شهد نصف الديمقراطيات في العالم تراجعاً في نظامه السياسي، الذي تفاقم في ظل حرب أوكرانيا والأزمة الاقتصادية.
ازداد عدد الديمقراطيات التي تواجه أخطر تقويض، والتي صنفها التقرير في فئة بلدان “في تراجع” من ست إلى سبع عام 2022.
“نرى الآن عوامل غير مواتية إطلاقاً للديمقراطية، زادتها حدّة تبعات الأزمة الاقتصادية الناجمة عن الوباء والعواقب الاقتصادية لحرب أوكرانيا”.
“الأنظمة الديمقراطية سجلت تدهوراً حقيقياً في العقدين الأخيرين، ويطرح ذلك مسألة ساخنة في عصرنا”، لكن هناك في المقابل بوادر تقدم.
* * *
شهد نصف الديمقراطيات في العالم تراجعاً في نظامه السياسي، الذي تفاقم في ظل حرب أوكرانيا والأزمة الاقتصادية، وفق ما كشفه تقرير نشره المعهد الدولي للديمقراطية والمساعدة الانتخابية، اليوم الأربعاء.
وقال الأمين العام للمعهد الذي يتخذ مقراً في السويد كيفن كاساس زامورا، متحدثاً لوكالة “فرانس برس”: “نرى الآن عوامل غير مؤاتية إطلاقاً للديمقراطية، زادتها حدّة تبعات الأزمة الاقتصادية الناجمة عن الوباء والعواقب الاقتصادية لحرب أوكرانيا”.
وأوضح أنّ هذا التراجع يمكن أن يظهر من خلال إعادة النظر في مصداقيّة انتخابات أو انتهاكات لدولة القانون أو فرض قيود في الفضاء المدني.
وازداد عدد الديمقراطيات التي تواجه أخطر تقويض، والتي صنفها التقرير في فئة بلدان “في تراجع” من ست إلى سبع عام 2022، مع إضافة سلفادور إليها، إلى جانب الولايات المتحدة منذ العام الماضي والبرازيل والمجر وبولندا والهند وجزيرة موريشيوس.
ورأى كيفن كاساس زامورا أنّ وضع الولايات المتحدة على قدر خاص من الخطورة، وحذر التقرير من أنّ هذا البلد يعاني مشكلات استقطاب سياسي وخللاً في عمل المؤسسات وتهديدات للحريات المدنية.
وقال الأمين العام إنه “من الواضح الآن أنّ هذه الحمى لم تنحسر مع انتخاب إدارة جديدة”، ويظهر ذلك خصوصاً في مستويات الاستقطاب الخارجة عن السيطرة ومحاولات “تقويض مصداقية نتائج الانتخابات بدون أي أدلة على وقوع عمليات تزوير”، بحسب كاساس زامورا.
وقال إنّ الولايات المتحدة قامت كذلك بـ”خطوة واضحة إلى الخلف”، على صعيد الحقوق الجنسية والإنجابية.
تصاعد النزعة الاستبدادية
ومن بين الدول الـ173 التي شملها التقرير، تسجل 52 من الديمقراطيات المدرجة فيه تراجعاً. في المقابل، اتجهت 27 دولة إلى نظام استبداديّ، ما يزيد عن ضعف الدول التي اتجهت إلى الديمقراطية.
كذلك فإن نصف الأنظمة الاستبدادية تقريباً شدد قمعه خلال العام 2022، فيما سجلت أفغانستان وبيلاروس وكمبوديا وجزر القمر ونيكاراغوا “تراجعاً معمماً”.
وبعد عشر سنوات على موجة الثورات التي عرفت بـ”الربيع العربي”، لا يزال الشرق الأوسط “المنطقة الأكثر تسلطاً في العالم”، ولا يعدّ سوى ثلاث ديمقراطيات هي العراق ولبنان، بحسب التقرير.
وفي آسيا، حيث يعيش 54% فقط من السكان في نظام ديمقراطي، تشتد النزعة الاستبدادية، فيما تبقى القارة الأفريقية “متينة” بوجه انعدام الاستقرار رغم التحديات الكثيرة التي تواجهها.
وفي أوروبا، عانى حوالى نصف الديمقراطيات؛ أي 17 دولة، من تدهور خلال السنوات الخمس الأخيرة.
وشدد التقرير على أنّ “الديمقراطيات تجهد لإيجاد توازن فعال في بيئة من انعدام الاستقرار والقلق. ولا تزال النزعة الشعبوية تنتشر في العالم فيما الابتكار والنمو في ركود أو تراجع”.
كما أشار التقرير إلى “توجهات مقلقة” حتى في الدول التي تتمتع بمستوى متوسط أو مرتفع من المعايير الديمقراطية.
وجاء في التقرير أن التقدم شهد في السنوات الخمس الأخيرة ركوداً على صعيد كلّ مؤشرات دراسات المؤسسة، لا بل عادت بعض هذه المؤشرات إلى مستويات التسعينيات.
وأوضح كاساس زامورا أنّ “الأنظمة الديمقراطية سجلت تدهوراً حقيقياً في العقدين الأخيرين، ويطرح ذلك مسألة ساخنة في عصرنا”، لكن هناك في المقابل بوادر تقدم.
ولفت التقرير على هذا الصعيد إلى أنّ بعض الشعوب تتجمع لحض حكوماتها على الاستجابة لمطالب القرن الحادي والعشرين، من المطالبة بالحقوق الإنجابية في أميركا اللاتينية، إلى حركات الاحتجاجات الشبابية من أجل المناخ في أنحاء متفرقة من العالم.
ونوّه كاساس زامورا “أيضاً بدول مثل إيران حيث خرج الناس إلى الشارع للمطالبة بالحرية والمساواة والكرامة”. وختم بأنّ “هناك بعض بصيص الأمل، لكن التوجه العام يبقى قاتماً”.
المصدر: فرانس برس
موضوعات تهمك:
الدين، العلمانية، الشعبوية، الديمقراطية والرأسمالية في السياسة الدولية