أحمد شيخون
لم يتوقع الرئيس الإيراني حسن روحاني ان يتلقى ضربة قاصمة ، من “ملالي” إيران ، لمجهوداته التي يبذلها ورحلاته المكوكية إلى دول أوربا من أجل إقناعهم لاستكمال الاتفاق النووي 5+1 رغم انسحاب أمريكا، حيث كشفت وسائل الإعلام الأوربية وبالتزامن مع الزيارة التي يقوم بها في عواصم أوربية ، عن عملية إرهابية وقعت على الأراضي الفرنسية وتبناها الحرس الثوري الإيراني والمخابرات الإيرانية، والتي كان الهدف منها استهداف مؤتمر المعارضة الإيرانية “مجاهدي خلق” الذي عُقد في العاصمة الفرنسية أواخر يونية الماضي.
تفجير المعارضة
وحسبما كشفت وسائل الإعلام الأوربية، فإن إيران كان تستهدف تفجير مؤتمر “المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية” بقيادة منظمة مجاهدي خلق، والذي انعقد في باريس بحضور عشرات الآلاف من المعارضين الإيرانيين، واستطاعت المخابرات الفرنسية أن تكشف عمن يقف وراء المخطط من مخابرات الحرس الثوري الإيراني، بقيادة دبلوماسي إيراني، يعمل قنصلاً في السفارة الإيرانية بالنمسا، وهو في نفس الوقت، أحد أذرع ضباط مخابرات الحرس الثوري العاملين بالخارج، ويدير محطة المخابرات الإيرانية من فيينا.
وإضافة لهذا الشخص، كان هناك ستة أفراد آخرين ضمن الشبكة في دول أوربية هي “بلجيكا، فرنسا وألمانيا”، وتمكنت المخابرات الفرنسية من القبض عليهم بالتعاون مع الدول المعنية وهم رجل وزوجته من أصول إيرانية، يحملان الجنسية البلجيكية، وتم ضبط 500 جم متفجرات كانت بحوزتهم مع صواعق تفجير كانت ستستخدم في العملية.
للدبلوماسية وجوه إرهابية
واعتقلت السلطات الفرنسية ثلاثة أشخاص يقيمون في فرنسا، ثبت تورطهم في العملية إضافة للدبلوماسي الإيراني، والذي أشرف على تنفيذ العملية ويسمى “أسد الله أسدي” أثناء وجوده في ألمانيا للتمويه على المتعقبين له .
الأزمة التي واجهت روحاني هو كيفية إقناع الأوربيين باستئناف المفاوضات وهم ضالعين في ارتكاب جرائم إرهابية على أراضي اوربية وهو ما ترفضه جميع دول الاتحاد الأوربي.
لكن إيران سارعت، كعادتها، في نفي التهمة المنسوبة إليها واعتبرت ان هناك قوى خارجية تريد تدمير العلاقات الإيرانية الأوربية خاصة مع انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي.
الأمر أكثر إضحاكا أن الحكومة الإيرانية لم تستبعد ان يكون العملية تم تنفيذها تحت إشراف المخابرات الأمريكية لكي تفسد جو الالفة والاحترام المتبادل بين طهران والعواصم الأوربية.
ولم تستبعد طهران أيضا وجود مخطط لجهات معادية تستهدف الثورة الإسلامية والدولة الإيرانية، وانها تقف خلف هذه العمليات الإرهابية.
مجاهدي خلق
ودافعت طهران عن نفسها بالتأكيد على ان الزوجين البلجيكيين من أصول إيرانية معروفان بعلاقتهما بمنظمة مجاهدي خلق المعارضة، وإنها على استعداد لإبراز الوثائق والأدلة التي تثبت أنها غير متورطة بالعملية، لكن المخابرات البلجيكية والألمانية والفرنسية توصلوا إلى ضلوع المخابرات الإيرانية وراء الحادث الإرهابي تحت قيادة الدبلوماسي الإيراني الذي يعمل أصلا ضمن فريق المخابرات، لكن الظاهر للجميع أنه يعمل في حقل لا يتبع المخابرات بعيدا عن كل الأنظار.
الأزمة الفعلية التي يعاني منها الرئيس الإيراني حسن روحاني هو فشهل التام في اقناع الأوربيين بحُسن نواياه وأن بلاده تسعى لإتمام الاتفاق النووي في الوقت الذي مُلات سجلات إيران بالكثير من الجرائم الإرهابية تحت قيادة نظام الملالي الحاكم في البلاد
ووفق دراسة لمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، أشارت إلى إحباط 30 مؤامرة إرهابية لحزب الله اللبناني وفيلق القدس خلال عامي 2011-2012، بينما نجح الحرس الثوري في تنفيذ العديد من الاغتيالات لرموز المعارضة الإيرانية، من بينهم “عبدا لرحمن جاسيملو” زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني في إيران، الذي اغتيل في فيينا، وتم إلقاء القبض على منفذي الاغتيال وكان أحدهم يحمل جواز سفر دبلوماسي إيراني عام 1989.
ولم تسلم ألمانيا من العلميات الإرهابية على اراضيها، ففي العام 1992، تم اغتيال أربعة أكراد إيرانيين من معارضي النظام، لتصدر محكمة ألمانية مذكرة باعتقال وتوقيف وزير المخابرات الإيرانية وقتها ” علي فلاحيان” لثبوت ضلوعه وتورطه في العملية وإصداره أوامر الاغتيال.
راعية الأرهاب
لكن الشيء اللافت للنظر هو توقيت العملية والإعلان عنها، مع زيارة روحاني الى أوروبا لإقناع الأوروبيين بضرورة إنقاذ الاتفاق النووي، بعد انسحاب أمريكا منه، وهو ما يشير لعدة احتمالات أولها يكون الإعلان عن العملية مقصود من قبل الحرس الثوري الإيراني بهدف إفشال الزيارة، وإحراج روحاني امام الشعب الإيراني الذي يعيش أبشع سنواته من الذل والانكسار والفقر المدقع إضافة للتأكيد على ان روحاني لا يعرف شيئاً عن تنظيم الحرس الثوري وليس له ولاية عليه من الأساس
وثاني الاحتمالات هو كشف خيبة الأمل التي ظهرت داخل أوساط أوروبية التي كانت تُراهن على إمكانية احتواء إيران، وإحداث تغييرات في النظام السياسي الإيراني تجعل منه نظاما مقبولا دوليا، وتدمير كافة الوسائل التي كانت تتبعها الدول الأوربية لتخدير شعوبها وتبرير الإرهاب الإيراني من أجل تحقيق مكاسب اقتصادية، مع الرشوة الإيرانية المتمثلة في تقديم حوافز اقتصادية مغرية لأوروبا مقابل مساندتها اوربياً والوقوف في وجه التشدد الأمريكي ضد طهران ، مع إمكانية غض الطرف عن إرهاب إيران وتجارة أدواتها وعملائها بالمخدرات وغسيل العملات والأسلحة لتصل أوربا إلى حقيقة واحدة هي ان ” ملالي ” إيران هم رأس كل فتنة في العالم.
أقرا/ي أيضا