من حقنا كشعب مستباح من نظامه أن يلجأ لمن يحميه.
– الشعب السورى غير قابل للإحتلال.
– حذرت السفير الروسى بالقاهرة من خسارتهم سوريا والعالم العربى كله في الربيع العربي ستسقط الحدود وسيسقط سايكس – بيكو، ونهاية إسرائيل من هنا تبدأ.
هيثم المالح من أبرز الشخصيات السورية المعارضة، وبرز خصوصاً لجهة دعوته إلى التدخل الدولي.
في هذا الحديث يشرح نظرته لهذه القضية الحساسة التي بدأت تلقى رواجاً في الاوساط المعارضة، ما تفسره بعض الاوساط بأنه تعبير عن ميل ميزان القوى لصالح الحكم على المستوى الميداني.
– أثار طلبك العلني التدخل العسكري الأطلسي في سوريا، ثمّ عودتك عن هذا الطلب، سجالاً كبيراً. هل أنت مع التدخل العسكري الأجنبي أم ضدّه؟
* فُهم تصريحي لـ«الجزيرة نت» خطأً بسبب تشويش في الخطوط الهاتفية، أنا لم ولا أوافق على تدخل لحلف شمالي الأطلسي. أنا مع تدخل الأمم المتحدة والمنظمات الدولية.
الحلف الأطلسي يعني أميركا وأنا ضده، أما عندما يتدخل مجلس الأمن، فهذا شيء آخر لأن هذا يؤمن مظلة دولية وهو أمر مطلوب، لكون سوريا جزءاً من المجتمع الدولي، من هنا لنا الحق كشعب مستباح من جميع النواحي من قبل نظامه أن يلجأ إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن من أجل حمايته
– وماذا لو كلّف مجلس الأمن حلف الأطلسي بالتدخل في سوريا، ماذا يكون موقفكم حينها؟
* عندها لا مشكلة، لأن الحلف الأطلسي يكون في هذه الحالة خاضعاً لمجلس الأمن ولتفويضه، وهذا ما يشكل ضمانة لعدم تحول التدخل إلى احتلال. وعندما احتلوا العراق، لم يحصل ذلك بقرار من الأمم المتحدة، إذ عندما تتدخل المنظمة الأممية، فهي تلزم الجهة التي ستتدخل بقرارات ولا خيار بعدم الالتزام بها.
ما حصل في العراق مرفوض، أما ما حصل في ليبيا فهو أمر مختلف. انا أريد حماية هذا الشعب الذي يُذبح، ولا خيارات أمامنا.
هذا النظام يدفع الشعب للجوء إلى هذه اللعبة. النظام يرتكب جريمتين: قتل الناس ودفعهم للإحتماء بالمنظمات الدولية.
وأنا طالبتُ الأمين العام للجامعة العربية (نبيل العربي) بحل المشكلة عن طريق الجامعة، وإلا فلا يبقى أمامنا خيار سوى اللجوء إلى المنظمات الدولية، وإلا فليقدموا لنا خياراً آخر.
– أكان التدخل العسكري سيحصل تحت مظلة الأمم المتحدة أم من دون تلك المظلة، فإننا نتحدث عن سيناريو دموي وتدميري… حتى في ظل هذا السيناريو هل يعني كلامك أن تدمير البلد أفضل من بقاء النظام الحالي؟
* في هذا الموضوع لا أفضليات، ما يحسم هو الخيار الأقل سوءاً.
هذا النظام دمّر المجتمع والبلد والأهم دمّر الانسان، أمام هذا الواقع، فإنّ تدمير الشوارع والأبنية أقل سوءاً من تدمير الانسان والمجتمع، فالحجر يمكن تعويضه، بينما الانسان لا يمكن تعويضه.
– المشكلة هنا أننا أمام نظام لا يردعه شيء، أعطونا حلاً بدل التدخل الدولي حتى الآن لم يتدخلوا عسكرياً، فهل المطلوب أن نصمت على الجرائم بحجة أن الخارج سيتدخل؟
* موقفي تاريخياً حاسم ضد الغرب والتدخل الأجنبي، وحاولنا بكل السبل، بالنضال الفكري والسلمي، وبنصح النظام، وبالتواصل مع جميع المسؤولين العالميين.. ولم يتغير شيء طيلة 11 عاماً من حكم بشار الأسد الذي راسلتُه بعد 5 أشهر على وصوله إلى السلطة عبر 8 رسائل لمطالبته بإنهاء المسائل العالقة.
لم يجب الرئيس رغم أن (المستشارة الرئاسية) بثينة شعبان، ووزير الثقافة في حينها رياض نعسان آغا، عرضا التحاور معي، فوافقت بلا شروط، لكن كل ذلك كان بلا جدوى.
ورغم ذلك عدتُ وناشدت الرئيس قبل شهر ونصف الشهر بأن يترك الحكم ويسلمه لنائبه (فاروق الشرع) تمهيداً لإجراء إنتخابات وحكومة تكنوقراط.
– هل تعتقد أنّ الشعب السوري في الداخل يوافق على دعوتكم إلى التدخل الأجنبي؟
* الشعب السوري يطالب بالحماية الدولية، ونظّموا بالفعل جمعة الحماية الدولية أكثر من 60 أو 70 في المئة من الشعب السوري ضد هذا النظام.
هؤلاء الناس وصلوا إلى عنق الزجاجة وإلى مرحلة لم تعد فيها أمامهم خيارات ولم يعودوا يحتملون، حتى إنني عندما أوضحت أننا لا نريد تدخلاً عسكرياً أطلسياً، اتصل بي سوريون يعيشون في الداخل ولاموني على قاعدة: مَن فوّضك برفض التدخل العسكري؟
– ألا تراهنون مثلاً على حصول إنشقاق في الجيش أو إنقلاب عسكري، ثم هل الحل يكون بعسكرة الحراك الشعبي؟
* الانقلاب العسكري أو الانشقاق الكبير ممكن وهو سيناريو وارد، أما عسكرة الثورة فليست حلاً لأنني أخشى إنفلات الشارع وانتشار السلاح بين الناس، فلا ضمانة لضبط الشارع، بينما لا خشية من انقسام الجيش لأن الجنود يمكن ضبطهم.
أضف أنني أخشى تدخل الطائفية في موضوع السلاح، وبالتالي قد يتحول الأمر إلى حرب أهلية طائفية، لذلك سارعتُ بعد خروجي من السجن (في أيار الماضي) إلى معالجة المشاكل الطائفية التي حصلت في منتصف الثورة في حمص بين العلويين والسنة، مثلما عملنا على معالجة أحداث القامشلي بين الأكراد والعرب قبل سنوات، واليوم وقفتُ ضد تسليح الثورة وضد الاقتتال الطائفي، وبالفعل لا يزال الاقتتال الطائفي محصوراً بفضل وعي الشعب السوري.
– حين تتحدث عن تدخل دولي، ألا تتخوف من سيناريو إحتلال لسوريا؟
* لا أتخوّف من سيناريو احتلال لأنّنا غير قابلين للاحتلال، فنحن شعب قومي ومسلم ولا خوف من هذه الناحية. اليوم سيناريو الاحتلال مستبعد.
المرجح حصوله أمران: الاقتصاد معطل كلياً، رغم محاولة النظام الإيحاء بعكس ذلك، وتدهور الاقتصاد سيسقط النظام بلا شك.
وبموازاة ذلك، نحن ندفع باتجاه عزل النظام عزلاً تاماً، بدءاً بسحب السفراء من دمشق وطرد السفراء السوريين، وبالفعل استجابت ايطاليا وسويسرا ودول مجلس التعاون الخليجي وليبيا وتونس باستثناء الامارات.
كذلك وزارة الخارجية المصرية وعدتني بأن القاهرة لن تعيّن سفيراً جديداً لدى دمشق. سيبقى النظام وحده بعد اشتداد حدّة العقوبات على رموزه، وقد نلنا وعوداً بأن يصل عدد من تطاولهم العقوبات إلى 100 شخصية، وهذه العقوبات لا تضر الشعب بتاتاً بل تضر النظام.
الخطوة الثالثة يجب أن تكون إحالة رموز النظام إلى المحكمة الجنائية الدولية. هذه الاجراءات مع الضغط الشعبي وانشقاق الجيش ستسقط النظام حتماً.
– كيف تقرأ وتفسّر المواقف الروسية والصينية والايرانية؟
* الأساس هو الموقف الروسي، بما أن الصين تلحق بموسكو. الروس سينقلبون قريباً وقطعاً ضد النظام، علماً أنهم لا يفهمون في السياسة، وأنا حذرت السفير الروسي في القاهرة من أن موقف موسكو من ليبيا جعلها تخسر السوق الليبية، لكن موقفها من سوريا سيجعلها تخسر العالم العربي كله.
الآن أمامهم فرصة إن كانوا لا يريدون الاستمرار بالغباء. أما الايرانيون فهم يدركون تماماً أن النظام سيسقط، لذلك يحاولون حجز مكان لهم في النظام السوري المقبل، وعندما تتغير سوريا ستتغير ايران.
أما بالنسبة إلى الولايات المتحدة التي ظلت طويلاً حامية النظام، فأظنّ اليوم أنها قررت التخلص منه لأنها فهمت أنه زائل وانتهى، بعكس إسرائيل التي لا تزال تريد بقاء نظام الأسد.
– لماذا لم تؤلّفوا جبهة معارضة واسعة؟
* مشكلة المعارضة السورية أن جميع رموزها عاشوا في ظل نظام قمعي شمولي لخمسين سنة ألغى كل ما يتعلق بالحياة الاجتماعية والسياسية، بالتالي لا قيادات للمعارضة، وهذا أدّى إلى تصحُّر سياسي، والناس اليوم عندما خرجوا من القمقم أرادوا كلهم العمل في السياسة من دون أن تكون الطريق واضحة أمامهم، وهذا لا أرى فيه مرضاً بل أمراً طبيعياً لكي يتلمّس كلٌّ طريقه.
المعارضة التقليدية «هيئة التنسيق» اليوم لا تمثّل إلا قلة، وإعلان دمشق الذي ساهمتُ في تأسيسه ثم انسحبتُ منه انتهى بسبب القمع. اليوم هناك مساعٍ كبيرة لإيجاد صيغة إطار مشترك للمعارضة.
أما بالنسبة إلى المجلس الوطني الذي تأسس في اسطنبول، فقد لا يكون هو المرجو تماماً، لكنه إطار لمجموعة شباب خرجوا من مجموعة مؤتمرات عقدت في الخارج، وهذه طريقة من طرق الحل.
لا أوافق على مبدأ التسمية (مجلس وطني) لأنها حصلت من دون تشاور، لكنني لا أقف بوجه أحد، وإذا تمكنوا من فعل شيء فسيكون شيئاً ممتازاً.
– لماذا لم ينضم هيثم المالح إلى المجلس الوطني؟
* أنا لا أنضم إلى إطار لا أعرف تفاصيله. لم يتصلوا بي من المجلس ولم يدعُني أحد، وأنا لا أتصل بأحد ولا أطلب شيئاً من أحد، رغم أنني اتصلت ببعضهم واستفسرتهم قبل إعلانهم مجلسهم، وأخفوا عنّي ما يُعدّونه، ونصحتهم بألّا يدّعوا التمثيل.
– كيف تنظرون إلى هيئة التنسيق الوطني التي باتت تعرف بـ«معارضة الداخل»؟
* من الواضح أن سقفهم أدنى من سقف الثورة السورية، ولم يتحدثوا عن إسقاط النظام بوضوح. قد أكون من أوائل من عملوا قبل مغادرة سوريا في 10 تموز الماضي على تأسيس ما بات يعرف بهيئة التنسيق، لكنني وجدت أنهم عملوا من خلف ظهري فلم أكمل العمل معهم، وأنا أصلاً مختلف عن حسن عبد العظيم وزملائه في الفكر والعقل والسلوك،هم تجاوزوني مثلما تجاوزتني جماعة «مجلس إسطنبول» ولا أحد يمكنه تجاوز هيثم المالح.
– ألا ترى ضرورة لتأسيس مؤتمر وطني واحد يشمل كافة أطياف المعارضة السورية؟
* هناك ضرورة، لكن ليست هناك إمكانية، فنحن عندما نواجه نظاماً مجرماً، كيف لنا أن نجتمع في دمشق؟ النظام يسمح باجتماع بعض الشخصيات ممن يعرفهم حصراً، ويسمح بسفر بعض الشخصيات دون غيرهم أيضاً.
أما أنا فغير مقبول بالنسبة إلى النظام بأي شكل، لذلك منعوا تنظيم «مؤتمر الإنقاذ» في دمشق بالتزامن مع مؤتمر الإنقاذ الذي عقدناه في تركيا، واعتقلوا منظمي المؤتمر وليد البني ونواف البشير، وقتلوا الآن مشعل تمو.
– كيف تقيم سلوك الإخوان المسلمين اليوم؟
أنا رجل مسلم وإسلامي، وأتبنى الإسلام بديلاً في الحياة كنظام عالمي. وجهة نظري أن على الإخوان المسلمين عدم الانخراط في العمل السياسي والتفرغ للعمل الاجتماعي. اليوم في الداخل لا وجود لهم بسبب القانون 49، وفي الخارج ينشطون كغيرهم، ويجب أن تكون لهم الحقوق كلها، كسواهم، في المرحلة المقبلة بعد سقوط النظام.
– هل تريد أن تكون سوريا في حال سقوط النظام، دولة مدنية بوضوح، أم دولة مدنية بمرجعية إسلامية؟
* أنا مع دولة مدنية تعددية يختار برلمانها المقبل شكل حكمها.
– بصفتك إسلامياً، كيف تطمئن الأقليات السورية الخائفة على وجودها ونفسها في حال سقوط النظام؟
* الخوف لدى الأقليات أوجده النظام، فعندما كان لدينا نظام ديموقراطي كان فارس الخوري (المسيحي) رئيساً للحكومة ووزيراً للأوقاف الاسلامية وشغل منصب رئيس الدولة لفترة عندما اعتكف هاشم الأتاسي ولم يكن هناك أي مشكلة شعبنا لا يزال غير متعصب طائفياً.
صحيح أن النظام دمّر الانسان، لكن عموماً لا يزال ممتازاً، ولا خوف على الأقليات المسيحية ولا على الدرزي ولا العلوي لأن النظام أصلاً ليس نظاماً علوياً. حتى أحداث حمص الطائفية هي من أفعال النظام لأنه يسعى إلى الفتنة الطائفية بينما الشعب السوري واعٍ والأحداث ستبقى محصورة وفردية.
لا يزال حزب الله يبرر دعمه للنظام السوري بأنه ممانع، وبأن بقاءه هو ضمانة لاستمرار المقاومة؟
هذا يتضمن اتهاماً مسبقاً لنا. الشعب السوري هو أكثر الشعوب العربية قوميةً ووطنية وحماسةً لفلسطين عربية.
– من باع فلسطين والجولان هو نظام الأسد وليس الشعب السوري، فهل تحرير الجولان يبدأ من لبنان؟ النظام السوري تحميه إسرائيل.
* في الربيع العربي ستسقط الحدود وسيسقط سايكس – بيكو، ونهاية إسرائيل من هنا تبدأ.