موت الآخر إجرام صهيونى وأمرا إلهيا واجبا
وعلى الرغم من الخلافات والتعارضات التى قد بدت تاريخيا ظاهرة وعلانية بين الحركة الصهيونية والحاخامات اليهود وتراوح موقف كل منهما بين التأييد والمعارضة على اعتبار أن الحركة الصهيونية حركة علمانية تختص بشئون اليهود دون اعتبار للدين اليهودى والتراث الدينى وأن هناك تعارض بالتالى بينها وبين الحاخامات اليهود حيث نظر بعضهم إليها كنوع من الكفر والمخالفة لشريعة الرب ومنافية له وأنها كما ترى الأرثوذكسية اليهودية حركة مسيحانية زائفة تتحدى الإرادة الإلهية وأنها تعجل بنهاية اليهود، إلا أن العلاقة النفعية المادية بين كليهما والتى تمثلت فى إقامة الدولة وكما قال وأقر تيودور هيرتزل بأن: “الصهيونية هى العودة إلى اليهودية” ووجد كل منهما الآخر أداة لتحقيق أهدافه و تطويع كل منهما للآخر للأهداف الاستراتيجية الدينية أو الرأسمالية الاستعمارية الاستيطانية واستغلال المصطلحات الدينية من العودة والخلاص وأرض الرب لشعب الرب وأرض العسل واللبن.
لتصبح الأهداف الاستراتيجية فى كليتها وتقابل مصالحها تمثل الأصولية الصهيونية اليهودية والتى قضت باعتبار موت الآخر وأن أحكام «الهاخلاه» (القوانين الدينية اليهودية) التي تتطلب إذعاناً كاملاً للشرائع، لا ترفض مبدأ الإكراه الديني للتوصل إلى السلوك المطلوب من “الكافرين بالدين” وأن الاستيطان في فلسطين أمرا إلهيا واجبا دينيا بل وكما تعلن وثيقة الاستقلال وثيقة تأسيس الكيان الصهيونى: “نشأ الشعب اليهودي في أرض إسرائيل, وفيها أكتملت صورته الروحانية والدينية والسياسية, وفيها عاش حياة مستقلة في دولة ذات سيادة, وفيها أنتج ثرواته الثقافية والقومية والانسانية وأورث العالم أجمع كتاب الكتب الخالد، ” وأسس أبراهام إسحاق كوك (1865-1935م أول مدرسة صهيونية دينية في إسرائيل تخرج فيها آلاف من دعاة الصهيونية الدينية وعلى رأسهم زعماء حركة “غوش إيمونيم” تلك الحركة التى ترى شرعية احتلال الأراضى بناء على عهد خاص بين الرب الخالق وشعبه الأزلى المختار فى استعادة أرض الميعاد، ونشأ النظام المعروف باسم “يشيبوت هسدير” أى ربط الفكرة الإلهية بالشعور القومى ومن أجل التوفيق بين الخدمة العسكرية والدراسات الدينية، وصار للجيش حاخاماته، وأصبح النصوص والشعارات الدينية هى شعارات الحركة الصهيونية وأكد الحاخامات أن الصهيونية لايمكن أن تقوم بعيدا عن النص الدينى وكما فى وثيقة الاستقلال “كتاب الكتب الخالد”.
وكما أرجعت الحركات الإسلامية المعارضة للنظام الناصرى هزيمة 67 -وما يزالون- إلى انتقام إلهى من النظام العلمانى الكافر الذى استحق الهزيمة والقتل، أرجع حاخامات إسرائيل نصرهم إلى معجزة إلهية ونظروا إلى هذه الأرض على أنها أرض الرب المحررة ومن يفرط فيها يعد خائنا وجب قتله، وكما أعلن الحاخام العسكرى الإسرائيلى موشيه جورون أن الحروب الثلاثة التى جرت بين إسرائيل والعرب خلال السنوات 1948 و1956 و1967 هى حروب مقدسة لتحرير أرض إسرائيل واستمرار دولة إسرائيل ولتحقيق نبوءات أنبياء إسرائيل، وصارت الشرعية الأصولية الصهيونية هى حرب إلهية أبدية حتى يتم القضاء على العماليق الفلسطينيين، ولا يجوز لأى يهودى أن يفرط فى الوعد التوراتى الإلهى بتحرير أرضه من العماليق وكما عبر الحاخام زلمان ملاميد: “أنه طبقا للشريعة اليهودية: يحظر علينا أن نفرط فى السيطرة على كل أرض إسرائيل، لأننا مأمورون بوراثة هذه الأرض كلها وعدم إعطائها للغرباء”، ومن منطلق النصوص التوراتية التى تأصل تدمير الآخر وإبادته: “الرب إلهك هو العابر أمامك نارأ آكله هو يبيدهم ويزلهم أمامك فتطردهم وتهلكهم سريعا كما كلمك الرب” (سفر التثنية : 9 : 3).
واعتبر بن جوريون أن: يوشع بطل التوراة وأنه لم يكن مجرد قائد عسكرى بل كان المرشد ففعلوا فى دير ياسين وغيرها من الأماكن ما فعله يوشع بن نون من المذابح عند دخوله أرض كنعان ووفق ما وورد فى التوراة وكنصوص مقدسة ملزمة بإبادة الآخر. (المرجع: الآخر فى الفكر اليهودى الجزء الثالث : الآخر من المنظور الديتى والفلسفى).
موضوعات تهمك:
القضاء الصهيوني عدالة زائفة وإجرام
عذراً التعليقات مغلقة