وامصيبتاه يا شعبوية العرب !!! وين الشعب العربى وين ؟!!!
بقلم :ــ أحمد عزت سليم مستشار التحرير
الشعب .. الشعب .. الشعب .. من أكثر المفاهيم والمصطلحات شيوعا وانتشار واستعمالا فى الدنيا جميعها وكل حسب رؤيته ومنهجه وسياساته على أرض الواقع سواء كانت مستغلة للمصطلح أو تعمل بقوة من أجله ، ومن المستحيل مع الواقع العالمى الممتد تاريخيا وجغرافيا واجتماعيا حصر المعانى المتعددة والمركبة والمتنوعة فى مفهوم إصطلاحى واحد ، فمصطلح الشعب يدل عادة على واقع جماعى واحد يتضمن بقوة معنى الوحدة ، ولكن ماهية ومكونات هذه الوحدة وطبيعتنها وتاريخيتها ومكوناتها المعقدة والمتنوعة تختلف بتنوع شعوب الدنيا كلها فقد يكون الشعب قائما على الوحدة العرقية واللغوية ووحدة العادات والتقاليد والقيم والأعراف والعقيدة والتنشئة الاجتماعية وما تظهره هذه العناصر فى السلوكيات ومستقبلياتها وفى التراث والموروث المستمر عبر الأجيال إلى الواقع الحاضر ونحو المستقبل القادم .
ومع الواقع الحالى قد يقتصر تعريف ومعنى الشعب على مايطلق عليه ” الجمهور ” أو الكتلة البشرية ، والشعب الشرط الأساسى والضرورى لوجود أية دولة ، وغالبا ما يستخدم هذا المصطلح للتعبير عن الفئة المضطهدة والمستغلة والمهضومة كل حقوقها من قبل النخب الحاكمة التى تسيطر وتتحكم فى كل فاعليات المجتمع وتستولى على كل مقدراته لصالحها ، وتعمل بكل قوتها ان يأتمر الشعب بأوامرها وتنفيذها والتقييد بالقواعد التى ترسمها ، والشعب فى المجال السياسى هو تلك الكتلة البشرية التى ليست فى السلطة ولا تحكم ولا يحتل أفرادها مراكز فى الإدارة العليا أو الوظائف العامة ، إنها تبقى خارج نطاق الحكم وطبقته .
وبدون الشعب لا يكتمل الوطن ولا يقوم أية نظام سياسى قائم أيا كان نوعه ديمقراطيا أو ديكتاتوريا او جمهوريا أو ملكيا أو توتاليتاريا أو مونوقراطيا ، وحيث يعتبر الشعب حاملا لإرادة الوطنية الشعبية التى تتأسس عليها الدولة ويعطيها قوتها وخصوصيتها وكمصدر لوجودها وكمصدر للسلطة وبكونه صاحب السيادة .
ووصولا إلى ظهور ” الشعبوية ” كمصطلح يعتمد أساسا على تقديس الطبقات الشعبية والعامة ويرتكز على الخطاب السياسي القائم على مناهضة تحكم مؤسسات الأنظمة السياسية ومن خلال النخب المجتمعية ، وفى الوقت الذى يستخدم المصطلح فى الدعاية السساسية المستهدفة من قبل أنظمة الحكم ومؤسساتها السياسية ومؤسساتها الرسمية المحاكم أفقيا ورأسيا وعلى المستويات المحلية والإقليمية والقومية ، وذلك ومن أجل كسب تأييد الجماهير وخلق الأغلبية والتحكم فىها من أجل استمرارية حكمها والحفاظ على سلطاتها .
ويركز دعاة الشعبوية فى الأغلب الأعم على جذب عواطف الجماهير واستغلالها فى كسب شعبيتهم ، وكما يؤكد الباحث الأمريكي بجامعة برينستون مارك فلورباي :ــ ” إن الشعبوية هي “البحث من قبل سياسيين يحظون بكاريزما عن دعم شعبي مباشر في خطاب عام يتحدى المؤسسات التقليدية الديمقراطية” ، ويعرفها القاموس الفرنسى ” بوتي روبير Petit Robert ” بانها :ــ ” خطاب سياسي موجه إلى الطبقات الشعبية ، قائم على انتقاد النظام ومسؤوليه والنخب ” .
وقد كان أول ظهور لمصطلح ” الشعبوية ” وفاعلياته في كل من روسيا والولايات المتحدة آواخر القرن الــ 19 وكان يعني في الأساس حركة من الفلاحين الروس بدعائية اشتراكية لتحريرهم من الطغيان الرأسمالى وذلك فى عام 1870، وفي هذه الفترة ، تصاعدت الحركان الاحتجاجية في ريف أمريكا موجهة ضد البنوك وشركات السكك الحديد ، ومع منتصف القرن الــ 20 اكتسب هذا المصطلح سمات جديدة بأمريكا اللاتينية مع الزعيم الأرجنتيني خوان بيرون والبرازيلي جيتوليو فارجاس حيث جسدا حركات شعبية بمضامين دعائية وطنية واجتماعية بدون الخوض فى أية اشارات للماركسية ولنضال الطبقات العمالية .
وتتصاعد استخدامات واستهدافات الأنظمة العربية من الاستفادة من الشعوبية وعبر تاريخ طويل وممتد من عصور تاريخية طويلة استطاعت الأنظمة العربية الحاكمة فى كل بقاع العالم العربى بلا استثناء استخدام الخطاب العاطفى والدعائى مستغلين مشاعر شعوبها الإنسانية فى الوصول بالحكم إلى درجة تقديس الحاكم وتأليهه وجعله فوق النقد والتقييم الشعبى وذلك من خلال الدعاية التى تعتمد بقوة على استغلال عاطفة الشعوب العربية ومشاعرها الانفعالية والنفسية وبالوعود المثيرة للأمل والمستقبل القادم بروعة كاذبة لا تتحقق ، وبعد السيطرة على الشعوب بالأمانى الكاذبة والحماس الكبير والبطولات الزائفة فتهلل الشعوب وتزرغد وترقص وتصفق وتبجل الحاكم الذى سرعان ما تتحول انتكاساته وهزائمه إلى مقاومة وانتصار ، ولا يتحقق بعد هذه الوعود إلا زيادة فى استبداد السلطة وقهر الشعب ، ولتصعد نخبه المتعددة فى سائر مستوياته المجتمعية لتهتف لسيساسات الحاكم ولتفتخر بكل مصائبه ولتصير إعتزازا للشعب وليفخر بها .. وامصيبتاه يا شعبوية العرب !! .. وامصيبتاه يا شعبوية العرب !! .. وامصيبتاه يا شعبوية العرب !!
عذراً التعليقات مغلقة