من يدفع ثمن الفشل الاستخباراتي العالمي

محرر الرأي14 مارس 2019آخر تحديث :
من يدفع ثمن الفشل الاستخباراتي العالمي
تعبيرية

من يدفع ثمن الفشل الاستخباراتي العالمي

  • لا خيار أمام الغرب المصرّ على دعم الاستبداد العربي سوى القفز من سفينة الاستبداد التي شارفت على الغرق.
  • الثورة روح تسري وهذا لن يفهمه من يجمع المعلومات فقط، بل يفهمه من يحلّلها بشكل دقيق.

بقلم: أحمد موفق زيدان

في دراسة أميركية أجراها مركز زوميا للدراسات، ونشرتها «وول ستريت جورنال»، لكن لم تحظَ بالاهتمام المطلوب لأسباب مفهومة، توصلت الدراسة إلى أن مؤسس وزعيم حركة طالبان الأفغانية سابقاً الملا محمد عمر، لم يخرج من أفغانستان قط.

وإنما ظل يقيم طوال سنوات من الوجود الأميركي فيها قرب إحدى القواعد العسكرية الأميركية في الغرب الأفغاني، وهو ما يناقض الرواية الأميركية وتحديداً رواية الاستخبارات المركزية الأميركية عن وجوده في باكستان.

اقرأ/ي أيضا: في وداع الردع.. لماذا يتجه العالم للحرب بدلا من تفاديها؟

وهو ما دفعت الأخيرة ثمناً باهظاً له من تشويه السمعة داخل الدوائر الأمنية العالمية، وثمناً اقتصادياً، وتعرضها لضغوط وابتزازات كبيرة.

وكان رئيس المخابرات الأميركية الأسبق الجنرال ديفيد بترايوس قد قال في تصريح شهير ومعروف، إن الملا عمر لا يمكن له أن يكون في أفغانستان، وإلا فسيكون هدفاً سهلاً لنا!

وذهب بترايوس في رواية «جيمس بوندية» يروي تفاصيل تحركاته، ليزيد فينا عامل التشويق البوليسي فقال، إن الملا عمر يتنقل بين بلوشستان وكراتشي، وإنه تلقى العلاج في أحد مشافيها.

اقرأ/ي أيضا: محاكم التفتيش الحديثة

مثل هذا الكشف عن حقيقة كانت تشكّل حاضرنا قبل وفاته، تكشف لنا بالمقابل حجم الوهم والتضليل والتزوير الذي نعيشه اليوم، وندفع ثمنه ليتبين لنا وربما لأبنائنا أو أحفادنا بعد سنوات وربما عقود، أنها كانت مخالفة لهذا الواقع.

تكرر الحدث قبل سنوات، وهو ما تسبب في انتكاسة عالمية غير مسبوقة للمخابرات المركزية الأميركية، يوم أعلنت عن امتلاك صدام حسين لأسلحة دمار شامل، وعن علاقاته مع تنظيم القاعدة، ليثبت بطلان ذلك، لكن بعد تدمير بلد عريق وقتل مليون شخص، وكلنا يعلم الوضع الذي وصل إليه العراق اليوم بعد هذه الأباطيل والأكاذيب.

اقرأ/ي أيضا: خفايا الحملة الصليببية لترامب

الأجهزة الأمنية العالمية فشلت خلال السنوات الماضية في توقع ثورة عربية واحدة، فضلاً عن ثورات عربية وربيع عربي، وربما السبب الرئيسي وراء ذلك أنها اعتمدت خلال عقود على طرف واحد في مصادرها، وهي مصادر الحكومات التي تزين لها ما تريده، لا سيما على مستوى الاستبداد الداخلي.

وبالتالي كانت السفارات الغربية خالية تماماً إلا من أرباب الحكم والسلطة وعناصر الاستخبارات التي تقدم لها التقارير عن الواقع المسيطر عليه أمنياً، وبالتالي لا داعي للقلق من التغيير، ولا داعي للقلق من المستقبل، ومن قدرة هذه المعارضات على التغيير.

اقرأ/ي أيضا: ألم يبلغ السيل الزبى بعد؟

حصل هذا، وما يحصل اليوم أشد خطراً، فلعل الإصرار السوداني والجزائري على التغيير، وخروج المظاهرات المليونية مطالبة بالتغيير على الرغم من التخويف الرهيب الذي يحذرمن نتائج ما حصل بالشام ومصر والعراق واليمن وغيرها.

ولكن الشعوب لا تزال مصرّة، بل وما حصل أخيراً في درعا حيث لجأ بعض القادة الخونة -بدعم إماراتي وبدعم من الاحتلال- للتصالح مع العصابة الطائفية في دمشق، ولكن مع هذا ينتفض اليوم الآلاف من الأهالي ضد العصابة مطالبين بالتغيير وإسقاطها.

الثورة حالة ليست رياضيات، والثورة روح تسري، وهذا لن يفهمه من يجمع المعلومات فقط، وإنما يفهمه من يحلّلها بشكل دقيق، ومن هو قريب من الشعوب وأشواقها وحريتها، ويفهم مدى الدمار والخراب الذي ألحقه الاستبداد العربي المدعوم أجنبياً بالشعوب العربية والإنسانية.

اقرأ/ي أيضا: ربع الساعة الأخير

ليس هناك من خيار أمام الغرب الذي يصرّ على دعم الاستبداد العربي سوى القفز من سفينة الاستبداد التي شارفت على الغرق، وعلى إغراق من هو على متنها، هي أشياء لن يفهمها إلا أصحاب الحق والحرية، ومن عانى مرارة العبودية الاستبدادية.

* د. أحمد موفق زيدان كاتب صحفي وإعلامي سوري
المصدر: العرب – الدوحة

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)
    الاخبار العاجلة