تعتزم مصر الامتناع عن التصويت على مشروع قرار من المقرر التصويت عليه اليوم، الثلاثاء، في مجلس الأمن بنيويورك، يهدف إلى منع النظام السوري من الحصول على
مروحيات، ويفرض عقوبات على مسؤولين ومؤسسات لتورطهم في استخدام الأسلحة الكيماوية ضد المدنيين، وذلك وفقًا لمصدرين مصريين حكوميين في القاهرة على اطلاع وثيق على الملف.
وقال أحد المصدرين المصريين إن القاهرة ترى أن امتناع مصر عن التصويت على القرار الغربي لن يمثل مشكلة أو يثير جدلًا هذه المرة، «نظرًا لأن الروس سيستخدمون الفيتو في كل الأحوال، وبالتالي فصدور القرار غير مرجح من الأصل بصرف النظر عن الموقف المصري».
لكن المصدرين المصريين أكدا أن القاهرة قررت عدم دعم مشروع القرار في جلسة اليوم -بشكل منفصل عن الموقف الروسي- بسبب عناصر في المشروع «ترفضها مصر من حيث المبدأ»، حدداها في كون المشروع يشمل عددًا كبيرًا من المسؤولين «بصورة غير مسبوقة» ودون أن يتم التوافق بين الدول الأعضاء في المجلس على تلك القائمة، «وهي نقلة نوعية في نظام العقوبات لا ترغب مصر في دعمها»، بحسب أحدهما.
كان نائب المندوب الروسي الدائم بالأمم المتحدة فلاديمير سافرونكوف قد أعلن في تصريحات للصحفيين، الجمعة الماضية، أن موسكو ستستخدم حق الفيتو لمنع إصدار القرار في حال حصوله على الأصوات التسعة المطلوبة للموافقة عليه. كما أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مؤتمر صحفي عقده صباح اليوم أن بلاده «لن تدعم أي عقوبات جديدة ضد القيادة السورية»، مضيفًا أن مشروع القرار الأممي «غير لائق بالمرة… سيقوض الثقة في عملية التفاوض».
ويهدف مشروع القرار -المقدم من كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا- إلى إنشاء نظام للعقوبات على النظام السوري للمرة الأولى منذ بدء الحرب، على أن تطبق تلك العقوبات على كبار الضباط العسكريين والأمنيين السوريين الذين ثبت تورطهم في وقائع استخدام الأسلحة الكيماوية المحظورة، وفقًا لآلية التحقيق المشتركة بين الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية.
وطرحت بريطانيا وفرنسا مسودة أولى للقرار في منتصف ديسمبر الماضي، وعقدت بعثتا الدولتين عدة جولات للتفاوض على نص المشروع بين أعضاء مجلس الأمن الدائمين والمنتخبين، قبل أن تنضم الولايات المتحدة إلى الدول الراعية للقرار الذي أودعت مسودته النهائية لدى المجلس الجمعة الماضية.
ويتضمن مشروع القرار المطروح للتصويت اليوم ملحقًا يشمل أسماء 11 ضابطًا سوريًا وعشر مؤسسات تابعة للقوات المسلحة السورية، ثبت تورطهم في استخدام وإنتاج الأسلحة الكيماوية. وكانت آلية التحقيق المشتركة (المنشأة عام 2015) قد انتهت لثبوت تورط النظام السوري في استخدام غاز الكلور المحرم بحق الشعب السوري في ثلاث حالات على الأقل في محافظة إدلب: قرية تلمنس في 21 أبريل 2014، وقرية قميناس في 16 مارس 2015، وقري سرمين في 16 مارس 2015؛ فيما توصلت اللجنة إلى أن تنظيم «داعش» قد استخدم غاز الخردل في حالة واحدة ضد المدنيين في قرية مارع، شماليّ حلب في 21 أغسطس 2015. ويحظر مشروع القرار بيع وتوريد المروحيات للحكومة السورية، بعد أن ثبت استخدامها من قبل النظام في إلقاء البراميل الحارقة المحملة بغاز الكلور على المدنيين.
وتعرضت سياسة مصر الخارجية لانتقادات عربية وغربية علنية ونادرة في أكتوبر الماضي حين صوتت البعثة المصرية لصالح مشروعي قرارين متناقضين بشأن سوريا، أحدهما فرنسي (بمشاركة إسبانيا) حظي بتأييد غربي تركي خليجي، ولكنه سقط بسبب استخدام روسيا لحق النقض (الفيتو)، والآخر روسي تم تقديمه في مواجهة المشروع الفرنسي وعارضته الدول الغربية والخليجية بشدة، وفي مقدمتها السعودية. وأدان مسؤولون سعوديون الموقف المصري وقتها للمرة الأولى، لتخرج الخلافات المصرية- السعودية إلى العلن في أزمة ما زالت مستمرة حتى الآن.
وانتخبت مصر لعضوية غير دائمة بمجلس الأمن لتشغل المقعد العربي الوحيد بين أعضائه الخمسة عشر لمدة عامين ينتهيان في ديسمبر المقبل.
مدى مصر