هل إيران متورطة في تفجير الناقلتين؟
- من المستفيد من توتير أوضاع منطقة الخليج التي غدت على صفيح ساخن؟ هل تستفيد إيران من مثل هذا الهجوم ولأي غرض؟
- هل يحفز الاعتداء على حرية الملاحة بهذه المنطقة الحيوية المجتمع الدولي لنزع فتيل أزمة دخلت مربعا لا يعرف أحد كيف سينتهي؟
- الحرب الموسعة ستعني زوال النظام الإيراني فموازين القوة بين الطرفين مختلة بشكل فادح في كل مؤشراتها لصالح أمريكا.
- الخوف الإسرائيلي ليس من القوة الإيرانية بل من تسليم أميركا بإيران كقوة إقليمية عبر اتفاق يساهم في تقوية النظام الإيراني داخليا وإقليميا.
* * *
بقلم | حسن البراري
بعيدا عن اتهام هذا الطرف أو ذلك بالضلوع بالتفجيرات التي طالت ناقلتي نفط في بحر عمان لم يتضح لغاية كتابة هذه السطور من يقف وراء الاستهداف المتكرر لناقلات النفط.
سأتوقف في هذه العجالة عند طرح سؤال حول هوية المستفيد من توتير الأوضاع في منطقة الخليج التي غدت على صفيح ساخن. فهل مثلا تستفيد إيران من مثل هذا الهجوم ولأي غرض؟
لا نذيع سراً عندما نقول بأن طهران تعاني كثيرا من جراء العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة، وربما لهذا السبب تسرع الكثير من المحللين بالربط بين معاناة النظام من العقوبات وبين رغبته في تصدير الأزمة ليضمن ألا ينفجر الوضع الداخلي.
لكن هذه الفرضية لا تصمد أمام حقائق ومنطق دينامية الصراع والبقاء في الإقليم.
الراهن أن إيران هي آخر دولة على هذه البسيطة يمكن أن تستفيد من حرب مع الولايات المتحدة، فالحرب لو جرت بشكل موسع ستعني زوال النظام الإيراني إذ أن موازين القوة بين الطرفين مختلة بشكل فادح في كل مؤشرات القوة لصالح الولايات المتحدة.
وإذا كان هذا التحليل صحيحا، وأحسبه كذلك، فكيف عندئذ يمكن للقادة الإيرانيين إصدار أوامر باستهداف ناقلات النفط وهي تعرف مسبقا أمرين: العالم أميل إلى اتهام إيران بأي عمل تخريبي بهذا المستوى، علاوة على أن من شأن ذلك منح خصوم إيران في المنطقة بالذخيرة المطلوبة لشيطنتها وربما خلق أجواء الحرب.
والقول بأن هناك متشددين داخل الإدارة الإيرانية يرون بأن المواجهة العسكرية أو التحرش بالمصالح الغربية في المنطقة يخدم إيران لا يستقيم مع حقيقة أن صناعة القرار في إيران مركزية، ولا يمكن القول بأن حسن روحاني أو علي خامنئي يمكن أن يفقدا عقليهما للوقوع في فخ التصعيد وسوء التقدير.
وهذا بدوره يقودنا إلى سؤال من هو المستفيد؟
هناك حسابات لدى عواصم في الإقليم تتمحور حول ضرورة منع أي تقارب إيراني أميركي، وتعلم هذه العواصم علم اليقين أن الرئيس ترامب لا يريد الحرب مع إيران، وكل التحشيد العسكري والتهديد اللفظي ومحاولات حشد التأييد الدولي خلف الموقف الأميركي هو بهدف حصار وردع إيران واجبارها على الاختيار بين أمرين:
– أما الجلوس إلى طاولة المفاوضات للتوصل إلى حل للملفات العالقة وعلى رأسها الملف النووي
– أو التعامل مع احتمال انفجار الوضع الداخلي تحت ضربات العقوبات الصارمة المفروضة على إيران.
العواصم ذاتها هي من عارضت الاتفاق النووي الذي وافقت عليه إدارة باراك أوباما بذريعة أن الاتفاق يساهم في تمكين إيران بدلا من لجمها، وعليه وجد نتنياهو مثلا بالرئيس ترامب الحليف الوثيق الذي يريد لجم إيران.
وعليه، من المنطقي أن تعارض تل أبيب أي محاولة للتوسط بين طهران وواشنطن، فالخوف ليس من القوة الإيرانية بقدر ما هو من تسليم أميركا بإيران كقوة إقليمية وهذا لن يتأتى إلا من خلال اتفاق يساهم في تقوية النظام الإيراني داخليا وربما إقليميا. وحتى أكون أكثر وضوحا، أقول بأن هذه العواصم تخشى من نجاح الوساطة اليابانية في التوسط بين واشنطن وطهران.
لا يمكن بطبيعة الحال اتهام أي جهة بعينها بالوقوف خلف سلسلة استهداف ناقلات النفط، فلم يزودنا أي أحد لغاية الآن بالدليل الملموس بتورط هذا الفريق أو ذاك لكن يمكن بكل سهولة تعريف هوية المستفيد من مثل هذه الأعمال.
هذا الاعتداء الصارخ على حرية الملاحة وسلامتها في هذه المنطقة الحيوية ينبغي أن يكون محفزا للمجتمع الدولي للقيام بدوره لنزع فتيل الأزمة التي يبدو أنها دخلت مربعا جديدا لا يعرف أحد كيف سينتهي.
* د. حسن البراري أستاذ العلاقات الدولية بالجامعة الأردنية
المصدر | الغد الأردنية
موضوعات تهمك:
بين طبول الحرب ولحظة المفاوضات
عذراً التعليقات مغلقة