انتخابات جورجيا حملت رسالة قاتمة للجمهوريين ومؤشراً إضافياً على سرعة أفول نجم ترامب في المشهد الانتخابي بفشل مرشحه هيرشل ووكر.
باتت رئاسة بايدن محصنة ضد الشلل، والتحول إلى “بطة عرجاء” في نصفها الثاني الذي يبدأ في يناير المقبل، مع تسلّم الكونغرس الجديد مهامه.
انتخابات جورجيا نكسة أخرى للحزب الجمهوري الذي نزل بثقله وراء ووكر في ولاية تقع في عمق الجنوب المحسوب تقليدياً على خندق هذا الحزب.
* * *
مع فوز الحزب الديمقراطي في الانتخابات النهائية التي جرت أمس الثلاثاء لمقعد في مجلس الشيوخ الأميركي عن ولاية جورجيا، تكون الانتخابات النصفية لهذا العام قد انتهت بمعادلة أفضل للرئيس جو بايدن وحزبه.
في مجلس الشيوخ، أصبحت الأكثرية لـ”الحزب الديمقراطي” بصوتين (51 مقابل 49)، بدلاً من التوازن الأخير 50 – 50 مع الحزب الجمهوري.
وفي مجلس النواب، خرج “الحزب الجمهوري” بنزيف سياسي من شأنه إطاحة الأكثرية العددية (9 مقاعد)، التي حققها في الانتخابات، والتي لن تقوى في هذه الحالة على إرباك أجندة البيت الأبيض، وخصوصاً في شقها الخارجي.
وبذلك، باتت رئاسة بايدن محصنة ضد الشلل، والتحول، كما كان مرجحاً، إلى “بطة عرجاء” في النصف الثاني من ولايتها، والذي يبدأ في يناير/ كانون الثاني المقبل، مع تسلّم الكونغرس الجديد مهامه.
العكس هو المتوقع، بل المرجح، خصوصاً في ما يتصل بوضع الحزب الديمقراطي، واستعداداته لانتخابات الرئاسة في 2024، إلا إذا تطوعت إدارة بايدن أو حزبها بـ”عرقلة” الذات كما حصل أكثر من مرة في السنتين الماضيتين.
فانتخابات جورجيا انطوت على أكثر من مدلول في هذا الخصوص. حملت رسالة قاتمة للجمهوريين؛ لم تكن فقط مؤشراً إضافياً على سرعة أفول نجم الرئيس السابق دونالد ترامب في المشهد الانتخابي بفشل مرشحه هيرشل ووكر.
بل كانت أيضاً نكسة أخرى للحزب الجمهوري الذي نزل بثقله وراء ووكر وفي ولاية تقع في عمق الجنوب المحسوب تقليدياً على خندق هذا الحزب. وفي ذلك ما يعكس أزمة قيادته التي تعرف أنّ ترامب بات عبئاً على “الجمهوري”، لكنها لا تتجرأ في الوقت نفسه على الخروج الصريح من عباءته. لا هي قابلة بزعامة ترامب، ولا هي قادرة على المجيء ببديل عنه.
تكشف ذلك في الانتخابات النصفية ونتائجها، ومأزقها متجه نحو المزيد من الإرباك والتعقيد، خصوصاً في معركة الرئاسة المقبلة التي ينفتح باب الترشيح لها بعد حوالي ستة أشهر.
ترامب أعلن، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، ترشحه لانتخابات الرئاسة 2024، ووضع الحزب الجمهوري في مأزق، فالحزب ليس لديه حتى الآن، وربما حتى وقت لاحق، منافس يقوى على هزيمة الرئيس السابق في انتخابات التصفية الحزبية، أي المرحلة الانتخابية الأولى، ومن جهة أخرى يعرف أن ترامب لن يقوى على الفوز بالرئاسة.
رصيده هبط في صفوف المستقلين الذين يمسكون بمفتاح البيت الأبيض، والذين أوصلوه إليه في 2016. والانتخابات النصفية أكدت هذا الهبوط الذي عاد وانعكس اليوم في معركة جورجيا.
وقد أدت هذه النتائج إلى تعميق الانقسام داخل البيت الجمهوري، إلى حدّ أن الأغلبية التي يملكها في مجلس النواب الجديد لم تتمكن حتى اللحظة من التوافق على رئيس جديد للمجلس يحل مكان الديمقراطية نانسي بيلوسي.
المرشح الأقوى للمنصب، وهو الرقم 3 بعد الرئيس ونائبه في هرم السلطة الأميركية، كيفن مكارثي تعارضه أقلية ترامبية عاصية على مواقف ومعظم توجهات الحزب وخياراته، وبالتحديد في أمور السياسة الخارجية، وعلى رأسها حرب أوكرانيا التي يعارض هذا الجناح تمويلها وتسليحها.
ومثل هذا التمرد في مجلس النواب هو أقرب إلى الهدية التي جاءت بها الانتخابات إلى رئاسة بايدن، المرتاح وضعه في مجلس الشيوخ أكثر مما كان، خصوصاً في أمور التعيينات القضائية والدبلوماسية، والترقيات العسكرية وشؤون السياسة الخارجية، وغيرها.
وثمة همس بأن هذه المعادلة التي تمخضت عنها الانتخابات خلافاً لما كان متوقعاً، أعطت شيئاً من الزخم لمريدي تجديد رئاسة بايدن، ودفعه إلى إعلان ترشيحه إلى الرئاسة في الأشهر القليلة المقبلة.
لكن في مقابل هذا الانتعاش في صفوف المؤيدين للتجديد، هناك صمت واسع حتى الآن لدى المفاتيح والمخططين في ساحة الحزب الديمقراطي، إزاء ترشح بايدن، والذي يعكس التحفظات الكبيرة في هذا الموضوع، من باب أن السنّ لا يسمح.
وأنه لم يسبق في تاريخ الرئاسة الأميركية لابن الـ82 عاماً أن خاض معركة انتخابية، وأن هذا العامل لا بد أن يكون بنداً رئيسياً وفعالاً ضده لو قرر الرئيس دق باب الرئاسة مرة ثانية، في ضوء الصورة المغرية التي كشفت عنها انتخابات الكونغرس، والتي تعززت اليوم بفوز السناتور الديمقراطي في جورجيا رافاييل وورنوك.
المصدر: العربي الجديد
موضوعات تهمك: