هل هناك أمل فى 2020 فى إنهاء النزاعات المسلحة العالمية
بقلم : ـــ أحمد عزت سليم
مستشار التحرير
مع دخول العالم إلى عام 2020 فهناك طموحات إنسانية لدى البشرية جمعاء أن يكف الصراع والقتل والإجرام الذى يتعرض له اغلب سكان الدنيا ولكن يبدو أن الأمل ضعيف ولا ثقة فى أن الزمن سيحقق إيقاف العدوانية والإجرامية ضد الاخر ، وهذا ما يؤكده يؤكد المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية فى دراساته إنه بالرغم من إنخفاض أعداد الحروب التى يشهدها العالم ، فقد ارتفع عدد الوفيات ثلاثة أضعاف بسبب ” كثافة العنف البشرى ” وقد تزايد عدد الضحايا بالآلاف من الأشخاص في النزاعات المسلحة في جميع أنحاء العالم ، حتى مع انخفاض أعداد هذه النزاعات ، ووفقًا للدراسات الموثوقة التى تؤكد أن ارتفاع عدد القتلى بسبب تفشى ” تكثيف العنف ضد الآخرين “
وقد أدى 63 نزاعا مسلحا إلى مصرع أكثر من 56000 شخص ، بينما توفي 180ألف فرد وبما يزيد عن أكثر من ثلاثة أضعاف – في 42 صراعًا العام السابق . وتدل وتعكس الأرقام القتل العنيف الإجرامى للغاية وعلى سبيل المثال فى سوريا في سوريا والعراق ووكما كانت أعداد القتى في أفغانستان والمتزايد بقوة نتيجة الصراع الداخلى وحتى بعد انسحاب القوات الغربية نحت القيادة الأمريكية والتى تسبب فى آلاف القتلى .
وقد قدّر ” المرصد السوري لحقوق الإنسان ” ، وهو مجموعة رصد مقرها المملكة المتحدة البريطانية ، بأن عدد القتلى منذ بداية الحرب وصل إلى 511 ألف حتى مارس 2018 وأنه قد سنوات من القتال الإجرامى المتواصل أكثر من 6.6 مليون نازح داخلي و 5.6 مليون لاجئ خلفت في جميع أنحاء العالم ، وفقا لـ ” المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين “.
ولا يقتصر أعداد الموتى والضحايا على الحروب الصراع ولكنه يمتد ليشمل ضحايا الفياضانات والإعصارات وعلى سبيل المثال لا الحصر فقد أدى إعصار دوريان فى جزر الباهاما إلى إرتفاع أعداد ضحايا إلى 30 قتيلا ، ارتفعت أعداد الضحايا جراء الفيضانات فى الهند لـ 209 فردا فى منتصف هذا الشهر ديسمبر 2019 ، وراح عشرات الالف من الضحايا اليمنيين الذين قتلوا خلال الحرب المستمرة منذ العام 2015 وتواصل إرتفاع أعداد ضحايا الإجرام اليومى الذى يمارسه الكيان الصهيونى من الشهداء الفلسطينيين ، وعلى سبيل المثال لا الحصر الذين سقطوا جراء القصف الإسرائيلي لقطاع غزة ، وقد أسفر الإجرام الصهيونى عن مقتل أكثر من 2500 شخص في العام الماضي ، معظمهم من المدنيين ، في حين ساهم القتال في ليبيا واليمن وجمهورية إفريقيا الوسطى أيضًا في ارتفاع عدد القتلى .
ووجدت الدراسة أن عدد النازحين تجاوز 50 مليون شخص في عام 2013. وحذرت من أن السكان المدنيين يواصلون دفع ثمن النزاعات في التشرد على المدى القصير وتأثير انهيار الخدمات الحكومية على المدى الطويل ، وخاصة التعليم والرعاية الصحية والاقتصادية. تطوير. يقدر البنك الدولي أن 1.2 مليار شخص ، أي ما يقرب من خمس سكان العالم ، يتأثرون بشكل ما من أشكال العنف أو انعدام الأمن .
ومع تزايد هذه النزاعات التى تسبب دمارًا واسعًا ، وأعدادًا متزايدة من النازحين واللاجئين ، وخطر تدمير ” المدن الضخمة التي لا يمكن السيطرة عليها ” ، قد إدعى الغرب تحت القيادة الأمريكية أنه يخشى بشكل متزايد في التدخل ، وكما أكد نايجل إنكستر النائب السابق لرئيس الاستخبارات البريطانية ، رئيس عمليات MI6 السابق وهو الآن مدير التهديدات عبر الوطنية والمخاطر السياسية في معهد الدراسات البريطانية : ــ ” لقد كشفت الحروب في أفغانستان والعراق عن قيود القوة العسكرية الصارمة وأدت إلى نشوء إلى نفور متزايد من التدخل بين واشنطن وحلفائها ، وكذلك بين تلك الدول التي لا تثق بطبيعتها في ما يعتبرونه هيمنة أمريكية ” وكما أكد إنكستر إن ضم روسيا لشبه جزيرة القرم ودعمها للانفصاليين في أوكرانيا قد أثار شبح المواجهة المسلحة الأوسع نطاقًا في أوروبا ، حتى لو كان من الناحية العملية لا يزال احتمالًا بعيد المنال . وأضاف قالا : ــ ” في أي من هذه الحالات ( أوكرانيا وشرق آسيا ، الهند وباكستان ) أو أي حالات أخرى يمكن تصورها ، هي حرب حتمية : ـــ لكي تحدث الحرب ، يجب أن تتماشى القدرات مع الظروف . ” لكن القدرات يمكن أن تؤدي إلى الثقة في غير محلها والتي ، بالإضافة إلى عدم القدرة المزمنة لواضعي السياسات على رؤية العالم من منظور المنافسين المحتملين أو المعارضين ، تضمن عدم إمكانية المبالغة في تقدير مخاطر سوء التقدير ” .
وكما صرح بن باري ، الباحث الأول في الحرب البرية ، في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية “IISS” ، وعضو فريق التحليل العسكري والدفاعي التابع للمعهد ، الزميل البارز في الحرب على الأرض في المعهد ، في مؤتمر صحفي عقد في لندن فى ىشهر فبراير 2019 بأن ” الميراث السام للعراق وأفغانستان ” كان السبب في إحجام الغرب عن التدخل . وأضاف أنه بالنظر إلى الماضي ، لم يكن هناك ما يبرر ذلك من الناحية السياسية . وتعليقًا على اقتراحات مفادها أن الاتحاد الأوروبي قد أصبح منطلقًا بشكل متزايد ، قال باري إن أزمة المهاجرين في البحر المتوسط كانت ” نداءًا محتملًا للاستيقاظ ” مدعيا ومتجاهلا السياسات الإجرامية الأوربية التى تسببت فى ذلك . وعلى الرغم من هذه الأكاذيب الغربية التى تحاول ان تبعد عنه تهمة تسييد ونشر الصراع فى أن الغرب الاستعمارى هو الذى بؤجج هذه الصراعات الدموية لمصالحه الراسمالية .
وفي دراسة في استطلاع معهد الدراسات حول تطور الجهادية العالمية ، قالت عليا الإبراهيمي ، من جامعة أكسفورد ، إن ” الدعم المعنوي والسياسي الكبير ” الذي تلقاه هؤلاء مكّنهم من السيطرة على الأراضي بحجم المملكة المتحدة وقيادة ما يصل إلى 50000 مقاتل في سوريا وحدها .
ويؤكد هذا الواقع على ضعف أمتنا المتصارعة فى مواجهة تفككها ومواجهة الكيان الصهيونى الإجرامى قيام إسرائيل الذى يحقق بقوة غير مسبوقة وسط الضعف العربى وعمالة كثير من الأنظمة وخضوعها له ، إلى ” مقاربات جديدة للحرب ” ، وآليات هزيمة ذات مصداقية للمقاومين له ، لكي يتسنى له اتخاذ قرار وإنهاء حروب مستقبلية بالشروط التي تحددها سياساته المستهدفة والتاكيد على ضرورة بقاء الولايات المتحدة منخرطةً في المنطقة لكي تتمكن ، إذا ما اندلعت الحرب ، أن تضمن تمتع إسرائيل بحرية التصرّف لتحقيق أهدافها الحربية ، وبالتالي تعزيز المصالح الأمريكية في مواجهة أية نفوذ قوة معارضة ومقاومة لها في المنطقة وتقليصه .
ومع تزايد الاحتمالات بإنتشار وقوع حرب أخرى وعلى نطاق ولم يسبق له مثيل من حيث التعقيد ، وأن الحرب قد تندلع على جبهات متعددة ومتنوعة وفي أماكن قريبة وبعيدة وأن تدور بأرجاء مختلفة بأنحاء العالم ، وفي الجو ، وفي البحر ، وفي مجال التقنية و المعلومات والنطاق السيبراني ومن خلال نطاق عالمى واسع النطاق ومركب .
فهل ستوفر 2020 المزيد من الأمل فى السلم والمحبة وإنهاء العدوانية والإجرام ؟ لقد كان هذا عقدًا مضطربًا في جميع أنحاء العالم – حيث شاهد إنتشار التظاهرات الاحتجاج والتقشف والشعبية والهجرة الجماعية والموت والإقتتال والتهجير القسرى والمواجهات الشعبية مع الأنظمة الحاكمة .
عذراً التعليقات مغلقة