مع إنصرام العام المليئ بالأحداث المتعاقبة 2017، فإن أخطر ما جاء فيه برغم زخم أحداثه وسرعتها وقوتها هو الفيديو المسرب من قبل الروس عن اهانة وإذلال بشار الاسد من قبل مرافقة الرئيس الروسي بوتن على الارض السورية، ومن خلال هذا الفيديو نربط أن نربط بين كافة الأحداث المرتبطة ببعضها عضويا لنرسم صورة كاملة للعام المنصرم والأعوام القادمة.
لقد حاول رئيس النظام السوري بشار الاسد ان يمشي بجانب او خلف الرئيس الروسي فلاديمير بوتن على الارض السورية فتم منعه وقيل له “قف هنا”، “ولا تتجاوز حدودك”، فتوقف بين الحرس لا يملك من أمره شيئاً بمنتهى الأدب و المهانة ولم ينبس ببنت شفة، ونسي عنترياته على شعبة واتهامه لدول الخليج بانهم انصاف رجال، هذا هو “الزعيم الطائفي” الذي أذاق شعبه ألوان العذاب والتشريد والذل ليبقى محافظاً على كرسيه وفساد عائلته.
ولذلك وبدون مقدمات سنضع عدة مشاهد أمامنا تبدو منفصلة ظاهرياً، ولكنها مرتبطة تماماً ضمنياً:
أولاً: قامت المخابرات الروسية بتوجيه من بوتن بطلب من الكنيسة الروسية ان تعلن على لسان رئيس قسم الشؤون العامة في الكنيسة الروسية فزيفولود تشابلين،: “إن الحرب على الإرهاب معركة مقدسة، ولربما كانت بلادنا اليوم هي القوة الأكثر نشاطا في العالم في مجال الحرب على الإرهاب”.
وهو يقصد قيام الجيش الروسي بدعم المافيا الحاكمة في سوريا وتدمير المدن السورية، هو عمل حربي مقدس، ينسجم مع ممارسات محاكم التفتيش المقدسة، وبذلك يكون بوتن شيوعي المنبت والثقافة والتربية تحول بمعجزة (او قرار من الكرملين) ليكون أحد قديسي الكنيسة الارثوذكسية او ربما يسوع المنتظر! ولا نعلم ان كان سيصبح يوما مهديا ايرانيا منتظرا!!.
ثانياً: إجبار تركيا على تسليم امور سوريا الى روسيا مقابل بعض المكاسب لأمنها القومي.
ثالثاً: تقديم السعودية ما يقارب النصف ترليون (500مليار دولار) للرئيس ترمب تنفيذاً لوعده الانتخابي باجبار الخليجيين على دفع الجزية! وسط اجواء احتفالية وفرحة غامرة من قبل السعوديين وخادم الحرمين وعائلته.
رابعاً: اعلان الرئيس ترمب ان القدس عاصمة ابدية “للشعب اليهودي الزعوم” ايضا تنفيذاً لوعده الانتخابي.
خامساً: مرور مائة عام على دخول القائد الانجليزي الجنرال اللنبي الى القدس في 6 كانون الاول / ديسمبر عام 1917، حيث قال جملته المشهورة المشهورة اليوم انتهت الحروب الصليبية.
سادساً: توقيت اختيار ترمب وإدارته إعلان الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل ونقل السفارة الامريكية اليها في ذكرى مرور مئة عام على دخول الجنرال اللبني الانكليزي الى القدس بعد ان تم اخراج القوات العثمانية منها وتم الاستيلاء على فلسطين وسوريا عامي “1917، 1918” بمساعدة ما سمي وقتها “بالثورة العربية الكبرى”.
سابعاً: مرور مئة عام على وعد بلفور في الثاني من نوفمبر 1917.
ثامناً: احتفال رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي بمناسبة مرور مئة عام على صدور وعد بلفور، رغم ما سبب من تطهير عرقي وتشريد وسفك دماء شعب كامل هو الشعب الفلسطيني.
تاسعاً: إعلان بيان الرياض الصادر في ختام القمة العربية الإسلامية الأميركية، والذي ينص على تأسيس “تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي” لتحقيق “الأمن والسلم” في المنطقة والعالم، وستشارك فيه العديد من الدول التي لم تتحدد حتى الان، “المقصود اسرائيل طبعا”، تبعها ظهور حشرات ثقافية خليجية تروج للاكذوبة الاسرائيلية بحق اليهود في أرض فلسطين، على القنوات الخليجية، وتبرر لحرب الابادة ضد الفلسطينين وضد اهل الشام عامة.
الآن يمكننا أن نعود لصورة بوتن واذلاله لبشار الاسد ” الطفل المدلل لإسرائيل” هناك عدة تساؤلات يجب أن تطرح.
هل كانت هذه رسالة الى العالم والى الشعب السوري خصوصا؟ تقول انني انا الامبرطور الحاكم لسوريا؟، وان رئيسها ليس الا حاجبا افعل به وبعائلته ما يحلو لي؟، وان سوريا مستعمرة روسية؟! وهذا الفيديو نسربه لكم لتتعلموا الادب؟، أم انها رسالة للشعب الروسي ان رئيسكم هو القيصر المنتصر دوما؟، أم انها رسالة الى ارثوذوكس الشرق تقول ان بوتن هو القديس المنتظر، فاربطوا مصالحكم معي؟ أم انها رسالة للصهاينة بان حلم اسرائيل الكبرى من النيل الى الفرات قيد التحقق ولم يعد هناك في سوريا الا جرذ يأتمر بأوامرنا؟!
ان ما نقف عليه من حقائق هنا يرسم القواعد التي سيتم بناء مستقبل المنطقة عليها، هناك احداث في غاية الخطورة لابد ستحدث قريبا نتمنى ان لا تحدث، ولكن هناك قوانين تحكم الفعل التاريخي، وهذا التحليل سيتبعه استشراف للمستقبل لكي نرى مالا يراه الاخرون.