مصطفى حاج بكري – فنان مبدع كرس حياته وفنه للثورة
فنان اتخذ من الثورة روحا لفنه، قضى حياته قبلها مبدعا بين التخطيط والرسم واحتراف الإعلان.
الثورة روح تنبض في رسوماته وتجعل من الورق لسانا ناطقا أبلغ من الكلام.
“مصطفى حاج بكري” ثائر منذ أن عرف الوعي طريقه إليه، كان له نشاط سياسي قبل الثورة فهو من المائة الأوائل الموقعين على بيان المطالبة بالحرية والديمقراطية وتداول السلطة في بداية حكم المجرم بشار الأسد.
اعتقل في نهاية عام 2011 مع ابنته الوحيدة، خرج من سجنه في منتصف الشهر الثالث واكتشف أن الثورة التي يحلم بها قد انطلقت وأسقطت عدة حكام عرب.
ذلك الرجل الخمسيني الذي بدأ حياته بدراسة الفنون الجميلة بعد أن بدأ نبوغه في الرسم والتخطيط منذ نعومة أظفاره.
احترف العمل الفني وافتتح مكتبا فنيا في محافظة اللاذقية، بعد أن ترك العمل الوظيفي الذي كان يحد من طاقاته الخلاقة.
لم يكن له حظ من الشهرة لأنه كان لا يسعى إليها على حساب الجودة الفنية، لا يعتبر الفن وسيلة للعيش وإنما هو تعبير عن الروح ورسالة إلى الإنسانية، تسمو بها وتعلوا لترتقي خلقا وعلما وسعة أفق.
مع بداية الثورة ترك مدينة اللاذقية والتحق بريفها المحرر في قرية الكندّة حيث منزله القروي الجميل.
وهناك حيث الطبيعة الخلابة تفرغ بروحه وقلمه وريشته إلى الفن الثوري الخلاق.
بدأ بتعليم الطلاب الصغار الرسم، كتب على الجدران بفرشاته وخطه الرائع يسقط الأسد وحرية للأبد والثورة منتصرة مادام هناك بشر يطمحون إليها.
رسم على الجدران رجال يناضلون من أجل الحرية وصبية يحملون الأعلام الثورية، خط بفرشاته علما وأدبا وأخلاقا على الجدران لتكون منارة للأطفال، رسم أحلام الطفولة.
تعرض لمضايقات عديدة، فبعد كل تعب يضنيه كان يأتي من يلطخ رسومه ويصفها بالرسوم الكافرة الحرام، كانت قوى الظلام تحاول أن تطمس أفكاره الثورية، وتضع مكانها عبارات ظلامية تجهيلية.
لم يكن لييأس فيعود مرارا وتكرارا لينقش الحرية والجمال والأخلاق على القلوب قبل الأشياء الجامدة.
كانت الصبية ماتزال تتراكض حوله تساعده، تطلب منه أن يرسم لها أفكارها، وكان يلبيها ويشبع رغباتهم بتجسيد طاقاتهم الخلاقة رسما ونقشا لينمي فيهم روح الحرية والانطلاق.
كان لرسم الكاريكاتير مساحة من فنه، وكان ومازال الفنان “علي فرزات” قدوته وهاجسه، ومع كل رسمة يخطها قلمه وريشته يسأل نفسه أين أنا من فرزات.
ومايزال يرسم ويتخيل نفسه فرزات، ويسألها هل نجحت في رسمي، هل أبدعت هل جسّدت الفكرة، هل ستصل إلى من يشاهدها؟
كانت كاريكاتير الجزار بشار الأسد بأذنيه الطويلتين ورقبته الزرافية من بنات أفكاره.
قال عنها له أذنين يسمع بهما في الجهة التي يوجهها إليه، وتصلح لأن تكون مروحتا فيل لتخفيف الحرارة، ولا تنفع في سماع صوت الحق والحرية.
وجاءت رقبته الطويلة بعد أن شاهده على منبر مجلس الشعب يحركها في كل الاتجاهات التي يأتي منها صوت مديحه.
مصطفى قصة إبداع، تتكلم صوره ورسومه التعبيرية عنه أكثر مما تستطيع الأقلام أن تكتب.
مصطفى لم يسع لأن يتكسب المال بفنه، ولكنه مع ذلك لم يجد مساحة في أي مكان لنشر أفكاره ورسوماته، ويعلل ذلك بحسب رأيه الشخصي “إن رسمه وفنه ثوري أكثر من المطلوب وأكبر من أن تستوعبه الجهات الداعمة للإعلام”.
شكرا لموقع الساعة 25 … شكرا طارق على هذه الإضاءة التي خصصتني بها … ذكرتني بقضية طمس الرسومات التي زينا بها جدران ريف اللاذقية المحرر ان هذا الموضوع بحد ذاته يحتاج الى ثورة فقد كان أعداء الجمال والفرح يلاحقون فريقنا “لعيونك ياثورة” أينما حط رحاله ليطمسوا مانكتبه تارة ومانرسمه تارة أخرى بحجة أن الرسم حرام وخاصة ان كانت الرسومات تحوي مخلوقات ذات روح.. عرفنا لاحقا أن الكلمة والتعبير عن الرأي هو الهدف الأوحد لنظام الطاغية وقد جند خفافيش الظلام في المناطق المحررة لهذه الغاية وذاك الهدف.
صدقت استاذ مصطفى وتشرفنا ونشر رسومك الرائعة، وننتظر منك الكثير على المستوى الابداعي