نبع السلام ونعال أمي

مصطفى حاج بكري16 أكتوبر 2019آخر تحديث :
نبع السلام ونعال أمي

يحكى أن :
رجلاً كان يخدم في الشرطة أبّان الوحدة بين سوريا و مصر و قد كان حازماً جداً و ربّى أولاده على الاعتماد على النفس سلاحه الحزم والقرارات الصارمة الّتي لا جدال فيها و أدواته في تنفيذ القرارات بسيطة فبالإضافة للصوت العالي ذو النبرة الحادة هناك سلاحاً أمضى و أشدّ فعاليّة ألا و هو (شحاطته) الّتي لا تخطأ هدفها أبداُ فهي تتوجّه من يده إلى صدر الولد المخطئ مهما كان بعيداً أو بين أكتاف الفتى  الهارب من قدره و لابد له ان ينصاع لأوامر أبيه القاطعة (رجع الشحاطة ولاك) ليعود أدراجه مطأطأ الرأس ويقذف بفردة حذاء ابيه الى موقعها الذي انطلقت منه (ليستخدمها الأب المربي مرارا وتكرار عند الحاجة) سلاح الأب الرادع جعل من الأبناء رجالا يعتمد عليهم .

ما أعاد الذاكرة إلى سيرة و رواية هذا الرجل هو عبارة كتبها جندي تركي على قذيفته تقول : ” إنها لا تحيد عن هدفها مثل نعل أمي تماماً ” في إشارة إلى دقّة القذيفة الّتي صنّفها من ماركة _ شحّاطة أمي _ وربما تعكس معاناته الّتي عاشها في طفولته والإصابات الّتي ألمّت به جرّاء تلقّيه قذائف أمّه المتلاحقة كلما أذنب ذنبا أو فعل فعلة شنيعة لا تليق بنهج العائلة وفيها إساءة لسمعتها .. الحذاء الدقيق الإصابة كان سلاحا فعالا في يد رجل الشرطة السوري كما في أيدي المربية الفاضلة التي ربت جيلا من الرجال هذا الجندي أحدهم فتطوّع في جيش بلاده ليلاحق الأعداء بقذائف يشببها بنعل امه كما أوضحت العبارة التي كتبها على القذيفة التي تصيب هدفها و تربّي صاحبه إلا أنها لا تعود إلى صاحبها من قبل الضحية كما اعتاد أن يفعل أولاد رجل الشرطة السوري. ولربّما يكون هدف العمليّة التركيّة الصارمة يصبّ في هذا الإطار بالذات ألا وهو التربية ليس إلا و لعلّ الانتقادات المتلاحقة من الغرب لهذه العملية ما هو إلا خلاف بين أسلوب التربية الحديثة و القديمة (التقليدية) و من الجدير بالذكر أنّ القذائف التركية لا تسبب أذى كثيراً و هي تدخل بإطار التربية فعلاً و من مسمّى العملية نبع السلام يمكن القول أنّها ينبوع للأمان و فرصة لتكون ملاذاً لجموع السوريين المنتشرين في بقاع الأرض ريثما يتم وضع حل نهائي لبلدهم .. عملية نبع السلام وقذيفة الجندي التركي و حذاء أمّه و نعل رجل الشرطة السوري في خمسينيات القرن الماضي تتميّز بالصرامة أنجبت مهندسين و أطباء و أساتذة و جندي يدافع عن بلده و يحتضن قذيفة يأمل لها أن ترقى وتترفع عن الدمار ولا تؤذي أحدا وتكون نواة لمنطقة آمنة يعاد إعمارها بسواعد أبناء البلد يسودها العدل والكرامة والأمان وتكون منطلقا يعمم على كل أرجاء الوطن , تربي ولاتقتل  تماماً كنعل الأمهات العالق بالذاكرة يقوم من كل اعوجاج و له كل الفضل في بناء الرجال والأوطان.

3 2

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)
    الاخبار العاجلة