قالت صحيفة نيويورك تايمز إن رد الرئيس السوري بشار الأسد على الاحتجاجات أحدث انقساما في أوساط طائفته العلوية، فبينما يشعر البعض بالإحباط لأن القوات الأمنية لم تسحق المعارضة، يرى آخرون أن الأسد يزج بطائفته في حرب أهلية مع المسلمين السنة.
ويتناول تقرير الصحيفة قصة العلوي الخباز جابر عبود من بانياس الذي اضطر لمغادرة الحي الذي كان يسكن فيه عندما تجاهله السكان على خلفية انتقاده العلني لفشل الأسد في إجراء تغيير حقيقي في البلاد.
وقال عبود من طرابلس في مقابلة هاتفية إن “سكان الحي ينقسم إلى نصفين، نصفهم خانعون، والنصف الآخر وحوش”، مشيرا إلى أن الذهاب إل الحي يثير الإحباط، “لأنه أشبه ببلدة أشباح حيث العناصر الأمنية في كل مكان”.
ويقول الناس أمثال عبود إنهم يشعرون بأنهم مشردون في أرض قاحلة، فبينما تقاطعهم مجتمعاتهم العلوية، ينظر إليهم الإسلاميون الذين “يطغون على المعارضة المسلحة” بعين الشك.
وتشير نيويورك تايمز إلى أن الأسد بدأ -مع بلوغ الصراع مستويات جديدة- بالتعويل كثيرا على قاعدته الدينية لنيل الدعم، ولا سيما أن القاعدة العلوية الأساسية من القوات الأمنية النخبوية ما زالت تقف إلى جانبه، فضلا عن العديد من السوريين الذين ينتمون إلى أقليات أخرى.
غير أن المقابلات التي أجرتها الصحيفة مع عدد من العلويين أشارت إلى الانشقاق حتى بين صفوفهم الداخلية، فبينما يشعر بعض العلويين بالإحباط لأن قوات الأسد لم تسحق المعارضة، يقول آخرون إن الأسد يخاطر بمستقبل العلويين ويدفعهم إلى شفير حرب أهلية مع السنة.
فالتيار الذي ينتقد ما يصفه بليونة الأسد، يقول إن والده الراحل حافظ الأسد كان سيتخلص من هذا التهديد قبل هذا الوقت.
وفي ظل استعداد مئات الشباب العلويين للموت دفاعا عن الحكومة، ترتفع أصوات أثناء تشييع الجنازات وفي أماكن أخرى تتساءل: لماذا لا تفعل الحكومة ما يكفي لحمايتنا؟
تيار معارض:
وتشير الصحيفة إلى أن الخوف من الانتقام دفع البعض من العلويين إلى التحذير من أن مستقبلهم في خطر، منهم آفاق أحمد المنشق عن فرع المخابرات بالقوات الجوية الذي بث على موقع يوتيوب نداء لمدة عشر دقائق يقول فيه إن على العلويين أن يوقفوا القتل الجماعي.
وتساءل: هل تستحق عائلة الأسد أن تتولى قيادة العلويين؟ ففي ضوء الجرائم التي ترتكب، فإننا لا نستطيع أن نبقى صامتين، علينا أن نلتزم بديننا ومبادئنا الإنسانية لأن التاريخ لا يرحم. وكان أول علوي ينضم إلى اللجنة التنفيذية للمجلس الوطني السوري الذي يعد المظلة الرئيسة للمعارضة في المنفى، في أبريل/نيسان الماضي.
وكانت هيمنة المسلمين السنة على المعارضة والخوف من الانتقام من العائلات في الداخل، أهم ما حال دون انضمام علويين آخرين إلى المعارضة، وفق تقرير نيويورك تايمز.
وفي القرى الصغيرة، يلوذ بعض العلويين المتعاطفين مع المعارضة بالصمت لأنهم قلة قليلة، فيقول الناشط العلوي في كاليفورنيا وجدي مصطفى إنهم يخشون تعرضهم للقتل من قبل طائفتهم، ويخشون أيضا البحث عن ملاذ في أوساط السنة اعتقادا منهم بأنهم قد يتعرضون للقتل أيضا.
وتشير الناشطة ريم من قرية مطلة على مدينة طرطوس إلى أنها كانت في بداية الاحتجاجات تتعرض لانتقادات من قبل سكان حيها، ولكنها لاحقا توقفت تلك الانتقادات “لأنهم بدؤوا يدركون الوجه الحقيقي للأزمة السورية، وهو أنها ثورة ضد الدكتاتورية وليس ضد النظام العلوي”.
وتصف ريم دهشة سكان حيها عندما وصفت لهم كيف يتكاتف الشباب العلويين والسنة والدروز معا في الاحتجاجات المناهضة للحكومة في دمشق.