كانت السنوات العشر الماضية كفيلة بفضح المخططات التي كانت وراء نشأة التنظيمات الإرهابية وتمددها والغاية من وراء صناعتها..
أفق الاستجابة لـ«الحرب العالمية على الإرهاب» التي أعلنها الرئيس الأميركي جورج بوش الابن بعد هجمات 11 سبتمبر قد تراجع كثيرا خلال السنوات الأخيرة.
مع حرب أوكرانيا ومواجهات أمريكية صينية محتملة فملف «الإرهاب الإسلامي» وفق دوائر الاستعمار سيتراجع لتتقدّم ملفات أهم للتوظيف في السياق الجديد.
كانت الولايات المتحدة ودولة الكيان المحتلّ خاصة تطمحان إلى منع انهيار الأنظمة الدكتاتورية ونشأة أنظمة أكثر ديمقراطية قد تشكل تهديدا لدولة الاحتلال.
نجح داعش نجاحا باهرا في تحويل الثورات العربية السلمية لساحات فوضى وتفجيرات وقتل مما منح ذريعة للتدخل العسكري كما في سوريا لمحاربة الإرهاب.
* * *
بقلم: محمد هنيد
فجأة ينزل خبر مقتل زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري دون أن يحقق الرجة الإعلامية المنتظرة مثل تلك التي صاحبت مقتل الزعيم التاريخي بن لادن يوم الإثنين 12 مايو 2011 في مدينة «أبوت أباد» الباكستانية.
حاولت الصحافة العالمية النفخ في الحدث لكن التفاعل كان ضئيلا جدا وهو ما يؤشّر على أنّ أفق الاستجابة لـ«الحرب العالمية على الإرهاب» التي أعلنها الرئيس الأميركي «بوش الابن» بعد هجمات 11 سبتمبر قد تراجع كثيرا خلال السنوات الأخيرة.
لم يعد هناك شك اليوم في أنّ الحرب على الإرهاب بالمنطق الغربي كانت في الحقيقة غطاء لحرب استعمارية جديدة تسمح للولايات المتحدة خاصة بإخضاع مناطق من العالم من أفغانستان وصولا إلى العراق.
كيف نفهم إذن أن دولة مستقرّة حديثة مثل العراق تتحول انطلاقا من الغزو الأميركي إلى معقل لكل الفصائل والمليشيات المسلحة حتى يصل الأمر إلى تسببها في نشأة تنظيم داعش الإرهابي داخل أرضها قبل أن يتمدد إلى دول الجوار؟
حققت الولايات المتحدة من حربها ضد تنظيم القاعدة أهدافا عسكرية كبيرة وتحولت العراق إلى قاعدة أميركية ولا تزال كذلك لكنّ اندلاع الثورات في أواخر سنة 2010 أربك طبيعة هذه الحرب.
كانت الولايات المتحدة ودولة الكيان المحتلّ خاصة تطمحان إلى منع انهيار الأنظمة الدكتاتورية ونشأة أنظمة أكثر ديمقراطية قد تشكل تهديدا لدولة الاحتلال.
من هنا كانت فكرة التنظيمات الجهادية الجديدة التي نشأت في قلب الثورات بين سوريا والعراق قبل أن تمتد إلى ليبيا واليمن وباقي الدول العربية حيث خفت اسم القاعدة وظهر الاسم الجديد وهو تنظيم الدولة الإسلامية أو داعش.
نجح التنظيم نجاحا باهرا في تحويل الثورات العربية السلمية إلى ساحات للفوضى والتفجيرات والقتل وهو ما منح الحجة للتدخل العسكري كما حدث في سوريا تحت ذريعة محاربة الإرهاب.
في المقابل كانت السنوات العشر الماضية كفيلة بفضح المخططات التي كانت وراء نشأة هذه التنظيمات الإرهابية وتمددها والغاية من وراء صناعتها..
لكن يبدو أنّه مع حرب أوكرانيا والمواجهات المحتملة بين الولايات المتحدة والصين فإنّ ملف الإرهاب أو «الإرهاب الإسلامي» كما تسميه الدوائر الاستعمارية سيتراجع للتقدّم ملفات أخرى أكثر أهمية وقابلية للتوظيف في السياق الجديد.
* د. محمد هنيد أستاذ العلاقات الدولية بجامعة السوربون، باريس
المصدر: الوطن – الدوحة
موضوعات تهمك:
مقتل الظواهري و”ذاكرة المكان”: تصفية حساب تُجدّد مخاوف واشنطن