هيللي “صاحبة الكعب العالي”.. لماذا وإلى أين؟ استقالة مفاجئة لأحد أهم اعضاء الإدارة الأمريكية.
بقلم: أحمد جميل عزام
غادرت مندوبة الولايات المتحدة الاميركية، في الأمم المتحدة، نيكي هيللي موقعها، مستقيلةً خارج الإدارة الأميركية، في مؤشر آخر على الفجوة بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والنخب السياسية الأميركية، لكن لا يبدو أن هذا يثير استياء الرئيس الذي لا يريد أشخاصا لهم شخصيات مستقلة، ويعتمد على خطابه الشعبوي، ورجال الأعمال الداعمين.
تُعرَف هيللي (46 عاماً) في الشرق الأوسط، وخصوصاً في الدول المتصلة بالشأن الفلسطيني – الإسرائيلي مباشرة، بدفاعها الأقرب للهستيري عن إسرائيل، لدرجة قولها في خطاب في شهر نيسان (إبريل) 2017، على أنها تلبس الكعب العالي، ليس من باب الموضة، بل لتضرب به في الأمم المتحدة، كلما دعت الحاجة، وقالت إنها فعلت مرتين، على الأقل، مرة لمنع تعيين فلسطيني في منصب رفيع (في إشارة لرئيس الوزراء الفلسطيني السابق، سلام فياض) وذلك لأن “السلطة الفلسطينية” تركت طاولة المفاوضات، والثانية لانّ شخصا قال عن إسرائيل أنها دولة أبارتهايد (في إشارة للوزيرة الأردنية السابقة، ريما خلف، أثناء توليها منصب الأمينة التنفيذية للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (إسكوا)، وقالت إنّ الكعب العالي كناية عن ثقافة جديدة تريد نشرها، بالضغط الاقتصادي والسياسي على المنظمة ودول العالم.
هيللي، كانت عند اختيارها لمنصبها في الأمم المتحدة تشغل منصب حاكم ولاية كاليفورنيا الجنوبية، وهي من أصول هندية، وقد وقفت موقفاً ناقداً جداً لترامب أثناء حملته الانتخابية، خصوصاً موقفه من الأقليات غير البيضاء، ودعمت مرشحا غيره، ولكنه اختارها لموقعها.
يثير قراءة نص استقالة هيللي الانتباه فهي أشارت لإنجازاتها، في مواضيع مثل كوريا الشمالية، وإيران، وفنزويلا، وجنوب السودان، وسوريا، وروسيا، وخفض ميزانية الأمم المتحدة، وبدء تراجع الانحياز “ضد حليفتنا إسرائيل”، ولكن هناك نقطتين مهمتين، الأولى تشير أنها بعد 14 عاما في الوظيفة العامة في كاليفورنيا الجنوبية والأمم المتحدة (أي منذ كانت في عمر 32 عاما) تقرر الآن دخول القطاع الخاص، والثاني أنها لن ترشح نفسها لمنصب عام (في إشارة لمنصب الرئاسة) عام 2020. في الواقع هذا يشير إلى طموح هيللي الممكن لمنصب عال، ربما بعد ست سنوات، تنجح فيها في امتلاك الثروة والنفوذ عبر القطاع الخاص، لتعود لانتخابات الرئاسة عام 2024. وسيناريو آخر أنها قد تعود إذا فاز ترامب مجددا، بموقع أهم، في إدارة 2020 – 2024.
من الأسباب المتوقعة لاستقالتها، أنّها بعد أن كانت تمتلك النفوذ الأقوى تقريبا في فريق ترامب في السنة الأولى، في السياسة الخارجية، على خلفية خلاف وزير الخارجية حينها ريكس تللرسون مع الرئيس، فإنّ قوتها، كما تقول صحيفة “واشنطن بوست” تراجعت بتولي مايك بومبيو، منصب وزير الخارجية، وجون بولتون، منصب مستشار الأمن القومي. والاثنين، كما قالت التقارير الإعلامية عند تعيينهما، يؤمنان بالانصياع التام للرئيس، بغض النظر أن بولتون بشكل خاص، هو من المتطرفين في رفض القانون والمنظمات الدولية. وبهذا فهيللي، تختلف عنهما قليلا، بطموحها الشخصي، واستقلاليتها إلى حد ما، وقد عبّرت عن ذلك في مقال نشرته الشهر الفائت، في واشنطن بوست، بعنوان “عندما أتحدى الرئيس أقوم بهذا مباشرة”، وهذا المقال كما ادّعت فيه هيللي يأتي للرد على مقال كتب تحت اسم “مجهول” في صحيفة نيويورك تايمز، يتحدث فيه عن “المقاومة” داخل إدارة ترامب لبعض قراراته وسياساته، منتقدا فريدة ترامب، وعلى يبدو، الآن، كان مقال هيللي نفياً لتهمة أن تكون هي الكاتب، أكثر منه دفاعاً عن الرئيس، وأكثر منه رفضاً لطريقة “المجهول”، إلا من حيث أنه يضعها موضع الشبهة.
لا تقل هيللي شعبوية و”يمينية” عن ترامب، في بعض القضايا، لكنها كانت من آخر من لهم شخصية مستقلة وطموح شخصي بعيد المدى في إدارته، ومن المستبعد أن يكون لخروجها أثر كبير على السياسة الأميركية. لكن خروجها يزيد الفجوة بين ترامب والنخب السياسية، على أنّ ترامب لا يبدي تعويلاً كبيرا على هذه النخب، بقدر اعتماده على وسائل التواصل الاجتماعي (تويتر) وعلى مخاطبة شرائح معينة من الناخبين ورجال الأعمال وأصدقائه الإسرائيليين، يعول عليهم للبقاء في البيت الأبيض.
المصدر: الغد الأردنية