نزاعات طالت دول حوض النيل على مدار أعوام متتالية، وكانت المياه هي التي تتصدر المشهد، خاصة بعد خشية مصر والسودان من تأثير السد على إمداداتها من المياه، الأمر الذي قد يؤدي لموت جزء من الأراضي الزراعية الخصبة، وهو ما تنفيه إثيوبيا مؤكدة إنها لن توقع أي ضرر بهم.
ومع دخول العام الجديد 2019 ، تظل ازمة المياه قائمة وحائرة بين الوعود والكلمات، خاصة وأن أثيربيا صرحت بأن السد يخدم خطط التنمية لجميع الأطراف.
مواصفات سد النهضة
ويعتبر سد النهضة “أكبر سد في أفريقيا”عرضه 1800 متر وعمقه 170 مترا، وتكلفة المشروع تبلغ نحو 4.7 مليار دولار، وأكثر من 8500 شخص يعملون على مدار الساعة في المشروع، وتعد السعة التخزينية للسد 74 مليار متر مكعب، وهو ما يعادل تقريبا حصتي مصر والسودان السنوية من مياه النيل
كما يمكنه توليد نحو 6 آلاف ميغاوات من الطاقة الكهربائية، وهو ما يعادل 3 أمثال الطاقة الكهربائية المولدة من المحطة الكهرومائية لسد أسوان المصري.
في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 1979، كانت بوادر النزاع بين مصر وإثيوبيا عندما أعلن الرئيس المصري الراحل، أنور السادات، تحويل جزء من مياه النيل لري 35 ألف فدان بشبه جزيرة سيناء، وهو ما دفع الرئيس الإثيوبي، منجستو، آنذاك، إلى التهديد بتحويل مجرى النهر، وتم إبرام معاهدة للتسوية في عام 1986 بين مصر وإثيوبيا، على رأسها المياه، بالإضافة إلى عشرات من اتفاقيات التعاون في مجالات الثقافة والفنون والتعليم والصحة والسياحة بين البلدين.
وفي 1993تم توقيع وثيقة تفاهم بين الرئيس المصري السابق، حسني مبارك، ورئيس الوزراء الإثيوبي آنذاك، ميليس زيناوي، حول عدة مبادئ، أهمها عدم قيام أي من الدولتين بأي نشاط يتعلق بمياه النيل من شأنه إلحاق الضرر بمصالح الدولة الأخرى، ودخلت العلاقات بين البلدين مرحلة توتر شديدة إثر محاولة اغتيال مبارك في العاصمة الإثيوبية، أديس أبابا، وتبعها توقف لأعمال المجلس المصري الإثيوبي لمدة 17 سنة.
اتفاقية عنتيبي
أعلان إثيوبيا في 2001 عن نيتها إنشاء عدد من المشروعات على أنهارها الدولية، وذلك في استراتيجية وطنية للمياه كشفتها حكومتها ، وكان قد تم توقيع اتفاقية بين ست دول لحوض النيل، في عام 2010 هى إثيوبيا وأوغندا وكينيا وتنزانيا ورواندا وبوروندي، عرفت باسم عنتيبي، وقوبلت برفض شديد من مصر والسودان. وبموجب الاتفاقية، تنتهي الحصص التاريخية للأخيرتين وفقا لاتفاقيات 1929 و1959.
وكشفت وثيقة سرّبها موقع ويكيليكس في عام 2013 جاء فيها أن مبارك طلب في 26 مايو/ أيار 2010 من الخرطوم إنشاء قاعدة عسكرية تستخدمها القوات الخاصة المصرية إذا أصرت إثيوبيا على المضي قدما في بناء سد.
وفي العام ذاته انتهت الحكومة الإثيوبية من عملية مسح موقع سد النهضة، وأنتهت الحكومة الإثيوبية من تصميم السد، وأعلنت اعتزامها التنفيذ، و تدشين مشروع إنشاء سد النهضة لتوليد الطاقة الكهرومائية.
وبعد سقوط حكومة مبارك في عام 2011، أعلنت إثيوبيا أنها سوف تطلع مصر على مخططات السد لدراسة مدى تأثيره على دولتي المصب: مصر والسودان، وعقب ذلك تم تنظيم زيارات متبادلة لرئيسي وزراء البلدين لبحث الملف.
لجنة دولية تشرف على تشكيل سد النهضة
اتفقت السلطات المصرية والإثيوبية على تشكيل لجنة دولية تدرس آثار بناء سد النهض، بدأت اللجنة أعمالها بفحص الدراسات الإثيوبية الهندسية ومدى التأثير المحتمل للسد على مصر والسودان، وأصدرت لجنة الخبراء الدوليين تقريرها بضرورة إجراء دراسات تقييم لآثار السد على دولتي المصب، وقد توقفت المفاوضات بعدما رفضت مصر تشكيل لجنة فنية دون خبراء أجانب، واتفقت السلطات في مصر وإثيوبيا على استئناف المفاوضات مرة أخرى.
وفب عام 2014اتفقت السلطات المصرية والإثيوبية على تنفيذ توصيات اللجنة الدولية المشكلة في 2012 من خلال مكتب استشاري عالمي، وعقد الاجتماع الأول للجنة ثلاثية تضم مصر وإثيوبيا والسودان للتباحث حول صياغة الشروط المرجعية للجنة الفنية وقواعدها الإجرائية والاتفاق على دورية عقد الاجتماعات.
وثيقة إعلان مبادئ سد النهضة
وجاء على أثر ذلك اتفاق مصر وإثيوبيا والسودان على اختيار مكتبين استشاريين أحدهما هولندي والثاني فرنسي لعمل الدراسات المطلوبة بشأن السد، كما وقع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره السوداني عمر البشير ورئيس وزراء إثيوبيا هايلى ديسالين في العاصمة السودانية الخرطوم وثيقة “إعلان مبادئ سد النهضة”. وتضمنت الوثيقة 10 مبادئ أساسية تتسق مع القواعد العامة في مبادئ القانون الدولي الحاكمة للتعامل مع الأنهار الدولية.
وفي عام 2015انسحب المكتبان الاستشاريان لـ”عدم وجود ضمانات لإجراء الدراسات بحيادية”، وتم استئناف الاجتماعات الفنية في العاصمة المصرية القاهرة، والتي انتهت بتحديد جولة جديدة للتفاوض في الخرطوم بحضور وزراء الخارجية والمياه معا، ووقع وزراء خارجية مصر والسودان وإثيوبيا على وثيقة الخرطوم التي تضمنت التأكيد على اتفاق إعلان المبادئ الموقع من قيادات الدول الثلاث، وتضمن ذلك تكليف مكتبين فرنسيين بتنفيذ الدراسات الفنية الخاصة بالمشروع.
وفي عام 2016إثيوبيا تؤكد أنها لن تتوقف عن بناء سد النهضة، و أنها على وشك إكمال 70 في المئة من بناء السد.، والانتهاء من التقرير المبدئي حول سد النهضة، واندلاع خلاف بين الدول الثلاث على التقرير، وأخيرًا وزير الخارجية المصري يزور إثيوبيا، ويدعو لضرورة إتمام المسار الفني الخاص بدراسات السد وتأثيره على مصر.
وفي عام 2017 مصر تعلن موافقتها على التقرير المبدئي، وزار وزير الري المصري موقع السد لمتابعة الأعمال الإنشائية، وأعرب عن قلق مصر من تأخر تنفيذ الدراسات الفنية بشأن السد، وعدم التوصل لاتفاق بعد رفض إثيوبيا والسودان للتقرير المبدئي، وأعلنت الحكومة المصرية أنها ستتخذ ما يلزم لحفظ “حقوق مصر المائية”.
تحذيرات السيسي من المساس بمياه مصر
الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، حذر من المساس بحصة بلاده من المياه، ويقول “نتفهم التنمية (في إثيوبيا) وهو أمر مهم، لكن أمام التنمية هذه مياه تساوي بالنسبة لنا حياة أو موت شعب”، واقترحت مصر على إثيوبيا مشاركة البنك الدولي في أعمال اللجنة الثلاثية، التي تبحث في تأثير إنشاء سد النهضة الإثيوبي على دولتي المصب، مصر والسودان، وذلك في زيارة لوزير الخارجية المصري، سامح شكري.
وقال رئيس الوزراء الإثيوبي السابق، هايلي مريام ديسالين، إنه لن يعرض مصلحة الشعب المصري للخطر بأي شكل من الأشكال، في إشارة إلى حصة مصر من مياه النيل بعد بناء سد النهضة.
عذراً التعليقات مغلقة