ملاحظات على قرارات المجلس المركزي
- منظمة التحرير لم تعد تمثل الشعب الفلسطيني منذ اعترافها بالكيان الصهيوني عام 1988 ومجالسها غير شرعية.
- هل يعي المجلس أزماتنا وأثرها الكارثي على القضية والنسيج الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والأمني والقانوني؟
بقلم: عبد الستار قاسم
خرج المجلس المركزي الفلسطيني بعدد من القرارات، وهنا ملاحظات حولها:
أولا: المجلس المركزي هذا الذي انعقد في رام الله غير شرعي وهو لا يمثل الشعب الفلسطيني، كما أن منظمة التحرير لم تعد تمثل الشعب الفلسطيني ومنذ أن اعترفت بالكيان الصهيوني عام 1988. كما أن مجالس منظمة التحرير جميعها غير شرعية بسبب مخالفتها للوائحها الداخلية، وبسبب انتهاكها للقوانين الفلسطينية وعلى رأسها القانون الثوري لمنظمة التحرير الفلسطينية الأصلية.
واجتماعات المجالس الفلسطينية من شأنها تعميق الانقسامات والخلافات وإشاعة المزيد من الفتن الداخلية لأنها تتم بدون توافق وطني فلسطيني. هم جميعا يديرون ظهورهم للشعب وفصائله وأحزابه، وفي هذا إضعاف خطير للشعب وقدراته على المواجهة والمقاومة.
ثانيا: العديد من قرارات المجلس المركزي الفلسطيني غير الشرعي مكررة مثل وقف التنسيق الأمني وتجميد الاعتراف بالكيان الصهيوني. وهي قرارات لم ينفذها عباس وضرب بها عرض الحائط. كان الأولى بالمجلس المركزي أن يقيل عباس بسبب عدم تنفيذه لقرارات مجلس له صلاحيات أعلى من صلاحيات رئيس المنظمة. لكن المجلس نفسه غارق بانتهاك الصلاحيات كما رئيس المنظمة. والاثنان غير شرعيين.
ثالثا: تخلو قرارات المجلس من آليات التنفيذ الخاصة ببعض القرارات التي تتطلب إجراءات ميدانية. فمثلا ما هو المعنى الميداني لتجميد أو تعليق الاعتراف بالكيان الصهيوني؟ كيف سيلمس الفلسطيني هذا التجميد أو التعليق على أرض الواقع؟ ما هي الإجراءات، وما هي أدوات التنفيذ؟
تعليق الاعتراف لا معنى له، والمطلوب إلغاء الاعترااف بالكيان الصهيوني ووقف كل نشاطات التطبيع معه، والتنسيقين الأمني والمدني، وتغيير بطاقات الهوية وجوازات السفر لكي تخلو من الرقم الصهيوني. إلا إذا كان المقصود فقط تعليق الاعتراف على حبل غسيل.
رابعا: تحتوي القرارات على الكثير من التثمين، وهذا غير ضروري لأنه لا معنى لصدوره عن إطار يقول عن نفسه إنه تشريعي على مستوى المنظمة وليس السلطة.
خامسا: يؤكد المجلس على المقاومة الشعبية، لكن لم يعرف لنا معنى المقاومة الشعبية، ولم يوضح عناصرها، ولم يوضح التزامات السلطة والمنظمة والفصائل والأشخاص في هذه المسألة. ما هو المطلوب من جمهور الناس لكي تتحقق مقاومة شعبية؟ وهل يعي المجلس فعلا معنى المقاومة الشعبية؟ هناك عناصر عديدة لتحقيق المقاومة الشعبية، وتنفيذها يتطلب تضافر الجهود وتلاحم الشعب وصلابة القيادة، ويتطلب السهر ووصل الليل بالنهار.
سادسا: يلقي المجلس مسؤولية تنفيذ بعض القرارات على كاهل عباس، وعباس حقيقة لا يملك القدرات ولا المؤهلات المعرفية لقيادة شعب، وقد ثبت ذلك من خلال فشله في الكثير من الأمور وعلى رأسها رأب الصدع الداخلي الفلسطيني وتحقيق وحدة وطنية، والأخذ بيد مجلس تشريعي يحقق للشعب ما يرمي إليه من استقرار قانوني وأمني. لا يوجد في هذا العالم من يعطل المجلس التشريعي المنتخب سوى عباس.
سابعا: لم يلمس المجلس في قراراته على ما هو أخطر من الاحتلال وهو الأزمات التي يعاني منها المجتمع الفلسطيني وعلى رأسها أزمة الشرعية وأزمة الهوية وأزمة التوزيع. وواضح أن المجلس لا يعرف بأهمية البناء المجتمعي والإنساني.
علما أن الشعب لن يتمكن من مواجهة التحديات بهذا التفكك الاجتماعي والانحدار الأخلاقي والآفات الاجتماعية التي تستفحل يوما بعد يوم. المجتمع مفكك، والثقافة الوطنية متراجعة بصورة خطيرة جدا، والاقتتال الداخلي بين العائلات والأشخاص يزداد ويسقط بسببه القتلى.
نسبة الطلاق ترتفع على الدوام، زراعة الحشيش منتشرة، ويزداد عدد الذين يتعاطون المخدرات، وظاهرة الزعران والبلطجية ما زالت موجودة وتسبب أذى كبيرا للناس، وهناك عمليا قتل في مختلف أنحاء الديار المحتلة/67، ومقاييس العمل الجماعي تتراجع، والتعاون المتبادل بين الناس في أسوأ حالاته.
والتعليم يتدهور في المدارس والجامعات، والاحترام بين الناس ينخفض بخاصة بين فئة الشباب الذين يزدادون صلافة ووقاحة مع الزمن، والوساطات والمحسوبيات ما زالت تنخر عظام المجتمع ولا صاد لها.
هذه كلها وغيرها تفرح الاحتلال وتجعله على يقين بأن الشعب غير الموحد والواقع تحت رحى الفساد والإفساد لا قدرة له على مواجهة التحديات.
هل يعي المجلس المركزي مدى خطورة هذه الأمور، وأثرها الكارثي على القضية الفلسطينية والنسيج المجتمعي والاقتصادي والسياسي والأمني والقانوني؟ واضح أن لا علاقة للمجلس بهذه الأمور لأنه لم يذكرها.
* د. عبد الستار قاسم أستاذ العلوم السياسية بجامعة النجاح الوطنية
المصدر: رأي اليوم