تركيا أعلنت صراحة عدم التزامها بقرار حظر النفط الروسي وألمانيا أكبر مشتر أوروبي للنفط الروسي رفضت كذلك خطوة بايدن.
ضغوط إدارة بايدن على التحالف النفطي ” أوبك+” لزيادة الإنتاج لن يجدي وإلا سينفرط عقد التحالف الذي تقوده السعودية وروسيا.
ضغوط بايدن على السعودية والإمارات، لدفعهما نحو زيادة الإنتاج النفطي وتهدئة صدمة الأسواق وضبط أسعار الوقود المتزايدة، فشلت حتى الآن.
لا بايدن أنجز اتفاقا مع إيران يتيح لنفطها العودة سريعا للأسواق الدولية وتعويض نقص الخام الروسي ولا رفع العقوبات المفروضة منذ سنين على تصدير نفط فنزويلا.
فشل بايدن في حشد تحالف دولي لدعم قرار حظر نفط وغاز روسيا بأسواق العالم وحرمان روسيا من 110 مليار دولار يدرها قطاع الطاقة على خزانتها سنوياً.
* * *
بقلم: مصطفى عبدالسلام
يبدو أنّ الرئيس الأميركي جو بايدن اتخذ قرار حظر النفط الروسي على عجل ودون دراسات كافية، ومن باب طرق حديد العقوبات الغربية على روسيا وهو ساخن، وزيادة جرعات خنق الاقتصاد الروسي، واستغلال تعاطف العالم مع الشعب الأوكراني ورفضه الحرب عليها.
فلا هو أنجز اتفاقاً نهائياً مع طهران يتيح للنفط الإيراني العودة سريعاً للأسواق الدولية وتعويض النقص في الخام الروسي، ولا رفع العقوبات الأميركية المفروضة منذ سنوات على كاراكاس ونظام الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو ومنها حظر تصدير النفط.
حتى الضغوط التي مارسها على السعودية والإمارات، أكبر دولتين منتجتين للنفط داخل منظمة الدول المصدر ة للنفط ” أوبك”، لدفعهما نحو زيادة الإنتاج النفطي وتهدئة صدمة أسواق الخام الأسود وضبط أسعار الوقود المتزايدة في العالم، فشلت حتى الآن بشهادة تقرير نشر أمس في صحيفة “وول ستريت” الأميركية.
وبالطبع فإن ضغوط إدارة بايدن على التحالف النفطي ” أوبك+” لزيادة الإنتاج لن يجدي، وإلا سينفرط عقد التحالف الذي تقوده السعودية وروسيا.
والرئيس الأميركي فشل أيضاً في حشد تحالف دولي واسع للانضمام لقرار حظر النفط والغاز الروسيين وحبسهما عن أسواق العالم وحرمان موسكو من أكثر من مائة مليار دولار يدرها قطاع الطاقة على الخزانة الروسية سنوياً.
فحتى الدولة الأوروبية البارزة وشبه الوحيدة التي أعلنت دعمها لقرار بايدن، وهي بريطانيا، طلبت مهلة حتى نهاية العام للبحث عن بدائل للنفط الروسي، ما يعني أنّ تأييدها للقرار أقرب ما يكون معنوياً.
وليست لدى بايدن القدرة للضغط على شركات النفط الصخري الأميركية لزيادة الإنتاج للطاقة القصوى، خصوصاً أنّ تلك الشركات تكبدت خسائر ضخمة تقدر بمئات المليارات من الدولارات خلال عامي جائحة كورونا وبسبب تهاوي أسعار الخام لأقل من 20 دولاراً كما حدث في الربع الأول من العام 2020.
إذاً، بايدن في ورطة حقيقية، والحلول المتاحة أمامه محدودة حتى الآن وأبرزها السحب من الاحتياطي النفطي الاستراتيجي الأميركي لتهدئة الأسعار داخل الولايات المتحدة، أو الضغط على الدول الأوروبية وحلفائه حول العالم للتوقف عن شراء النفط الروسي وتأييد قراره.
وهذا أمر مستبعد، فتركيا أعلنت صراحة عدم التزامها بقرار حظر النفط الروسي، وألمانيا، أكبر مشتر أوروبي للنفط الروسي رفضت كذلك خطوة بايدن.
وقد عبّر وزيرا الخارجية والمالية الألمانيان عن رفضهما بشكل واضح لفرض حظر على واردات الغاز والنفط والفحم من روسيا في إطار العقوبات الغربية على روسيا والمرتبطة بغزو أوكرانيا.
بل إن المستشار الألماني أولاف شولتز أستبعد فرض مثل هذه القيود في الفترة الحالية، قائلاً إنَّ الواردات الروسية “ذات أهمية جوهرية” بالنسبة للاقتصاد الأوروبي.
وربما ينضم لقائمة تلك الدول الرافضة قرار بايدن مستهلكون كبار للطاقة مثل الهند واليابان وفرنسا، وبالطبع لا يستطيع الرئيس الأميركي إلزام الصين بالتوقف عن شراء النفط والغاز الروسيين لأسباب سياسية واقتصادية، علماً بأنّ الصين تعدّ حالياً أكبر سوق منفرد للصادرات الروسية، مثل النفط والغاز والفحم والمنتجات الزراعية.
لم يكشف بايدن بعد عن الأسباب الحقيقية التي دفعته للعجلة في اتخاذ قرار فرض حظر على النفط والغاز الروسي، وهل هناك من الأسباب الموضوعية والقوية التي تجعله واثق من جدوى قراره اقتصاديا وماليا قبل النظر إلى الأبعاد السياسية، خاصة على مستوى ملفات فنزويلا وإيران وأوبك.
لأن عدم توافر تلك الأسباب الموضوعية يدفعنا إلى القول إن بايدن ورّط نفسه وورّط العالم، واندفع نحو اعلان قرار حظر النفط الروسي، وأصابه الحماس الشديد عند اتخاد القرار من دون أن يبحث تداعياته جيداً سواء على الاقتصاد والمواطن الأميركي، أو على اقتصادات التحالف الغربي الرافض لغزو روسيا أوكرانيا.
* مصطفى عبد السلام كاتب صحفي اقتصادي
المصدر| العربي الجديد
موضوعات تهمك: