هل من استراتيجية أميركية جديدة في سوريا؟
- كل ما يعيشه الشعب السوري هو بسبب السياسة الأميركية التي صمتت 8 سنوات إزاء المجازر التي ارتُكبت بحق السوريين.
****
بقلم | أحمد موفق زيدان
أول ما يفاجئك وأنت تدخل سوريا المحررة هذه الأيام أنبوب صاروخ التاو المضاد للدبابات الأميركي الصنع، وقد استخدم كأنبوب صحي تحت حنفية من أجل تصريف الماء المستخدم لغسل الأيدي والوجوه.
وهي طريقة أبدع فيها السوريون في المناطق المحررة باستخدام كل ما تحت أيديهم توفيراً واقتصاداً، فكانت ثمة أساليب كثيرة واعدة لاستخدام قشور الفستق الحلبي كوقود للمدافئ، واستخدام كل ما ترميه طائرات الاحتلال الروسي من صواريخ وقنابل في الحياة اليومية.
ليتم بذلك تحويل الموت إلى حياة من جديد، وهو أسلوب جديد أبدع فيه السوريون بالمناطق المحررة، سخرية من الاحتلال والحرب، وحباً في الحياة وإصراراً على التمسك بالحرية والاستقلال.
رمزية فوارغ صاروخ التاو الأميركي في إدلب هذه الأيام هي أن المزود الأميركي لهذه الصواريخ لم يعد يشترط بعد اليوم المستخدم الأخير لهذا الصاروخ، ما دامت إدلب تُحكم اليوم واقعاً وعملياً من قِبل هيئة تحرير الشام.
ولم يعد الأميركي يشترط إعادة فوارغ هذه الصواريخ الأميركية له للتحقق من إطلاقها واستخدامها، وبالتالي فقد زادت ثقته بالمستخدم لها من الجماعات الثورية المعتدلة ضد الأهداف الاحتلالية.
بالإضافة إلى إصراره علناً ودون مواربة على دعم الثوار ضد من يعتدي على الشمال المحرر، فقد ظهر في غير مرة أن ثمة خطوط حمراء غربية وأميركية وضعت من أجل عدم اجتياح إدلب، ولذلك أسبابٌ محلها ربما مكان آخر.
أما الدليل الثاني على وجود استراتيجية أميركية جديدة في سوريا، فهو توقيع أكثر من 400 مشرّع أميركي على رسالة إلى الرئيس الأميركي دونالد ترمب، يطالبونه فيها بسياسة أميركية من أجل الضغط على روسيا وإيران وحزب الله في سوريا، بسبب الحرب التي يشنونها على الشعب السوري.
وهي رسالة ذكّرت بالسياسة الأميركية التي انتهجها الرئيس ويلسون أيام الاحتلال الفرنسي لسوريا؛ حيث كان له الدور الأكبر في إرغام فرنسا على الانسحاب من سوريا ومنح الشعب السوري حق تقرير المصير.
لا زلت أقول إن كل ما يعيشه الشعب السوري هو بسبب السياسة الأميركية التي كانت على مدى 8 سنوات صامتة تماماً إزاء المجازر التي ارتُكبت بحق السوريين.
ولو كانت هناك نية أميركية صحيحة لوقف هذه المجازر لأرغمت طاغية الشام على التنازل منذ اليوم الأول، كما أرغمت طغاة آخرين في غضون أيام، ولمنعت حلفاءه من دعمه لسنوات طويلة، وما زالوا، فضلاً عن السماح لحلفاء الثورة الحقيقيين بدعمها بسلاح نوعي لكنها لم تفعل.. التاريخ سيحكم حكماً قاسياً على أميركا…
* د. أحمد موفق زيدان كاتب صحفي وإعلامي سوري
المصدر | العرب – الدوحة
موضوعات تهمك:
عذراً التعليقات مغلقة