكين والسائقين ووجدت حلفاء لها في دوائر السلطة، على غرار إيمانويل ماكرون الذي قد يكون ساعد الشركة بشكل سرّيّ عندما كان وزيرًا للاقتصاد.
وأشارت “ذي غارديان” إلى أن الشركة الناشئة قد تكون قدّمت أيضًا عددًا من أسهمها لسياسيين في روسيا وألمانيا ودفعت لباحثين “مئات آلاف الدولارات لنشر دراسات حول مزايا نموذجها الاقتصادي”.
وخلقت الشركة نموذج الاقتصاد القائم على المهام الذي لجأ إليه في ما بعد عدد كبير من الشركات الناشئة، إلا أنه استغرق أكثر من 12 عامًا لتحقيق أول أرباح فصلية. كما أن وضع السائقين سواء كانوا مستقلين أو موظفين، لا يزال متنازعًا عليه في عدد كبير من الدول.
وتذكّر أوبر في بيانها الصادر الأحد، بأن وسائل الإعلام سبق أن غطّت بشكل كبير “أخطاء” الشركة قبل عام 2017، من الصحف إلى الكتب وحتى في مسلسلات تلفزيونية.
وقالت جيل هازلبيكر “اليوم، أوبر باتت جزءًا لا يتجزّأ من الحياة اليومية لمائة مليون شخص”. وأضافت “انتقلنا من عصر المواجهة إلى عصر التعاون”.
صفقة سرية مع ماكرون
وسلّطت صحيفة “لوموند” الفرنسيّة من جهتها، الضوء على الروابط بين الشركة الأميركيّة وبين ماكرون عندما كان وزيرًا للاقتصاد.
وجاء في تقرير لصحيفة “لوموند”، نقلًا عن وثائق ورسائل نصّيّة وشهود، أنّ “أوبر” توصّلت إلى “صفقة” سرّية مع ماكرون عندما كان وزيرًا للاقتصاد بين عامي 2014 و2016.
وتحدّثت الصحيفة عن اجتماعات عقِدت في مكتب الوزير، وعن تبادلات كثيرة (مواعيد ومكالمات ورسائل قصيرة) بين فِرَق “أوبر فرنسا” من جهة وماكرون ومستشاريه من جهة ثانية.
يُسلّط تقرير “لوموند” الضوء على ما تقول الصحيفة إنّه مساعدة قدّمتها الوزارة التي كان يرأسها ماكرون لشركة “أوبر” بهدف تعزيز موقع هذه الشركة في فرنسا.
وندّد نوّاب فرنسيّون معارضون بتعاون وثيق حصل على ما يبدو بين ماكرون و”أوبر”، في وقتٍ كانت الشركة تُحاول الالتفاف على التنظيم الحكوميّ الصارم لقطاع النقل.
وفي اتّصال مع “وكالة فرانس برس”، أكّدت شركة “أوبر فرنسا” أنّ الجانبَين كانا على اتّصال. وتمّت الاجتماعات مع ماكرون في إطار مهمّاته الوزاريّة العاديّة.
وقال قصر الإليزيه إنّه في ذلك الوقت، كان ماكرون، بصفته وزيرًا للاقتصاد، على اتّصال “بطبيعة الحال” مع “كثير من الشركات المشاركة في التحوّل العميق الذي حصل على مدى تلك السنوات المذكورة في قطاع الخدمات، و(هو تحوّل) كان لا بُدّ من تسهيله عبر فتح العوائق الإداريّة والتنظيميّة”.
لكنّ النائبة ماتيلد بانو، رئيسة كتلة “فرنسا الأبيّة” البرلمانيّة ، ندّدت على تويتر بما اعتبرت أنّها عمليّة “نهب للبلاد” عندما كان ماكرون “مستشارًا ووزيرًا لفرنسوا هولاند”.
أمّا زعيم الحزب الشيوعي (بي سي إف) فابيان روسيل، فاعتبر أنّ ما تمّ الكشف عنه يُبيّن “الدور النشط الذي أدّاه إيمانويل ماكرون عندما كان وزيرًا، لتسهيل تطوّر أوبر في فرنسا، ضدّ كلّ قواعدنا وكلّ حقوقنا الاجتماعيّة وضدّ كلّ حقوق عمّالنا”.
من جهته، دعا النائب الشيوعي بيير داريفيل إلى إجراء تحقيق برلمانيّ في القضية.
بدوره، كتب جون بارديلا، رئيس حزب التجمّع الوطني اليميني المتطرّف، على تويتر، أنّ ما تمّ الكشف عنه أظهر أنّ مسيرة ماكرون المهنيّة هدفها “خدمة المصالح الخاصّة، الأجنبيّة منها في كثير من الأحيان، قبل المصالح الوطنيّة”.
المصدر: فرانس برس
موضوعات تهمك:
ماذا لو قفز سعر النفط إلى 380 دولاراً؟
مخاطر أزمة غذاء عالمية كارثية بسبب حصار روسيا لأوكرانيا.. ماذا لو تدخلت واشنطن؟